..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Emptyأمس في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 23

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2  ـ 23 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 23

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 13:46

    الجزء 23
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2

    “ 334 “
    الأسود بن عامر من بني عامر بن لؤي فعقد له ، وأوصاهم وبعثهم ، كما ذكرنا في كتابنا هذا .
    كريم أخلاق دليل على طيب أعراق
    روينا من حديث المالكي قال : حدثنا محمد بن عبد العزيز ، نبأ المضاء بن الجدود ، عن محمد بن عبد اللّه القرشي ، عن أبيه ، قال أبو الدرداء :
    ما من رجل من المسلمين إذا أصبح إلا اجتمع هواه وعمله ، فإن كان هواه تابعا لعمله فيومه صالح ، وإن كان عمله تابعا لهواه فيومه يوم شر .
    من عمل على قوله صلى اللّه عليه وسلم
    " كل أمر لا يبدأ فيه بذكر اللّه فهو أجذم " .
    روينا من حديث الدينوري ، نبأ محمد بن موسى ، عن أبيه قال : سمعت الأصمعي يقول : قال حميد الطويل :
    ما سايرت ثابتا البناني في حاجة قط إلا كان أول ما يبدأ به : سبحان اللّه ، والحمد للّه ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، ثم يذكر حاجته .

    ومن حديثه أيضا ، عن يزيد بن إسماعيل ، عن قبيصة ، عن سفيان الثوري ، أن جعفر بن محمد قال :
    إذا جاءك ما تحبّ فأكثر من الحمد للّه ، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا باللّه ، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار . قال سفيان : فانتفعت بهذه المواعظ .
    أما مسلم بن الحجاج فذكر في صحيحه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقول في السرّاء : « الحمد للّه المنعم المتفضل » ، وكان يقول في الضرّاء : « الحمد للّه على كل حال »

    من راقب اللّه في حال القضاء حذرا من سوء القضاء
    روينا من حديث ابن مروان ، عن علي بن الحسين بن عبد العزيز ، عن ابن عائشة قال :
    نظر شريح إلى رجل يقوم على رأسه وهو يضحك ، وشريح في مجلس القضاء ، فقال : لم تضحك وأنت تراني أتقلّب بين الجنّة والنار ؟

    “ 335 “
    وصية عليّ بن عبيد للمأمون في الحسد
    داو الحسد إذا وجدت حسّه بقمعه بالتوبيخ وصغّر قدر من عرفته به ، فإنه لا يدفع النعمة عن المحسود ولا تصل إليك ولو زالت عنه .
    وعلى كل مخلوق نعمة وإن خفيت عليك ، والنّعم أنواع وضروب ، ما يبلي اللّه في النفس من السلامة ويهب من العافية في الجوارح أفضل من عرض الدنيا ، وربّ حاسد لمن هو في أعظم من نعمته التي حسده عليها ، فلو شغل بشكر ما أعطى كان أجدى عليه في المزيد .
    وفي الحسد اثنتان : كمد يثلم القلب وكدر يحدث في العيش . ورأيت البغي من جهل المعرفة لسرعة نصر اللّه لمن بغى عليه ، وهو من فروع الحسد . وإياك أن تضيفه قلبك ليلة أو تقيم له يوما واحدا ، فإن صرعة صاحبه لا تقال ، وكاد يكون بمعزل من حفظ اللّه وغير مصاحب بالصّنع .موعظة لبعض الأعراب بما تؤول إليه الدنيا من الخراب

    روينا من حديث الخرائطي قال : حدثنا إبراهيم بن الجنيد ، نبأ محمد بن الحسين ، سمعت الأصمعي يقول :
    سمعت أعرابيا يذكر قوما تغيّرت أحوالهم وتبدّد شملهم يقول : نزلت دورهم العبرة بعد الحبرة ، وأيام السرور فتنة الأحزان .
    ثم قال :
    وأنشدني أبو محمد المريمي :
    إن عيشا إلى الفناء مصيره * لحقيق أن لا يدوم سروره
    وسرور يكون آخره المو * ت سواء طويله وقصيره

