..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 10

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 14:07

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء العاشر
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2

    “ 136 “

    وأما عثمان بن عفان رضوان اللّه عليه
    فكان ممن أنفق ماله على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وفي مصالح المؤمنين ، وفي جيش العسرة ، وبئر رومة ، وفي أيامه حيي الخراج ، وكان يفرّقه على الصحابة حتى استغنى الناس . وجمع القرآن في المصحف ، وكان متفرقا ، وأعانه على ذلك من حضر من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . وكانت في أيامه فتوحات كثيرة .


    وأما علي بن أبي طالب رضوان اللّه عليه
    فكانت في أيامه حروب كثيرة ، منها يوم الجمل ، وسار إلى قتال أهل البصرة وهو يوم الجمل في ثلاثين ألفا ، وسار إلى صفّين في خمسة وعشرين ألفا ، وسار إلى النهروان في أربعة عشر ألفا . خرج عليه بعد صفّين عبد اللّه بن عمرو اليشكري في أهل حروراء .


    وأما الحسن بن علي رضوان اللّه عليه
    فلما سار إلى معاوية ، والتقيا بأرض الأنبار ، نظر إلى العسكرين وأفكر فيما يكون بينهما من القتل ، أحبّ السلامة ، وطلب العافية ، وصلاح الأمة ، وحقن دماء المسلمين .

    صالح معاوية ، وسلّم الأمر إليه ، وبايعه ، ودخلا جميعا الكوفة مع عسكريهما . ودفع معاوية إلى الحسن بن علي رضي اللّه عنهما جميع ما أراد من المال وغيره ، وردّه إلى المدينة ، وولي على الكوفة المغيرة بن شعبة الثقفي ، ورجع معاوية إلى الشام بالعسكرين ، وفعل اللّه هذا الصلح تصديقا لقوله صلى اللّه عليه وسلم ، وقد نظر إلى الحسن رضي اللّه عنه : « ابني هذا سيد يصلح اللّه به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » .
    ذكر ما روي عن العشرة الذين هم أكابر الصحابة رضي اللّه عنهم من الحديث ما رويناه من


    حديث تقي بن مخلد
    أبو بكر الصدّيق رضي اللّه عنه : روي عنه مائة حديث واثنان وثلاثون حديثا .

    عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : روي عنه خمسمائة حديث واثنان وثلاثون حديثا .
    عثمان بن عفان رضي اللّه عنه : مائة حديث ، وستة وأربعون حديثا .
    علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه : خمسمائة حديث وستة وثمانون حديثا .

    “ 137 “

    سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه : مائتا حديث وأحد وسبعون حديثا .
    الزبير بن العوّام رضي اللّه عنه : ثمانية وثلاثون حديثا .
    طلحة بن عبيد اللّه رضي اللّه عنه : ثمانية وثلاثون حديثا .
    أبو عبيدة بن الجرّاح رضي اللّه عنه : أربعة عشر حديثا .
    عبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه : خمسة وستون حديثا .
    سعيد بن زيد بن عمرو بن نوفل رضي اللّه عنه : ثمانية وأربعون حديثا .


    ما روى أهل البيت ونساؤه وخدمه ومواليه رضي اللّه عنهم
    والسياق ليس على الترتيب ، وإنما هو على حسب ما وقع به الذكر في الوقت .
    خديجة أم المؤمنين : حديث واحد .
    بنت حمزة بن عبد المطلب : حديث واحد .
    عقيل بن أبي طالب : ستة أحاديث .
    أنس بن مالك : ألفا حديث ، ومائتا حديث ، وستة وثمانون حديثا .
    عائشة أم المؤمنين : ألفا حديث ، ومائتا حديث ، وعشرة أحاديث .
    عبد اللّه بن عباس : ألفا حديث ، وستمائة حديث ، وستون حديثا .
    أم سلمة أم المؤمنين : ثلاثمائة حديث ، وثمانية وسبعون حديثا .
    أسامة بن زيد مولى رسول للّه صلى اللّه عليه وسلم : مائة حديث ، وثمانية وعشرون حديثا .
    ميمونة أم المؤمنين : ستة وسبعون حديثا .
    ثوبان مولاه صلى اللّه عليه وسلم : مائة حديث ، وثمانية وعشرون حديثا .
    أبو رافع مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ثمانية وستون حديثا .
    سلمان الفارسي : ستون حديثا .
    حفصة أم المؤمنين : ستون حديثا .
    أم هانئ بنت أبي طالب : ستة وأربعون حديثا .
    العباس بن عبد المطلب : خمسة وثلاثون حديثا .



