..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 22

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 13:52

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء 22
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2
    “ 319 “
    أأضغاث أحلام أبشرى منامة * أنطق زمان كان في نطقه سعدي
    لعلّ الذي ساق الأماني يسوقها * إليّ فيهدي روضها إلى جنا الورد
    خبر إسحاق بن طلحة بن عبيد اللّه مع خرقة بنت النعمان بن المنذر

    روينا من حديث الحميدي قال : حدثنا الحسن بن محمد بن إبراهيم ، نبأ محمد بن أحمد بن زيد الأصغر ، نبأ علي بن حرملة التميمي قاضي واسط ، عن مالك بن معوّل ، عن الشعبي ، عن إسحاق بن طلحة بن عبيد اللّه قال :
    دخلت على خرقة بنت النعمان بن المنذر ، وقد ترهّبت في دير لها بالحيرة وهي في ثلاثين جارية لم ير مثل حسنهن قط .

    قلت : يا خرقة ، كيف رأيت في الدنيا غيرات الملك ؟ قالت : ما نحن فيه اليوم خير مما كنا أمس .
    إنا نجد في الكتب أنه ليس من أهل بيت يعيشون في حبرة إلا سيعقبون بعدها غبرة .
    وإن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطّن لهم بيوم يكرهونه .
    وإن على أبواب السلطان كإخوان الإبل من الفتن ، من أصاب من دنياهم شيئا أصابوا من دينه مثليه ، وقد قلت في ذلك شيئا ، فقلت : ما هو ؟ فقالت :
    بينا نسوس الناس والأمر أمرنا * إذا نحن منهم سوقة نتنصّف
    فأفّ لدنيا لا يدوم سرورها * تقلّب تارات بنا وتصرف

    وبه إلى محمد بن جعفر بن سهل قال : نبأ علي بن داود القنطري قال : نبأ يحيى بن بكير ، نبأ يعقوب بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن مطلب بن عبد اللّه بن حنطب ، عن أبي هريرة قال :
    قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إن داود عليه السلام كان فيه غيرة شديدة ، وكان إذا خرج أغلق الأبواب ، فأطلعت يوما امرأته إلى الدار فإذا برجل وسط الدار ، فقالت : من أين دخل هذا ؟

    واللّه لنفضحنّ عند داود . فلما جاء داود قال له : من أنت ؟ قال : أنا الذي لا يهاب الملوك ولا يمتنع بمنع الحجاب . فقال : واللّه أنت أمين اللّه ملك الموت . فقبض روحه في موضعه .
    وطلعت عليه الشمس ، فأمر سليمان عليه السلام الطير أن تضله بأجنحتها ، ففعلت ، فأظلمت عليهم الأرض فأمرها أن تقبض جناحا جناحا » .

    قال أبو هريرة : يرينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كيف فعلت الطير ؟ قال : « وغابت يومئذ النسور » .



    “ 320 “

    خبر عبد الواحد بن زيد مع الراهب

    روينا من حديث ابن ثابت قال : انا الحسن بن أحمد بن إبراهيم الدورقي ، نبأ جعفر بن محمد بن أحمد المؤدب ، نبأ محمد بن يونس نبأ شداد بن علي ، نبأ عبد الواحد بن زيد قال :
    مررت براهب فناديته : يا راهب من تعبد ؟ قال : الذي خلقني وخلقك ، فقلت :
    أعظيم هو ؟ قال : عظيم المنزلة ، جاوزت عظمته كل شيء . قلت : فمتى يذوق العبد الأنس باللّه ؟ قال : إذا صفا الود حصلت المعاملة . قلت : فمتى يصفو الود ؟ قال : إذا اجتمع الهمّ فصار في الطاعة . قلت : متى تخلص المعاملة ؟ قال : إذا كان الهمّ همّا واحدا . قلت : كيف تحليت بالوحدة ؟ قال : لو ذقت حلاوة الوحدة لاستوحشت إليها من نفسك . قلت : ما أكثر ما يجد العبد من الوحدة ؟ قال : الراحة من مداراة الناس ، والسلامة من شرّهم . قلت : فما يستعان على قلة المطعم ؟ قال : بالتحري في المكسب والنظرة في الكسرة . قلت : زدني .