    حكمة ممن جعل حسن الصورة نعمة
    روينا من حديث الأصمعي قال : قال بعضهم : التمس حوائجك من صباح الوجوه ، فإنّ حسن الصورة أول نعمة تلقاك من الرجل .
    روينا من حديث المالكي ، عن إبراهيم الحربي ، قال : نبأ داود بن رشيد قال : كان يقول : عنوان صحيفة المسلم حسن خلقه .
    قال المالكي : وحدثنا عبد الرحمن بن معروف ، عن داود بن مجبر قال : قال بعض الحكماء : صدرك أوسع سرّك ، فإنّ سرّك من دمك . من صحّت ديانته تمت مروءته ، لأن الديانة تصده عن المحارم وتحثه على المكارم . من الكرم حسن العفو عن سهو الذنوب ،

    “ 336 “
    وترك البحث عن سوء العيوب . الفعل نتيجة العقل ، والعقل نتيجة الشرف . كن بعيد الهمم إذا طبت كريم الظفر إذا غلبت ، جميل العفو إذا قدرت ، كثير الشكر إذا ظهرت . إن من الشريعة أن تبجل أهل الشريعة ، ومن الصنيعة أن ترب أهل الصنيعة .

    لا يزهدنك في رجل حمدت سيرته ، وارتضيت وثيرته ، وعرفت فضيلته ، وبينت عقله عيب خفي يحيط به كثرة فضائله ، أو ذنب صغير تستغفر له قوة وسائله ، فإنك لن تجد ما بقيت مهذبا لا يكون فيه عيب ، ولا يقع منه ذنب . واعتبر بنفسك بعد أن لا تراها بعين الرضا .

    ولا تجر فيها على حكم الهوى ، فإن في اعتبارك بها واختيارك لها ما يرشدك لما تطلب .
    أحسن رعاية الحرمات وأقبل على أهل البيوتات ، فإن رعاية الحرمة تدل على كرم الشيمة ، والإقبال على ذوي المروءة يعرب عن شرف الهمة .

    أحسن إلى من كان له قدم في الأصل وسابقة في الفضل ، ولا يزهدنك فيه سوء إدبار الدولة عنه فإنك لا تخلو في اصطناعك له وإحسانك إليه من نفس حرة تملك رقها ومكرمة توفي حقها ، فإن الدنيا تجبر كما تكسر وتقبل كما تدبر .
    من زرع خيرا حصد أجرا ، ومن اصطنع أجرا استفاد شكرا .
    من شرائط المروءة أن تتعفف عن الحرام وتتنظف من الآثام وتنصف في الحكم وتكف عن الظلم ، ولا تؤثر دنيا على شريف ، ولا تسن ما يعقب الوزر والإثم ، ولا تفعل ما يقبح الذكر والاسم .

    وروينا من حديث ابن ثابت قال : نبأ أبو بكر أحمد بن محمد بن جعفر الأخرم ، أنا أبو علي عيسى بن أحمد بن محمد الطوماري ، نبأ محمد بن يونس ، نبأ عبد اللّه بن داود التمار ، نبأ إسماعيل بن عباس ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن أبي أمامة قال :

    قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « عليكم بلباس الصوف تعرفون به في الآخرة ، وإن لباس الصوف يورث في القلب التفكر ، والتفكر يورث الحكمة ، والحكمة تجري في الجوف مجرى الدم . فمن كثر تفكره قل طمعه وكلّ لسانه ، ومن قلّ تفكّره كثر طمعه وعظم بدنه وقسا قلبه ، والقلب القاسي بعيد من اللّه ، بعيد من الجنة ، قريب من النار » .

    ما روينا من حديثه أيضا قال : نبأ محمد بن الحسين بن أحمد الأهوازي قال :
    سمعت أبا بكر الدنف الصوفي يقول :
    سمعت جامع بن أحمد يقول : سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول : ليكن بيتك الخلوة ، وطعامك الجوع ، وحديثك المناجاة . فإما أن تموت بدائك ، أو تصل إلى دوائك .

    موعظة مالك بن دينار لوالي البصرة
    من حديث ابن ثابت قال : حدثنا علي بن المظفر الأصفهاني ، انا حبيب بن الحسين ،

    “ 337 “
    نبأ محمد بن أحمد السطوني ، عن حسن بن جعفر بن سليمان الضبعي ، عن أبي جعفر بن سليمان قال :

    مرّ والي البصرة بمالك بن دينار يرفل ، فصاح به مالك : مرّ وأقلّ من مشيتك هذه .
    فهمّ خدمه به ، فقال : دعوه ، ثم قال له : ما أراك تعرفني ؟
    فقال له مالك : ومن أعرف بك مني ؟ أما أوّلك نطفة مذرة ، وأما آخرك فجيفة قذرة ، ثم أنت بينهما حامل العذرة . فعرف الوالي صحة ما قاله وأن وضع القول موضعه ، فاستحى ونكس رأسه وانصرف .