    “ 138 “

    عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب : خمسة وعشرون حديثا .
    الفضل بن العباس : أربعة وعشرون حديثا .
    فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ثمانية عشر حديثا .
    شعبة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أربعة عشر حديثا .
    الحسن بن علي : ثلاثة عشر حديثا .
    زينب بنت جحش أم المؤمنين : عشرة أحاديث .
    ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب : أحد عشر حديثا .
    صفية أم المؤمنين : عشرة أحاديث .
    الحسين بن علي : ثمانية أحاديث .
    جويرية أم المؤمنين : سبعة أحاديث .
    سلمى مولاه عليه السلام : سبعة أحاديث .
    سودة أم المؤمنين : خمسة أحاديث .
    زيد بن حارثة مولاه عليه السلام : أربعة أحاديث .
    عبيد مولاه صلى اللّه عليه وسلم : ثلاثة أحاديث .
    أحمد مولاه صلى اللّه عليه وسلم : ثلاثة أحاديث .
    ميمونة بنت أبي لهب : حديثان .
    أبو سلمى راعي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : حديثان .
    مهران ، وكيسا ، وأبو أثيلة ، مواليه عليه السلام : حديث واحد .
    روينا من حديث ابن إسحاق بن بشر القرشي ، عن مقاتل بن سليمان ، عن الضحّاك بن مزاحم ، عن ابن عباس قال : لما أراد اللّه أن يخلق الخلق ولا خلق ، خلق نورا ، وخلق من ذلك النور ظلمة ، وخلق من تلك الظلمة نورا ، وخلق من ذلك النور ياقوتة خضراء غلظها غلظ السبع سماوات والسبع الأرضين وما بينهن ، ثم دعا تلك الياقوتة ، فلما سمعت كلام اللّه عز وجل ذابت الياقوتة فرقا حتى صارت ماء ، فارتقى الماء من دهش تلك المهابة والخوف . ثم خلق الريح ، ثم وضع الماء على متن الريح .


    “ 139 “


    ثم خلق العرش ، فوضع العرش على الماء ، وخلق للعرش ألف لسان ، لكل لسان ألف لون من التسبيح والتحميد .
    وكتب في قباله إني أنا اللّه لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، ومحمد عبدي ورسولي ، فمن آمن برسلي وصدق بوعدي أدخلته جنتي .
    ثم خلق الكرسي بعد عرشه بألفي عام من غير الجوهر الذي خلق منه العرش ، والكرسي في جوف العرش كحلقة في وسط فلاة ، والسماوات والأرض في جوف الكرسي كحلقة ملقاة في وسط فلاة .
    ثم خلق القلم من نور ، وجعل طوله من السماء إلى الأرض ، فخرّ للّه ساجدا .

    ثم خلق اللوح المحفوظ ، فخرّ أيضا ساجدا .
    ثم قال لهما : ارفعا رءوسكما ، وخلق ثلاثمائة وستين سنا للقلم يستمد كل سن من ثلاثمائة وستين بحرا من العلوم .
    واللوح من زمرّدة خضراء له دفّتان من ياقوتة فقال للقلم : اكتب ، فقال : ما ذا أكتب يا ربي ؟ قال : اكتب في اللوح ، فالقلم يكتب والحق يملي ما هو كائن إلى يوم القيامة .

    وفي حديث مجاهد ، عن ابن عباس : أن اللوح من درّة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب ، حافتاه الدرّ والياقوت ، ودفّتاه ياقوتة حمراء . واللوح في حجر ملك اسمه ماطريون . وللّه في كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة .
    ومن حديث إسحاق أيضا ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن : ليس شيء عند ربكم من الخلق أقرب إليه من إسرافيل ، وبينه وبين ربه سبعة حجب :
    حجاب العزّة ، ثم حجاب الجبروت ، ثم حجاب من نار ، ثم حجاب من غمام ، ثم حجاب من ياقوت ، ثم حجاب من ماء ، ثم حجاب من دخان .
    غلظ كل حجاب خمسمائة عام . وإسرافيل دونها يراه بين منكبيه كذا كذا سنة ، ورأسه من تحت العرش ، ورجلاه في تخوم الثرى ، له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ، وجناح من تحته وجناح من فوقه ، قد غشى رأسه وغطى وجهه ، وليس شيء أقرب إلى اللّه عز وجل بعد إسرافيل من ثلاثة :
    الرحمة ، وأم الكتاب ، والحكمة .
    فالرحمة عن يمينه ، وأم الكتاب عن اليمين الأخرى .



    “ 140 “

    فإن كلتي يدي اللّه يمين مباركة طيبة والحكمة فيما بين ذلك ، فإذا أراد اللّه أن يقضي قضاء قضاه بعلمه ، ولا يشهده من خلقه أحد حين يحكمه .