    قال : كل حلالا ، وارقد حيث شئت . قلت : فأين طريق الراحة ؟ قال : خلاف الهوف .
    قلت : ومتى يجد العبد الراحة ؟ قال : إذا وضع قدمه في الجنة . قلت : لم تخلّيت عن الدنيا وتعلّقت في هذه الصومعة ؟ قال : لأنه من مشى على الأرض عثر وخاف اللصوص ، فتعلقت فيها ، وتحصّنت بمن في السماء من فتنة أهل الأرض لأنهم سرّاق العقول ، فخفت أن يسرقوا عقلي ، وذلك أن القلب إذا صفا ضاقت عليه الأرض وأحبّ قرب السماء ، وفكّر في قرب الأجل ، فأحبّ أن يرتحل إلى ربه . قلت : يا راهب من أين تأكل ؟ قال : من زرع لم أبذره ، بذره اللطيف الخبير الذي نصب الرحا يأتيها بالطحين ، وأشار إلى ضرسه .

    قلت : كيف ترى حالك ؟ قال : كيف يكون حال من أراد سفرا بلا أهبة ، ويسكن قبرا بلا مؤنس ، ويقف بين يدي حكم عدل ؟ ثم أرسل عينيه فبكى .

    قلت : وما يبكيك ؟ قال : ذكرت أياما مضت من أجلي لم أحقق فيها عملي ، وفكرت في قلة الزاد ، وفي عقبة هبوط إلى الجنة أو إلى النار . قلت : يا راهب بم يستجلب الحزن ؟

    قال : بطول الغربة ، وليس الغريب من مشى من بلد إلى بلد ، ولكن الغريب صالح بين الفسّاق . ثم قال : إن سرعة الاستغفار توبة الكذابين ، لو علم اللسان ممّ يستغفر اللّه لجفّ في الحنك . إن الدنيا منذ يوم ساكنها الموت ما قرّت لها عين ، كلما تزوّجت الدنيا زوجا طلّقها الموت ، والدنيا من الموت طالق ، لم تقرّ عينها ، فمثلها كمثل الحية ، ليّن مسّها والسم في جوفها . ثم قال الراهب : يا هذا ، كما لا يجوز الزيف من الدراهم ، كذلك لا تجوز لا إله إلا اللّه إلا بنور الإخلاص ، إن الفضة السوداء لتزخرف بالفضة البيضاء . ثم



    “ 321 “

    قال : عند تصحيح الضمائر يغفر اللّه الكبائر ، فإذا عزم العبد على ترك الآثام أتته من السماء الفتوح والدعاء المستجاب الذي تحرّكه الأحزان .
    قلت : فأكون معك يا راهب وأقيم عندك ؟ قال : ما أصنع بك ومعي معطي الأرزاق ، وقابض الأرواح ، يسوق إليّ الرزق في كل وقت ، لم يكلفني جمعه ، ولم يقدر على ذلك أحد غيره .
    وروينا أيضا من حديث ابن ثابت قال : انا علي بن أحمد الرزاز ، نبأ أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش ، نبأ محمد بن يحيى ، حدثني جعفر بن أبي جعفر الرازي ، قال :

    كتب إبراهيم بن أدهم إلى أخ له :
    بسم اللّه الرحمن الرحيم .
    أما بعد ، فإني أوصيك بتقوى من لا تحلّ معصيته ، ولا يرجى غيره ، ولا يدرك الغنى إلا به . من استغنى به عزّ وشبع وروي ، وانتقل عندما أبصر قلبه عما أبصرت عيناه من زهرة الدنيا ، فتركها وجانب شبهها ، فرضي بالحلال الصافي منها ، إلا ما لا بد له منه من كسرة يشدّ بها صلبه ، وثوب يواري به عورته ، أغلظ ما يجد وأخشنه .
    وروينا من حديثه أيضا قال : حدثنا محمد بن عمر العكبري ، انا علي بن الفرج بن روح ، نبأ عبد اللّه بن محمد بن أبي الدنيا ، نبأ الحسين بن عبد الرحمن قال : كتب بعض الحكماء إلى أخ له :
    أما بعد ، فاجعل القنوع ذخرا تبلغ به ، إلى أن يفتح لك باب يحسن لك الدخول فيه .
    فإن الثقة مع القانع لا تخذل ، وعون الإله مع ذوي الإناءة . وما أقرب الصنع مع الملهوف .
    وربما كان الفقر نوعا من آداب اللّه ، وخيرة في العواقب . والحظوظ ثمرات ، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك ، فإنك تدركها في أوانها غدية . والمدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح فيه لما تؤمّل ، فثق بخيرته لك في الأمور كلها والسلام .