    ومما قيل في باب النسيب :
    يا من شكا ألما في الحبّ شبّهه * في القلب بالنار من شوق وتذكار
    إني أعظّم ما بي أن أشبّهه * بما يقاس إلى مثل ومقدار
    للحبّ نار على قلبي مضرّمة * لا تبلغ النار منها عشر معشار

    وقال الآخر في معناه :
    يحنّ إليّ من بالعقيقين قلبه * حنينا يبكّي الورق في غصن السدر
    تنفست لما باح قلبي بذكره * فأمسكت من خوف الحريق على صدري
    وو اللّه لو فاضت على الصدر عبرتي * لأحرق أدنى حرّها لهب الجمر

    ولنا في هذا المعنى من قصيدة :
    لو نفس من هواي هو على * جمر لظى أحرقته أنفاسي
    ولو تجارت للحبّ خيل هوى * فازت به في السّبق أفراسي

    وقال الصنوبري :

    دخول النار للمهجور خير * من الهجر الذي هن يتّقيه
    لأن دخوله في النار أدنى * عذابا من دخول النار فيه


    وقال الآخر :
    لو كان قلبي من نار لأحرقه * لأن أحزانه أزكى من النار
    الماء ينبع منها في محاجرها * يا للرجال لماء فاض من نار

    وقال الآخر :
    للشوق في مضمر الأحشاء ناران * وللمدامع في خدّيّ خدّان
    نار تضرّم أحشائي بلوعتها * ونار شوق تفيض الدمع من شان
    فالقلب في حرق الأحشاء محترق * فناظري غرق في ماء أجفاني

    “ 338 “
    فمن رأى الماء للنيران مقترنا * تمازجا وهما في الأصل ضدان
    حديث أبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه مع الصحابة وما قالوا له حين حدّث نفسه بغزو الروم

    روينا من حديث الرملي قال : نبأ الحسن بن زيد الرملي ، نبأ محمد بن عبد اللّه الأزدي البصري ، قال : لما دوح اللّه العرب ، وانتهت الفتوح من كل وجه إلى أبي بكر ، واطمأنت العرب بالإسلام ، وأذعنت به ، واجتمعت عليه ، حدّث أبو بكر نفسه بغزو الروم ، فأسرّ ذلك في نفسه ، فلم يطلع عليه أحدا .
    فبينما هو في ذلك إذ جاءه شرحبيل ابن حسنة فقال : يا خليفة رسول اللّه ، أتحدّث نفسك أن تبعث إلى الشام جندا ؟
    فقال : نعم ، قد حدّثت نفسي بذلك وما أطلعت عليه أحدا ، وما سألتني عنه إلا لشيء عندك . فقال : أجل ، إني رأيت فيما يرى النائم كأنك في ناس من المسلمين فوق جبل ، فأقبلت تمشي معهم حتى صعدت على قبّة عالية على الجبل ، فأشرفت على أناس ، ومعك أصحابك أولئك ، ثم هبطت من تلك القبة إلى أرض سهل دمثة ، فيها القرى والعيون والزرع والحصون ،

    فقلت :
    يا معشر المسلمين ، شنّوا الغارات على المشركين ، فأنا ضامن لكم الفتح والغنيمة . وأنا فيهم ، ومعي راية ، فتوجهت إلى قرية فدخلتها ، فسألوني الأمان ، فأمّنتهم ، ثم جئت فوجدتك قد انتهيت إلى حصن عظيم ، ففتح لك ، وألقوا إليك السلم ، وجعل لك عرش ، فجلست عليه ثم قال لك قائل : قاتل يفتح اللّه لك وتنصر ، فاشكر ربك ، واعمل بطاعته ، ثم قرأ عليك : إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً قال : ثم انتبهت .