    خبر قصيّ لما أسنّ وما صنع مع أولاده

    روينا من حديث أبي الوليد ، عن جدّه ، عن سعيد ، عن عثمان بن جريج ، وعن ابن إسحاق ، وكل يزيد على صاحبه في حديثه : فلما كبر قصيّ بن كلاب وكان أول ولده عبد الدار ، وكان ولده عبد مناف قد شرف في زمن أبيه ، ذهب شرفه كل مذهب . وعبد الدار وعبد العزّى وبنو قصيّ بها ، لم يبلغوا ولا أحد من فوقهم من قريش ما بلغ عبد مناف من الذكر والشرف والعز ، وكان قصيّ وحنيّ بنت حليل يحبان عبد الدار ، ويرقان عليه ، لما يريان من شرف عبد مناف عليه وهو أصغر منه . فقالت له حنيّ : لا واللّه لا أرضى حتى تخصّ عبد الدار بشيء يلحقه بأخيه . فقال قصيّ : لا واللّه لا لحقته به ، ولأحبونه بذروة الشرف حتى لا يدخل أحد من قريش وغيرها الكعبة إلا بإذنه ، ولا يقضون أمرا ولا يعقدون لواء إلا عنده .

    وكان ينظر في العواقب . فأجمع قصيّ على أن يقسم أمور مكة الستة التي فيها الذكر والشرف والعزّ بين ابنيه ، فأعطى عبد الدار السدانة ، وهي الحجابة ، ودار الندوة واللواء ، وأعطى عبد مناف السقاية والرفادة والقيادة ، وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصيّ بن كلاب ، فيصنع به طعاما للحجّاج فيأكله من لم تكن له سعة ولا زاد ، وكان قصي هو الذي فرضه على قريش .

    قال لهم : يا معشر قريش ، إنكم جيران اللّه ، وأهل بيته ، وأهل الحرم ، وإن الحجّاج ضيف اللّه ، وزوّار بيته ، وهم أحق ضيف اللّه بالكرامة ، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم ، ففعلوا ، فكانوا يخرجون لذلك كل عام خرجا ، فيدفعون إليه ، فيصنعه طعاما أيام منى ، فاستمر ذلك إلى اليوم .

    فلما هلك قصي أقيم أمره في قومه بعد وفاته ، على ما كان عليه في أيام حياته . وولّي عبد الدار ، فلم يزل على أثر أبيه حتى هلك . وجعل عبد الدار الحجابة بعده إلى ابنه عثمان بن عبد الدار ، وجعل دار الندوة إلى ابنه عبد مناف بن عبد الدار . فلم يزل بنو عبد مناف بن عبد الدار يلون الندوة دون ولد عبد الدار . فكانت قريش إذا أرادت أن تشاور في أمر فتحها لهم عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ، أو بعض ولده ، أو ولد أخيه .

    وكانت الجارية إذا حاضت أدخلت دار الندوة ، ثم يشق عليها بعض ولد عبد مناف بن عبد الدار درعها ، ثم درّعها إياه ، وانقلب بها أهلها فحجبوها . فكان عامر بن هاشم بن عبد



    “ 141 “

    مناف بن عبد الدار يسمى محيضا . ولم يزل بنو عثمان بن عبد الدار يلون الحجابة دون ولد عبد الدار . ثم وليها عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار . ثم وليها ولده أبو طلحة عبد اللّه بن عبد العزّى بن عبد الدار . ثم وليها ولده من بعده حتى كان فتح مكة ، فقبضها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أيديهم ، وفتح الكعبة ، ودخلها . ثم خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الكعبة مشتملا على المفتاح ، فقال له العباس بن عبد المطلب : بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه ، أعطنا الحجابة مع السقاية ، فأزل اللّه تعالى على نبيّه : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها . قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : فما سمعتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبل تلك الساعة . فتلاها ثم دعا عثمان بن طلحة ، فدفع إليه المفتاح ، وقال : « غيّبوه » . ثم قال :

    « خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة اللّه ، فاعملوا فيها بالمعروف خالدة وتالدة لا ينزعها من أيديكم إلا ظالم » . فخرج عثمان بن طلحة إلى هجرته مع النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأقام ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، فلم يزل يحجب هو وولد أخيه وهب بن عثمان حتى قدم ولد عثمان بن طلحة بن أبي طلحة ، وولده شافع بن طلحة بن أبي طلحة في المدينة ، وكانوا بها دهرا طولا . فلما قدموا حجبوا مع بني عمهم ، فولد أبي طلحة يحجبون جميعا .
    وأما اللواء فكان في أيدي عبد الدار كلهم ، يليه منهم ذو السن والشرف في الجاهلية حتى كان يوم أحد ، فقتل عليه من قتل منهم .
    وأما السقاية والرفادة والقيادة فلم تزل لعبد مناف بن قصي يقوم بها حتى توفي .