    ومن حديثه أيضا في روايتنا قال : نبأ محمد بن عبد الملك بن بشران ، انا دعلج بن أحمد ، نبأ أبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون العدوي ، نبأ عمرو بن الحباب ، نبأ يعلى بن الأشدق ، نبأ عبد اللّه بن جرادة ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « ليس الأعمى من عمي بصره ، ولكن الأعمى من تعمى بصيرته » .
    وروينا أيضا من حديثه قال : نبأ الحسين بن عمر بن برهان ، نبأ عبد الباقي بن نافع ،



    “ 322 “

    نبأ بشر بن موسى ، نبأ عبيد اللّه بن صالح ، قال : كتب رجل إلى محمد بن السمّاك : صف لي الدنيا . فكتب إليه :
    أما بعد ، فإن اللّه حفّها بالشهوات ، ثم ملأها بالآفات . مزج حلالها بالرزيات ، وحرامها بالتبعات . فحلالها حساب ، وحرامها عذاب .

    شعر
    إذا امتحن الدنيا لبيب تكشّفت * له عن عدوّ في ثياب صديق
    روينا من حديث الخرائطي قال : نبأ حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق ، نبأ سيار بن حاتم الغنوي ، نبأ جعفر بن سليمان الضبعي ، نبأ هشام الدستوائي ، قال : بلغني في خطبة عيسى عليه السلام : تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير العمل ، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل . ويلكم علماء السوء ، الأجر تأخذون والعمل تضيّعون .
    يوشك رب العلم أن يطلب علمه ، ويوشك أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه .

    ولنا في القبر والتحريض على الغرس عليه :
    مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على قبرين فقال : « إنهما ليعذّبان ، وما يعذّبان في كبير . أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول » . ثم دعا بقضيب رطب فشقّه اثنين ، وغرس على كل قبر منهما واحدا ، وقال : « إنه ليخفّف عنهما ما لم ييبسا » .
    في القبر أسرار يراها الذي * عنه غطاء الحسن مكشوف
    فاذكروا فإن كل امرئ * بفعله في القبر مصروف
    هذا الذي أذكره عندنا * وعند أهل الكشف معروف
    عاينت قوما عذبوا في الصدا * كان لهم نقص وتطفيف
    فهل لغصن البان من غارس * بقبرهم ففيه تخفيف
    ما دام رطبا يانعا أخضرا * ولم يقم بالغصن تجفيف
    تأسيا فإنه لم يقل * بأنه عليه موقوف
    وفي تأسّينا به عصمة * منجية منه وتشريف
    ولنا في قوله تعالى : فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ :
    من آمن المكر من اللّه * فأمنه المكر من اللّه
    هذا الذي يأمن من مكره * هل جاءه وحي من اللّه



    “ 323 “

    كيف له بالأمن من مكره * جراءة منه على اللّه
    هذاك جبريل على قربه * لا يأمن المكر من اللّه
    فلذ بجنب اللّه واسترعه * وارجع إلى اللّه من اللّه
    فالصادق المصدوق عبد أتى * بكله شوقا إلى اللّه
    روينا من حديث القشيري رحمه اللّه قال : لما ظهر إبليس على ما ظهر ، طفق جبريل وميكائيل عليهما السلام يبكيان زمانا طويلا ، فأوحى اللّه تعالى إليهما : ما لكما تبكيان كل هذا البكاء ؟ فقالا : يا رب ، لا نأمن من مكرك . فقال اللّه تعالى : هكذا كونا لا تأمنا مكري .
    كنت ببغداد في سنة ثمان وستمائة ، فرأيت في النوم ليلة الحادي عشر من رمضان قد فتحت أبواب السماء وفتحت خزائن المكر ، ونادى مناد : ما ذا أنزل الليلة من مكر اللّه ؟
    فاستيقظت فزعا مما رأيت .

    زيادة عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه في مسجد المدينة
    روينا من حديث الواسطي هو ابن عبيد اللّه قال : نبأ عيسى ، أخبرني علي بن جعفر ، نبأ محمد بن إبراهيم ، نبأ محمد بن النعمان ، نبأ عبد اللّه بن الزبير الحميدي ، نبأ سفيان بن بشر بن عاصم ، أنه سمع سعيد بن المسيّب يحدّث أنه سمع كعبا قال :
    كان للعباس دار ، فلما أراد عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أن يوسّع مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ منه الدار ، فقال : ليس إلى ذلك سبيل ، أو اجعل بيني وبينك رجلا ، فجعل بينهما أبيّ بن كعب ، فقال أبيّ : إنه لما أمر سليمان عليه السلام ببناء بيت المقدس ، وكانت أرضه لرجل ، فأخذها منه سليمان عليه السلام ، فقال له الرجل : الذي أخذت منك خير أم الذي أعطيتني ؟ قال : بل الذي أخذت منك ، فقال له : إني لا أجير البيع ، حتى اشتراها منه بحكمه على أن لا يسأله كثيرا ، فسأله شيئا كثيرا ، فتخاصم هو وسليمان في ذلك إلى ربه عز وجل ، فأوحى اللّه إليه : إن كنت إنما تعطيه من عندنا فاعطه حتى يرضى ، فرضي العباس ، وقال : أما إذا كان ذلك كذلك فإني قد جعلتها صدقة مني للمسجد على المسلمين .