    قال أبو بكر : نامت عينك . ثم دمعت عينا أبي بكر رضي اللّه عنه . فقال : إنما الجبل الذي رأيتنا نمشي عليه حتى صعدنا منه إلى القبة العالية فأشرفنا على الناس ، فإنّا نكابد من أمر هذا الجند مشقّة ويكابدونا ، ثم يعلو بعد ويعلو أمرنا ، وإن نزولنا من القبّة العالية إلى الأرض السهلة الدمثة والزروع والحصون والعيون والقرى ، فإنّا ننزل إلى أمر أسهل مما كنا فيه من الخصب والمعاش .

    وأما قولي : شنّوا عليهم الغارة فإني ضامن لكم بالفتح والغنيمة ، فإن ذلك توجّهي للمسلمين إلى بلاد المشركين وأمري إياهم بالجهاد في سبيل اللّه . وأما الراية التي كانت معك فتوجّهت بها إلى قرية من قراهم فدخلتها ، فاستأمنوك فأمّنتهم ، فإنك تكون أحد أمراء المسلمين ويفتح اللّه على يديك .
    وأما الحصن الذي فتح اللّه على يديّ فهو ذلك ، يفتح اللّه على يدي . وأما العرش الذي رأيتني جالسا عليه ، يرفعني

    “ 339 “
    اللّه ويضع المشركين . وأما أمري بطاعة ربي وقرأ عليّ هذه السورة ، فإنه نعى إليّ نفسي ، فإن هذه السورة حين أنزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علم أن نفسه نعيت إليه .
    ثم سالت عينا أبي بكر رضي اللّه عنه ،
    فقال :
    لآمرنّ بالمعروف ، ولأنهينّ عن المنكر ، ولأجاهدنّ من ترك أمر اللّه عز وجل ، ولأجهزنّ الجيوش إلى العادلين باللّه في مشارق الأرض ومغاربها ، حتى يقولوا : اللّه أحد ويؤدّوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإذا توفّاني ربي لم يجدني مقصّرا ، ولا في ثواب المجاهدين زاهدا . ثم إنه أمر الأمراء ، وبعث إلى الشام على ما ذكرنا في هذا الكتاب .

    قال محمد بن عبد اللّه البصري : لما حدثت بهذا الحديث ، فحدثني الحارث بن كعب ، عن عبد اللّه بن أبي أوفى الخزاعي ، وكانت له صحبة ، قال : لما أراد أبو بكر تجهيز الأجناد إلى الشام ، دعا بعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي عبيدة بن الجراح ، ووجوه المهاجرين والأنصار من أهل بدر وغيرهم ، فدخلوا عليه ، وأنا فيهم .

    فقال :
    إن اللّه تبارك وتعالى لا تحصى نعمه ، ولا تبلغ الأعمال جزاءها ، فلله الحمد كثيرا على ما اصطنع عندكم ، قد جمع كلمتكم ، وأصلح ذات بينكم ، وهداكم إلى الإسلام ، ونفى عنكم الشيطان ، فليس يطمع أن تشركوا باللّه ، ولا تخذوا إلها غيره . فالعرب بنو أمّ وأب ، وقد أردت أن أسفّرهم إلى الروم بالشام ، فمن هلك منهم هلك شهيدا ، وما عند اللّه خير للأبرار ، ومن عاش منهم عاش مدافعا عن الدين ، مستوجبا على اللّه عز وجل ثواب المجاهدين ، هذا رأيي الذي رأيت . فأشار عليّ امرؤ بمبلغ رأيه .

    فقام عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلى على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم قال :
    الحمد للّه يخص بالخير من شاء من خلقه ، واللّه ما استبقنا إلى شيء من الخير قط إلا سبقتنا إليه ، وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء ، قد واللّه أردت لقاءك لهذا الأمر ، والرأي الذي ذكرت ، فما قضى اللّه أن يكون ذلك حتى ذكرته الآن . فقد أصبت وأصاب اللّه بك سبل الرشاد ، سرّب إليهم الخيل في أثر الخيل ، وابعث الرجال تتبعها الرجال ، والجنود تبعها الجنود ، فإن اللّه عز وجل ناصر دينه ، ومعزّ الإسلام وأهله ، ومنجز ما وعد رسوله صلى اللّه عليه وسلم .
    ثم إن عبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه قام فقال :
    يا خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، إنما الروم وبنو الأصفر حدّ حديد وركن شديد ، واللّه ما أرى

    “ 340 “
    أن تقحم الخيل عليهم إقحاما ، ولكن تبعث الخيل تغير عليهم في أداني أراضيهم ، ثم تبعثها فتغير ، ثم ترجع إليك ، فإذا فعلوا ذلك أضرّوا بعدوّهم ، وغنموا من أداني أراضيهم ، فقووا بذلك على قبالهم . ثم تبعث إلى أقاصي أهل اليمن ، وإلى أقاصي ربيعة ومضر ، فتجمعهم إليك جمعا ، فإن شئت بعد ذلك غزوتهم بنفسك ، وإن شئت بعثت على غزوهم غيرك . ثم جلس وسكت ، وسكت الناس .