    فولى بعده هاشم بن عبد مناف بن قصي السقاية والرفادة ، وولى عبد شمس بن عبد مناف القيادة ، فكان هاشم بن عبد مناف يطعم الناس في كل موسم بما يجتمع عنده من ترافد قريش كان يشتري بما يجتمع عنده رقيقا ، ويأخذ من كل ذبيحة من بدنة أو بقرة أو شاة ، ثم يجمع ذلك كله فيحرر به الدقيق ، ثم يطعمه الحاج . فلم يزل ذلك من أمره حتى أصاب الناس سنة وجدب شديد ، فخرج هاشم بن عبد مناف إلى الشام ، فاشترى بما اجتمع عنده ومن ماله دقيقا وكعكا ، فقدم به مكة في الموسم ، فهشم ذلك الكعك ، ونحر الجزر وطبخه ، وجعله ثريدا ، وأطعم الناس ، وكانوا في مجاعة شديدة ، حتى أشبعهم . فسمّي بذلك هاشم ، وكان اسمه عمرو .
    وفي ذلك يقول ابن الزبعرى السهمي :
    كانت قريش بيضة فتفلّقت * فالمخّ خالصها لعبد مناف
    الرائشين وليس يوجد رائش * والقائلين هلمّ للأضياف
    والخالطين غنيّهم بفقيرهم * حتى يعود فقيرهم كالكاف



    “ 142 “

    والضاربين الكبش بيرق بيضة * والمانعين البيض بالأسياف
    عمرو العلا هشم الثريد لمعشر * كانوا بمكة مسنتين عجاف
    يعني بعمرو العلا هاشما ، فلم يزل هاشم على ذلك حتى توفي . وكان عبد المطلب يفعل ذلك ، فلما توفي عبد المطلب قام بذلك أبو طالب . وكان عبد المطلب في السقاية يسقي لبن النوق بالعسل في حوض من أدم ، ويشتري الزبيب فينبذه بماء زمزم . وقام بأمر السقاية بعده العباس .


    ومما نظم في معنى قول عمر بن أبي ربيعة :
    لبثوا ثلاث منى بمنزل قلعة * فهم على غرض لعمرك ما هم
    متجاورين بغير دار إقامة * لو قد أجدر حبلهم لم يندموا
    ولهن بالبيت العتيق لبانة * والبيت يعرفهنّ لو يتكلم
    لو كان حيا قبلهن ظعائنا * حيّا الحطيم وجوههن وزمزم


    ولنا في هذا المعنى :
    يا خليليّ ألمّا بالحمى * واطلبا نجدا وذاك العلما
    وردا ماء بخيمات اللّوا * واستظلا ظلّها والسّلما
    وإذا ما جئتما وادي منى * فالذي قلبي به قد جئتما
    أبلغ عني تحيات الهوى * كل من حل به أو أسلما
    واسمعا ما ذا يجيئون به * وأخبرا عن دنف القلب بما
    يشتكيه من صبابات الهوى * معلنا مستخبرا مستفهما

    ومن قول العرجيّ في منى :
    الشهر تمّ الحول يتبعه * ما الدّهر إلا الحول والشهر
    حدثنا يونس بن يحيى ، نبأ أبو بكر بن أبي منصور ، نبأ أحمد بن محمد البخاري ، أنبأ أبو محمد الجوهري ، نبأ أبو حبويه ، نبأ محمد بن خلف ، قال : قال أبو عمر الشيباني :

    لما ظهر بقيس من الجنون ما ظهر ورأى قومه ما ابتلى به ، اجتمعوا إلى أبيه وقالوا به : لو خرجت به إلى مكة فطاف ببيت اللّه عز وجل وزار قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، رجونا أن يرجع عليه عقله . فخرج به أبوه حتى أتى مكة ، فجعل أبوه يطوف به ، ويدعو اللّه له بالعافية ، وقيس يقول :
    دعا المحرمون اللّه يستغفرونه * بمكة وهنا أن تمحّى ذنوبها
    وناديت أي يا رب أوّل سؤلتي * لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها



    “ 143 “


    فإن أعط ليلى في حياتي لم يتب * إلى اللّه خلق توبة لا أتوبها
    حتى إذا كان بمنى نادى مناد من بعض تلك الخيام : يا ليلى ، فخرّ قيس مغشيا عليه ، واجتمع الناس حوله ، ونضحوا على وجهه الماء ، وأبوه يبكي عند رأسه . ثم أفاق وهو يقول :
    وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى * فهيّج أطراب الفؤاد وما يدري
    دعا باسم ليلى غيرها فكأنما * أطار بليلى طائرا كان في صدري
    أخبرني بعض الأدباء في تلطف محبته ورقّة معناها ، أنه قرب يوما من حيّ ليلى في واد كثير الثلج في زمن البرد ، وهو يأخذ الجليد فيلقيه على فؤاده ، فتذيبه حرارة الفؤاد .

    فرآه نسوة من الحي ، فجاء بعض فتيات الحي إلى ليلى فأخبرنها بما رأين من أمر قيس ، فخرجت مسرعة معهن حتى أشرفت عليه وهو على تلك الحالة ، وهو ينادي : ليلى ليلى ، فرمت بنفسها وعانقته وضمّته ، وقالت : أنا بغيتك ، أنا مطلوبك ، أنا قرّة عينك . فنظر إليها وتأوّه ، فكادت الزفرة تحرقها ، وقال لها : إليك عني ، فإن حبك شغلني عنك . وأخذ في ولهه ينادي : ليلى ليلى .