    تذكرة نبوية باجتناب صفات دنيّة
    روينا من حديث الخرائطي قال : حدثنا أبو قلابة البصري عبد الملك بن محمد بن



    “ 324 “

    عبد اللّه ، نبأ عبد الصمد بن عبد الوارث ، نبأ هاشم الكوفي ، نبأ زيد الخثعمي ، عن أسماء بنت عميس الخثعمية قالت :
    سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : « بئس العبد عبد تخيّل واختال ، ونسي الكبير المتعال .

    بئس العبد عبد سها ولها ، ونسي المقابر والبلا . بئس العبد عبد بغى وعنا ، ونسي المبتدأ والمنتهى . بئس العبد عبد يخيّل الدين بالشبهات . بئس العبد عبد طمع يقوده . بئس العبد عبد هوى يضله » .
    روينا من حديث الحميدي قال : نبأ الحناي ، عن ابن أبي الحديد ، عن أبي بكر ، عن أبي موسى قال : قال أبو حازم :
    من اعتدل يوماه فهو مغبوط ، ومن غده شر يوميه فهو محروم . ومن لم ير الزيادة في نفسه كان في نقصان ، ومن كان في نقصان فالموت خير له . ومن كان غده أحسن يوميه ويومه أحسن من أمسه ، فهو رابح معنى به .

    روينا من حديث الخرائطي قال : نبأ أحمد بن نبيل الأيامي ، نبأ أبو معاوية الضرير ، نبأ داود بن هند ، عن الشعبي قال :
    لما طعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه جاء العباس فقال : يا أمير المؤمنين ، أسلمت حين كفر الناس ، وجاهدت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين خذله الناس ، وقتلت شهيدا ، ولم يختلف عليك اثنان ، وتوفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو عنك راض . فقال له : أعد عليّ ، فأعاد عليه . فقال : المغرور من غررتموه ، واللّه لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت ، لافتديت به من هول المطلع .

    روينا من حديث الحميدي قال : حدثنا محمد بن إبراهيم ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن جعفر ، نبأ إبراهيم بن الهيثم البلدي ، نبأ آدم بن أبي أياس ، نبأ شعبة ، عن عاصم بن عبيد اللّه ، عن سالم بن عبد اللّه ، عن أبيه قال :
    كان رأس عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه على فخذي في موضعه الذي مات فيه ، فقال : ضع رأسي على الأرض ، فقلت : ما عليك كان على الأرض أو على فخذي ؟ فقال :
    لا أمّ لك ، ضعه على الأرض ، فوضعته على الأرض ، فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي .

    قرأت على أبي ذرّ الخشني لأبي عمرو البجلي في الأمالي لأبي علي القالي :
    تمتع من شميم عرار نجد * فما بعد العشية من عرار





    “ 325 “

    ألا يا حيّذا نفحات نجد * وريا روضه غبّ القطار
    وعيشك أن يحل القوم نجدا * وأنت على زمانك غير زار
    شهور تنقضين وما علمنا * بإنصاف لهن ولا سدار
    فأما ليلهنّ فخير ليل * وأفضل ما يكون من النهار
    وأنشدنا أبو بكر بن خلف بن صاف اللخمي رحمه اللّه للطائي :
    كم منزل في الأرض يألفه الفتى * وحنينه أبدا لأول منزل
    نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى * ما الحبّ إلا للحبيب الأول