    فقال لهم أبو بكر رضي اللّه عنه : ما ترون رحمكم اللّه ؟ فقام عثمان بن عفان رضي اللّه عنه ، فحمد اللّه وأثنى عليه بما هو أهله ، وصلى على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم قال :
    إني أرى أنك لأهل هذا الدين مشفق ، وإذا رأيت رأيا لعامتهم رشدا وصلاحا وخيرا فاعزم على إمضائه ، فإنك غير ظنين ، ولأمتهم .

    فقال طلحة ، والزبير ، وسعد ، وأبو عبيدة ، وجميع من حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار : صدق عثمان فيما قال . ما رأيت من أمر فامضه ، فإنّا سامعون لك مطيعون ، لا نخالف أمرك ، ولا نتّهم رأيك ، ولا نتخلف عن دعوتك وإجابتك . فذكروا هذا وشبهه ، وعلي بن أبي طالب في القوم لا يتكلم .

    فقال أبو بكر : ما ترى يا أبا الحسن ؟ قال : أرى أنك مبارك ميمون الناصية ، وإنك إن سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم ، نصرت إن شاء اللّه . فقال أبو بكر : بشّرك اللّه بخير ، من أين علمت هذا ؟

    قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : « لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناوأه ، حتى يقوم الدين وأهله ظاهرين » .
    فقال أبو بكر رضي اللّه عنه : سبحان اللّه ، ما أحسن هذا الحديث ، لقد سررتني سرّك اللّه في الدنيا والآخرة .

    ثم إنّ أبا بكر رضي اللّه عنه قام في الناس ، فحمد اللّه ، وأثنى عليه وذكره بما هو أهله ، وصلى على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وقال :
    أيها الناس ، إن اللّه قد أنعم عليكم بالإسلام ، وأعزّكم بالجهاد ، وفضّلكم بهذا الدين على أهل كل دين ، فتجهّزوا عباد اللّه إلى غزو بلاد الروم بالشام ، فإني مؤمّر عليكم أمراء وعاقد لهم عليكم ، فأطيعوا ربكم ولا تخالفوا أميركم . ولتحسن نيّتكم وسيرتكم وطعمتكم ف إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ . قال : فسكت الناس ، فو اللّه ما أجابه أحد هيبة لغزو الروم ، لما يعلمون من كثرة عددهم وشدة شوكتهم .

    “ 341 “
    فقام عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فقال : يا معشر المسلمين ، ما لكم لا تجيبون خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دعاكم لما يحييكم ؟
    فقام خالد بن سعيد بن العاص ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلى على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم قال :
    الحمد للّه الذي لا إله إلا هو ، بعث محمدا بالهدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ * . فإن اللّه منجز وعده ، ومعزّ دينه ، ومهلك عدوّه . ثم أقبل على أبي بكر فقال : إنّا غير مخالفين لك ، ولا متخلفين عنك ، وأنت الوالي الناصح الشفيق ، ننفر إذا استنفرتنا ، ونطيعك إذا أمرتنا ، ونجيبك إذا دعوتنا . ففرح أبو بكر بمقالته ، وقال له : جزاك اللّه من أخ خيرا ، فقد أسلمت مرتغبا ، وهاجرت محتسبا ، وهربت من دينك من الكفار ، لكي يطاع اللّه ورسوله ، وتكون كلمة اللّه هي العليا ، فسر رحمك اللّه .

    قال : فتجهّز خالد بن سعيد بأحسن الجهاز ، ثم أتى أبا بكر وعنده من المهاجرين والأنصار أجمع ما كانوا ، فسلّم على أبي بكر رضي اللّه عنه ، ثم قال : واللّه لأخّر من رأس حالق ، أو يخطفني الطير في الهواء بين السماء والأرض أحب إليّ من أن أبطئ عنك أو أخالف أمرك ، واللّه ما أنا في الدنيا راغب ، ولا على البقاء فيها بحريص ، وإني أشهدكم أني وإخواني وفتياني ومن أطاعني من أهلي حبيس في سبيل اللّه تعالى ، مقاتل المشركين أبدا ، حتى يهلكهم اللّه ، أو نموت عن آخرنا .