    ولنا في هذا المعنى :
    شغل المحبّ عن الحبيب بحبّه * هذا يعلّ وذاك ليس يعلّل
    لولا الخيال له وبرد وصاله * أضحى بنيران الهوى يتحلل

    ولبعض الناس في ذلك :
    إذا وجدت أوار الحبّ في كبدي * أقبلت نحو سقاء القوم أبترد
    هذا يبرّد برد الماء ظاهره * فمن لحرّ على الأحشاء يتّقد
    ثم ولّت في أترابها تطلب الحي خوفا من أهلها ، وهي تقول :
    تنفّست الغداة وقد تولّت * وعيسهم معارضة الطريق
    فنادوا بالحريق ففاض دمعي * فعادوا بالحريق وبالغريق

    ومن باب كتمان الهوى قوله :
    باح مجنون عامر بهواه * وكتمت الهوى فمتّ بوجدي

    فإذا كان في القيامة نودي * من قتل الهوى تقدمت وحدي

    ومن باب النّفر من منى :

    غدا النفر فانظر ما يكون من النفر * غدا فرقة الأحباب هل لي من صبر




    “ 144 “



    غدا يرحل الظبي الغرير بمهجتي * وتبقى قلوب العاشقين على الجمر

    فقوم إلى بغداد شدّوا رحيلهم * وقوم إلى الشام وقوم إلى مصر

    فإن طلبوا بغداد كنت زميلهم * وإن طلبوا مصرا فيا حبّذا مصر

    وإن طلبوا شاما تعللت بالبكا * لعلّهم في الحبّ أن يقبلوا عذري

    ومن باب النسيب ، وله وجه في الاعتبار لطيف قوله :

    يا ذا الذي حجّ في عهد الصبا فمضى * عنا هلالا ووافى نحونا قمرا

    صف المناسك لي كيف انتقلت بها * فلم أقلّب لبدر بعدك البصرا

    أمّا الجمار فمن قلبي رميت بها * كما بآخر عمري كنت معتمرا

    عن بئر زمزم خبّرني على ظمأ * وإن في فيك منه الريّ والخصرا

    وشفع الحجة الأولى بثانية * لكي أقبّل ثغرا قبّل الحجرا



    ومن قول ابن المعتزّ :

    للّه در منى وما جمعت * وبكا الأحبّة ليلة النّفر

    ثم اغتدوا فرقا هنا وهنا * يتلاحظون بأعين الذكر

    ما للمضاجع لا تلائمني * وكأن قلبي ليس في صدري



    ومن باب النسيب في الطائفات :

    قلت لها في الطواف معترضا * لا تستحلّي باللّه سفك دمي

    فكان من قولها وقد جعلت * تستر ذاك الشقيق بالعتم

    نحن ظباء ولا يحلّ لكم * في الدين صيد الظباء في الحرم

    حدثنا موسى بن محمد قال : حجّ رجل أعجمي فيه خير وديانة . فبينما هو في الطواف عن الركن اليماني ، وصوت خلخال من قدم بعض الحسان الطائفات قد وقع في أذنه ، فأثر في قلبه ، فالتفت إلى الشخص ، فخرجت يد من ركن البيت فضربته على عينه التي التفت بها ، فألقتها على خده ،



    وسمع عند الضربة صوتا من جدار البيت قائلا يقول :

    تطوف إلى بيتنا وتنظر إلى غيرنا ، هذه نظرة بلطمة أفقدناك فيها عينك ، وإن زدت زدنا .

    قال : وكانت له امرأة يحبها فتوفيت . قال موسى : ربما لو اعتنى بتاريخ موتها لوجد في تلك الساعة التي نظر فيها ، فعوقب ضعفين : فقد عينه وأهله . قلت لموسى بن محمد :

    رأيت أنت الرجل ؟ فأظنه قال : نعم رأيته .

    وقال الشريف الرضيّ :

    أعاد لي عيد الصفا * جيراننا على منى







    “ 145 “



    كم كبد معقورة * للعاقرين البدنا

    تخفي تباريح الجوى * وقد عنانا ما عنا

    وبارق أشيمه * كالطّرف أغنى ورنا

    ذكرني الأحباب والذ * كرى تهيج الحزنا

    من بطن مرّ والسوى * نور عسفان بنا

    وبالعراق وطوى * يا بعد ما لاح لنا



    وأنشد ابن هلال :

    إلى كم تعدني ليلة بعد ليلة * بخيف منى إذ نام أهل المنازل

    قتيل بأرض الشام من غير علّة * تواطت على خديه أيدي الرواحل

    يقولون من هذا القتيل الذي نرى * وينظر شذرا من حلال المحامل

    ولو عاينوا ما حل في مضمر الحشا * رأوا شخصا مقتولا يلوذ بقاتل



    وقال مهيار الديلمي :