    ومما نظمته الأسواق بلسان الاشتياق قولنا في نظام الحسن عين الشمس بهاء الجمال :
    يا حبذا سرحة الوادي وبانته * وحبذا زهر بالروض بسّام
    أهدى النسيم لنا من عرفة خبرا * إن النسيم إذا ما هبّ نمّام
    بكلّ فنّ من الألحان ناطقة * أطياره طربا والسرب نوّام
    وفي ترجعها بالصوت لو علمت * للمستهام بعين الشمس أعلام
    إن الهوى عجمة لا يستطاع له * حدّ ولكن له في النفس أحكام
    منها النحول ومنها عبرة وجوى * ورقة وصبابات وتهيام
    وما له آخر تحيي النفوس به * لأن أوله موت وأعدام
    فإن تمادى الهوى بالحب أضعفه * كما يضعّفه قرب وإلمام

    ومما قيل فيمن عشق فعفّ
    وقد روينا فيه حديثا حسنا ، حدثناه محمد بن قاسم ، قال : حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني ، ولا أذكر الإسناد ، سند الحافظ السلفي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فإن وجدته سألحقه بالطرّة ، أو رحم اللّه عبدا عرفه فألحقه من طريق السلفي على هذا الحديث في كتابي هذا .

    قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « من عشق فعفّ ومات ، مات شهيدا » .
    حدثنا إسماعيل بن محمد قال : حدثني نصر بن أبي الفرج ، عن علي الحصري ، أنا أبو القاسم ، انا أبي ثابت بن بندار ، أنا أبو عبد اللّه بن أحمد بن عثمان أبو القمر الصيرفي ، أنا أبو بكر بن شادان ، أنبأ أبو عبد اللّه إبراهيم بن محمد بن عرفة ، قال :



    “ 326 “

    دخلت على محمد بن داود في مرضه الذي مات فيه ، فقلت له : ما بك يا سيدي ؟
    قال : حب من تعلم أورثني ما ترى ، يعني ابن جامع الصيدلاني .
    قلت : فما منعك من الاستمتاع به مع القدرة عليه ؟
    فقال : الاستمتاع على وجهين : أحدهما النظر المباح والثاني اللذة المحظورة ، فأما النظر المباح فأورثني ما ترى ، وأما اللذة المحظورة فيمنعني ما حدثني أبي ، عن سويد بن سعيد ، عن علي بن مسهر ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : « من عشق فكتم وعفّ وصبر ، غفر اللّه له وأدخله الجنة » .

    قال : أنشدني لنفسه :
    ما لهم أنكروا سوادا بخدّي * ه ولا ينكرون ورد الغصون
    إن يكن عيب خدّه مدد الشع * ر فعيب العيون شعر الجفون

    فقلت : قلبت القياس في الفقه وأثبته في الشعر ، فقال : غلبة الهوى وملكة النفوس دعتنا إلى ذلك .
    أنشدنا ابن طباطبا العلوي في هذا الباب لنفسه رحمه اللّه :
    إن عاد قلبي في الهوى وله * ولقيت عذالي بما كرهوا
    أو كان شعري مودعا غزلا * أخفيته ورعا وأظهره
    واللّه يعلم ما أتيت خنا * إن كثر العذال أو سفهوا
    ما ذا يعيب الناس من رجل * خلص العفاف من الأنام له
    إن همّ في حلم بفاحشة * زجرته همّته فينتبه
    يقظانه ومنامه شرع * كلّ بكل منه مشتبه

    وقال الآخر :
    كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني * منه الحياء وخوف اللّه والحذر
    أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم * وليس لي في حرام منهم وطر
    كذلك الحبّ لا إتيان معصية * لا خير في لذّة من بعدها كدر

    ومن الأخبار النبوية
    ما رويناه من حديث آصف بن زيد بن أحمد ، انا ميمون بن محمد ، أنا أبو شجاع محمد بن حمزة العلوي ، أنا أبو الطيب طاهر بن الحسين المطوعي ، انا أحمد بن علي



    “ 327 “

    السعداني ، نبأ محمد بن محمد المؤذن ، نبأ حامد بن سهل ، نبأ عبد اللّه بن زياد الحارثي ، نبأ سيار بن حاتم أبو سلمة العمري ، نبأ أبو عاصم العبداني ، نبأ أبو الفضل الرقاشي ، نبأ محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه ، قال :

    قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « قال لي جبريل عليه السلام : إن اللّه تعالى يخاطبني يوم القيامة يقول لي : يا جبريل ، ما لي أرى فلانا في صفوف أهل النار ؟ قال : فأقول : يا رب ، إنّا لم نجد له حسنة يعود بها عليه خير اليوم . قال : يقول اللّه تعالى : إني سمعته يقول في الدنيا : يا حنّان يا منّان ، فائته فاسأله ما ذا عنى بقوله : يا حنّان يا منّان ؟ فآتيه فأسأله فيقول : هل من حنّان منّان غير اللّه ؟ فآخذ بيده من صفوف أهل النار فأدخله صفوف أهل الجنة » .