    فقال له أبو بكر : خيرا . ودعا له المسلمون بخير . وقال له أبو بكر : إني لأرجو أن تكون من نصحاء اللّه في عباده ، بإقامة كتابه ، واتّباع سنّة نبيّه صلى اللّه عليه وسلم .
    فخرج هو وإخوته وغلمانه ومن تبعه من أهل بيته . وكان أول من عسكر ، فأمر أبو بكر بلالا فنادى في الناس : أن انفروا إلى عدوّكم بالشام . وأرسل إلى يزيد بن أبي سفيان ، وإلى عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وشرحبيل ابن حسنة ، فقال : إني باعثكم في هذا الوجه ، ومؤمّركم على هذه الجنود ، وأنا موجّه مع كل رجل منكم من الرجال ما قدرت عليه ، فإذا قدمتم البلد ، ولقيتم العدو ، واجتمعتم على قتالهم ، فأميركم أبو عبيدة بن الجراح ، وإن لم يلقكم أبو عبيدة ، وجمعكم الحرب ، فأميركم يزيد بن أبي سفيان .
    فانطلقوا ، فتجهّزوا .
    فانطلق القوم يتجهّزون . وكان خالد بن سعيد من عمال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فكره الإمارة ، واستعفى أبا بكر ، فأعفاه . ثم إن الناس خرجوا إلى معسكرهم من عشرة وعشرين

    “ 342 “
    وثلاثين وأربعين وخمسين ومائة ، في كل يوم ، حتى اجتمع الناس وكثروا . فخرج أبو بكر ذات يوم ومعه رجال من أصحابه كثير ، حتى انتهى إلى عسكرهم ، فرأى عدة حسنة ، ولم يرض كثرتها للروم ؟ فقال لأصحابه : ما ذا ترون في هؤلاء ؟ أترون أن نشخصهم إلى الشام في هذه العدة ؟ فقال له عمر : ما أرضى هذه العدة لبني الأصفر . فأقبل أبو بكر على أصحابه فقال لهم : ما ذا ترون ؟ فقالوا : نحن نرى أيضا ما رأى عمر .
    فقال أبو بكر : أفلا نكتب كتابا إلى أهل اليمن ندعوهم إلى الجهاد ونرغّبهم في ثوابه ؟
    فرأى ذلك جميع الصحابة . فقالوا له : نعم ما رأيت . فكتب إليهم ، فأجابوه وأقبلوا ، وتجهّزوا إلى الشام . فكان الفتوح والنصر . وقد ذكرنا ذلك كله في كتابنا هذا .

    وصية عثمان بن عفان رضي اللّه عنه
    روينا من حديث الأصمعي ، عن العلاء بن الفضل ، عن أبيه ، قال : لما قتل عثمان بن عفان رضي اللّه عنه ، فتشوا خزانته ، فوجدوا فيها صندوقا مقفولا ، ففتحوه ، فوجدوا فيه حقّة فيها ورقة مكتوب فيها : هذه وصية عثمان بن عفان : يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ ، عليها نحيا ، وعليها نموت ، وعليها نبعث إن شاء اللّه من الآمنين برحمة اللّه .

    وروينا من حديث الخرائطي قال : حدثنا علي بن داود ، نبأ محمد بن عبد العزيز الرملي ، نبأ محمد بن خميس ، عن عبد العزيز الزهري ، عن طاوس قال : جاء رجل إلى محمد بن يوسف وهو على اليمن ، فقال : إن معي صفة الأبنية ، وهو قبر من قبور الجاهلية . قال طاوس : فأرسلني معه ، فأتينا موضعا ، فحفروا ، فإذا باب ودرجة ، وإذا بامرأتين ناشرتي الشعر على سريرين ، وعليهما حبرات مكففات بالديباج ، وبينهما عسيب من فضة ، مكتوب بالذهب : أنا حنا ، وهذه أختي رضوى ابنتا تبّع ، متنا لا نشرك باللّه شيئا .

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 03:31