    وما بنا إلا هوى * حيّ على خيف منى

    يا حسن ذاك موقفا * إن كان شيئا حسنا

    منى لعيني أن ترى * تلك الثلاث من منى



    ومن ريحانة العاشق :

    خرس اللسان ولا دموع تنطق * إن الهوى بحشاشتي متعلق

    لما رأيت أحبّتي يوم النوى * شط الرحيل بينهم فتفرّقوا

    سلطت طوفان الدموع عليهم * وبعثت أنفاسي لكي لا يغرقوا

    فتأوّه الحادي وقال لهم قفوا * فبأثركم لا شك من يتعشق

    فأجبتهم من تحت صوت باهتا * قامت قيامة عبدكم فترفقوا

    ردّوا الصباح لناظري فما أرى * إلا سيوف الموت حولي تبرق



    ومن بستان الوامق :

    يا قلب من مواطن * لم يرض منها وطنا

    ويوم سلع لم يكن * يومي بسلع هيّنا

    وقفت أستسقي الظما * فيه وأستشفي الضّنا

    وفضحت سرّ الهوى * عيني فصار علنا

    ويوم ذي ألبان تبا * يعنا فحزت الغبنا




    “ 146 “



    كان الغرام المشتري * وكان قلبي الثمنا

    وقال جميل بن معمر العدوي :

    الحبّ أول ما يكون الحاجة * تأتي به وتسوقه الأقدار

    حتى إذا اقتحم الفتى لجج الهوى * جاءت أمور لا تطاق كبار

    وقال الآخر :

    الحبّ أوله حلو وأوسطه * مرّ وآخره التوديع والأجل

    ومن باب نوح الحمام :

    حمام الأراك ألا خبّرينا * بمن تهتفين ومن تندبينا

    لقد شقت ويحك منّا قلوبا * وأذرفت ويحك منا عيونا

    تعالي نقم مأتما للفراق * ونندب أحبابنا الظاعنينا

    وأسعدك النوح كي تسعدينا * كذاك الحزين يوالي الحزينا

    وروينا من حديث ابن باكويه ، عن أبي زرعة الطبري ، عن أبي زرعة الدمشقي ، قال :

    خرج علي بن الفتح الحلبي يوما فرأى الناس يتقرّبون إلى اللّه تعالى ، فقال : يا رب ، أرى الناس يتقرّبون إليك بألوان الذبائح وإني تقرّبت إليك بحزني ، ثم غشي عليه ، فأفاق ثم قال : إلهي إلى متى تردّدي في دار الدنيا محزونا ؟ فاقبضني إليك . فوقع من ساعته ميتا .



    ولبعضهم في هذا المعنى :

    للناس حجّ ولي حج إلى سكني * تهدى الأضاحي وأهدي مهجتي ودمي



    ولنا فيه ، غير أني زدت فيه معنى عرفانيا :

    وأهدي عن الغربان نفسا معيبة * وهل ريء خلق بالعيوب تقرّبا

    وروينا من حديث أبي بكر أحمد بن الحسن البيهقي ، عن أبي سعيد الماليني ، عن أبي بكر محمد بن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يوسف قال : سمعت أبا ثابت الخطاب يقول : سمعت إبراهيم بن موسى يقول : رأيت فتى صلى يوم عيد الأضحى وقد شمّ روائح اللحوم ، فدخل إلى زقاق ، فسمعته يقول : تقرّب المتقرّبون إليك بقربانهم ، وأنا أتقرّب إليك بطول حزني . يا محبوبي ، كم تتركني في أزقة الدنيا محزونا ؟ ثم غشي عليه ، وحمل إلى منزله ، فدفنّاه بعد ثلاث . هذا هو فتح بن شرف الموصلي من سادات القوم .

    شعر :

    ضحّى الحبيب بقلبي يوم عيدهم * والناس ضحّوا بمثل الشاء والغنم

    إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي * دمي حلال له في الحلّ والحرم




    “ 147 “



    للناس حجّ ولي حجّ إلى سكني * تهدى الأضاحي وأهدي مهجتي ودمي

    يطوف بالبيت قوم لا بجارحة * بالحب طافوا فأغناهم عن الحرم

    يا لائمي لا تلمني في هواه فلو * عاينت منه الذي عاينت لم تلم



    ذكر ما رثى به عمات النبي صلى اللّه عليه وسلم أباهن عبد المطلب

    روينا من حديث محمد بن إسحاق قال : حدثني العباس بن عبد اللّه بن معبد بن العباس ، عن بعض أهله ، أن عبد المطلب توفي ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ابن ثمان سنين . قال ابن إسحاق ، عن محمد بن سعيد بن المسيب : إن عبد المطلب لما حضرته الوفاة وعلم أنه يموت جمع بناته ، وكنّ ستّ نسوة : صفية ، وبرّة ، وعاتكة ، وأم حكيم البيضاء ، وأميمة ، وأروى . فقال لهن : أبكين عليّ حتى أسمع ما تقلن قبل أن أموت . قال ابن هشام : ولم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرف هذا الشعر ، إلا أنه لما رواه عن محمد بن سعيد بن المسيّب كتبناه .



    فقالت صفية ابنته تبكيه :

    أرقت لصوت نائحة بليل * على رجل بقارعة الصّعيد

    ففاضت عند ذلكم دموعي * على خدي كمنحدر الغريد

    على رجل كريم غير وغل * له الفضل المبين على العبيد

    على الفياض شيبة ذي المعالي * أبيك الخير وارث كل جود

    صدوق في المواطن غير نكس * ولا شحب المقام ولا سنيد

    طويل الباع أروع سبطميّ * مطاع في عشيرته حميد

    رفيع البيت أبلج ذي فضول * وغيث الناس في الزمن الجرود

    كريم الجد ليس بذي وصوم * يروق على المسوّد والمسود

    عظيم الحلم من نفر كرام * خضارمة ملاوثة أسود

    فلو خلد امرؤ لقديم مجد * ولكن لا سبيل إلى الخلود

    لكان مخلدا أخرى الليالي * لفضل المجد والحسب التليد



    وقالت ابنته برّة تبكيه :

    أعينيّ جودا بدمع درر * على طيّب الخيم والمعتصر

    على ماجد الجد وارى الزناد * جميل المحيّا عظيم الخطر

    على شيبة الحمد ذي المكرمات * وذي المجد والعزّ والمفتخر




    “ 148 “



    وذي الحلم والفضل في النائبات * كثير المكارم جمّ الفخر

    له فضل مجد على قومه * منير يلوح كضوء القمر

    أتته المنايا فلم تسوه * بصرف الليالي وريب القدر



    وقالت ابنته عاتكة تبكيه :

    أعينيّ جودا ولا تبخلا * بدمعكما بعد نوم النيام

    أعينيّ واستعبرا واسكبا * وشوبا بكاءكما بالسّدام

    أعينيّ واستخرطا واسجما * على رجل غير نكس كهام

    على الجحفل الغمر في النائبات * كديم المساعي وفيّ الذمام

    على شيبة الحمد وارى الزناد * وذي مصدق بعد ثبت المقام

    وسيف لدى الحرب صمصامة * ومردى المخاصم عند الخصام

    وسهل الخليقة طلق اليدين * وف عدملي صمصم لهام

    تنبّك في باذخ بيته * رفيع الذؤابة صعب المرام



    وقالت أم حكيم البيضاء ابنته تبكيه :

    ألا يا عين جودي واستهلّي * وأبكي ذا الندى والمكرمات

    ألا يا عين ويحك اسعديني * بدمع من دموع هاطلات

    وأبكي خير من ركب المطايا * أباك الخير تيّار الفرات

    طويل الباع شيبة ذا المعالي * كريم الخيم محمود الحبات

    وصولا للقرابة هبزريا * وغيثا في السنين الممحلات

    وليثا حين تشتجر العوالي * تروق له عيون الناظرات

    عقيل بني كنانة والمرجى * إذا ما الدهر أقبل بالهنات

    ومفزعها إذا ما هاج هيج * بداهية خصيم المعضلات

    فابكيه ولا تسمي لحزن * وأبكي ما بقيت الباكيات



    وقالت أميمة ابنته تبكيه :

    ألا هلك الداعي العشيرة ذو العقد * وساقي الحجيج والمحامي عند المجد

    ومن يألف الضيف الغريب بيوته * إذا ما سماء الناس تبخل بالرعد

    أبو الحارث الفياض خلّى مكانه * فلا تبعدنّ فكل حيّ إلى بعد

    فأنّى لباك ما بقيت وموجع * وكان له أهلا لما كان من وجد

    سقاك وليّ الناس في القبر ممطرا * وسوف أبكيه وإن كنت في اللحد




    “ 149 “



    وقد كان زينا للعشيرة كلها * وكان حميدا حيث ما كان من حمد

    وقالت ابنته أروى تبكيه :

    بكت عينيّ وحقّ لها البكاء * على سمح سجيّته الحياء

    على سهل الخليقة أبطحيّ * كريم الخيم نيته العلاء

    على الفيّاض شيبة ذي المعالي * أبيك الخير ليس له كفاء

    طويل الباع أملس شيظميّ * أغرّ كأن غرّته ضياء

    أقبّ الكشح أروع ذي فضول * له المجد المقدّم والثناء

    أبيّ الضيم أبلج هبرزيّ * قديم المجد ليس له خفاء

    ومعقل مالك وربيع فهر * وفاصلها إذا التمس القضاء

    وكان هو الفتى كرما وجودا * وبأسا حين تنسكب الدماء

    إذا هاب الكماة الموت حتى * كأن قلوب أكثرهم هواء

    مضى قدما بذي رأي حسيب * عليه حين تبصره البهاء



    قال : فزعم لي محمد بن سعيد بن المسيّب أنه أشار برأسه وقد أصمت هكذا فأبكيتني .

    وقال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي : يبكي عبد المطلب بن هاشم ، ويذكر فضله وفضل قصيّ على قريش وفضل ولده من بعده عليهم . وذلك أنه أخذ يغرم أربعة آلاف درهم بمكة فوثق بها ، فمرّ به أبو لهب عبد العزّى بن عبد المطلب فافتكّه :

    أعينيّ جودا بالدموع على الصدر * ولا تسأما أسقيتما وابل القطر

    وجودا بدمع واسفحا كل شارق * بكاء امرئ لم يسوه نائب الدهر

    وسحّا وجمّا واسجما ما بقيتما * على ذي حياء من قريش وذي ستر

    على رجل جلد القوي ذي حفيظة * جميل المحيّا غير نكس ولا هدر

    على الماجد البهلول ذي الباع واللها * ربيع لؤي في القحوط وفي العسر

    على خير حاف من معدّ وناعل * كريم المساعي طيّب الخير والنحر

    وخيرهم أصلا وفرعا ومعدنا * وأحظاهم بالمكرمات وبالذكر

    وأولاهم بالمجد والحلم والنهى * وبالفضل عند المجحفات من العبر

    على شيبة الحمد الذي كان وجهه * يضيء سواد الليل كالقمر البدر

    وساقي الحجيج ثمّ للخبز هاشم * وعبد مناف ذلك السيّد الفهر

    طوى زمزما عند المقام فأصبحت * سقايته فخرا على كل ذي فخر




    “ 150 “



    ليبك عليه كل غاد بكربة * وآل قصيّ من مقلّ وذي وفر

    بنوه سراة كلهم وشبابهم * تفلّق عنهم بيضة الطائر الصّقر

    قصيّ الذي عادى كنانة كلها * ورابط بيت اللّه في العسر واليسر

    فإن تك غالته المنايا وصرفها * فقد عاش ميمون النقيبة والأمر

    وأبقى رجالا سادة غير عزّل * مصاليت أمثال الرّدينية السمر

    أبو عتبة الملقى إليّ حياؤه * أعزّ هجان اللون من فقر غرّ

    وحمزة مثل البدر يهتزّ للندى * نقيّ الثياب والذّمام من القذر

    وعبد مناف ماجد ذو حفيظة * وصول لذي القربى رحيم بذي الصهر

    كهولهم خير الكهول ونسلهم * كنسل ملوك لا تبور ولا تجري

    متى ما تلاقى منهم الدهر ناشئا * تجده بأجريا أوائله تجري

    هم ملئوا البطحاء فخرا وعزة * إذا استبق الخيرات في سالف العصر

    وفيهم ثبات للعلى وعمارة * وعبد مناف جدّهم جابر الكسر

    بإنكاح عوف بنته فكّ أسرنا * من أعدائنا إذ أسلمتنا بنو فهر

    فسرنا بها غور البلاد ونجدها * بأمنة حتى خاضت العير في البحر

    وهم حضروا والناس باد فريقهم * وليس بها إلا شيوخ بني عمرو

    بنوا هاديات جمة وطووا بها * بيارا لسحّ الماء من تبحّ بحر

    لكي يشرب الحجاج منها وغيرهم * إذا ابتدروها صبح تابعة النحر

    ثلاثة أيام تظلّ ركابهم * مخيّسة بين الأخاشب والحجر

    وقدما غنينا قبل ذلك حقبة * ولا يستقي إلا بجمّ أو الحفر

    هم يغفرون الذنب ينقم دونه * ويعفون عن قول السفاهة والهجر

    فخارج إما أهلكنّ فلا تزل * لهم شاكرا حتى تغيب في القبر

    ولا تنس ما أسدى ابن لبنى فإنه * قد أسدى يدا محفوفة منك بالشكر

    فأنت ابن لبنى من قصيّ إذا انتموا * بحيث انتهى قصد الفؤاد من الصدر

    فأنت تناولت العلى فجمعتها * إلى محتد للمجد ذي نتح حبر

    سقيت وفقت القوم بذلا ونائلا * وسدت وليدا كل ذي سؤدد غمر

    وأمك سر من خزاعة جوهر * إذا حصل الإحسان يوما ذوو الخبر

    إلى سائر الأبطال تنمي وتنتمي * وأكرم بها منسوبة في ذرى الدهر

    أبو سمر منهم وعمرو بن مالك * وذو جدن من قومها وأبو الجبر

    وأسعد فاز الناس عشرين حجة * يؤيد في تلك المواطن بالنصر

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 17:14