    روينا من حديث مرفوع إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « من أطعم أخا له من جوعة أطعمه اللّه عز وجل من ثمر الجنة ، ومن سقاه من ظمأ سقاه اللّه من الرحيق المختوم ، ومن كساه من عراء كساه اللّه عز وجل من خضر الجنة . ولم يزل في حرز اللّه وجواره وكنفه ما بقي عليه منه شيء » .

    وروينا من حديث البرقي أبي عبد اللّه محمد بن محمد ، نبأ أبو عبد اللّه محمد بن أبي بكر الوراق ، نبأ خلف بن محمد ، نبأ أحمد بن حاتم نبأ ابن أبي كرامة الخير بن النضر ، انا عيسى بن موسى ، عن أبي حمزة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ، قال : قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ما الزهد في الدنيا ؟ قال : « أن تحب ما يحب خالقك ، وأن تبغض ما أبغض خالقك ، وأن تتحرّج من حلال الدنيا كما تتحرّج من حرامها ، فإن حلالها حساب وحرامها عقاب ، وأن ترحم جميع المسلمين كما ترحم نفسك ، وأن تتحرّج من الكلام فيما لا يعنيك كما تتحرّج من الحرام ، وأن تتحرّج من كثرة الأكل كما تتحرّج من الميتة » .

    ومن محاسن الكلام
    من جهل المرء أن يعصي ربه في طاعة هواه ، ويهين نفسه في إكرام الدنيا ، وهو من هواه في ضلال ومن دنياه في زوال . أيام الدهر ثلاثة : يوم مضى لا يعود إليك ، ويوم أنت فيه لا يدوم عليك ، ويوم مستقبل لا تدري ما حاله وما أهله ، فتعرّ من أمسك الماضي ، وتزوّد من يومك الفاني لغدك الآتي . كل يوم يسوق إلى غده ، وكل امرئ مأخوذ بجناية لسانه ويده . خير عملك ما استصلحت به يومك ، وشرّه ما استفسدت به قومك . الحذر خير من الهدر ، لأن الحذر يضعف الحجة والهدر يتلف المهجة . إياك والهدر فإن بكثرة




    “ 328 “

    الكلام يزلّ اللسان ويمل الإخوان ويبرم الجليس ويسأم الأنيس ، فأقلل المقال وتوقّ الآمال . من أفرط في المقال زلّ ، ومن استخفّ بالرجال ذلّ . من قلّ كلامه بطن عيبه ومن كثر احترامه حسن غيبه ، فاقتصر من كلامك على اليسير وخذ في احترامك عن التقصير ، تستر عنك العيوب وتجمع على محبتك القلوب . من قبل توقّيه كثرت مساويه .
    من حسنت مساعيه طابت مراعيه . من حسن الاختيار الإحسان إلى الاختيار . ما عزّ من ذلّ جيرانه ، وما سعد من شقى إخوانه .
    إذا شرف الخلق لطف النطق . إذا كرمت السجية حسنت الطوية . من أعز فلسه أذلّ نفسه . حسن اللقاء يولد حسن الإخاء .
    من كرم حلم ، ومن لطف شرف . عادة الكفران تقطع مادة الإحسان . المطل شر المنعين ، والباس أحد النجحين . من لم يشكر الإحسان لم يعدم الحرمان .
    جهل يضعف حجتك خير من علم يتلف مهجتك ، فتحصّن بالجهل إذا نفع كما يتحصّن بالعلم إذا نفع . من قال ما لا ينبغي سمع ما لا يشتهي .
    قصّر كلامك تسلم وأطل احتشامك تكرم . من قال بلا احترام أجيب بلا احتشام . من نكر الخطاب أنكر الجواب .

    من لم يحمل قيلا لم يسمع جميلا ، فلا تقولنّ ما يسوؤك جوابه ويضرك معابه .
    لكل قول جواب ولكل فعل ثواب ، فلا تقولنّ مرّا تفعلنّ شرّا ، ولا تعوّدنّ نفسك إلا ما يكتب لك أجره ويحسن عنك نشره . لا تحاجّ سلطانك ولا تلاحّ إخوانك ، فمن حاجّ سلطانه قهر ومن لاح إخوانه هجر . إياك ومحاجّة من يفنيك قهره وينفذ فيك أمره . اعقل لسانك إلا عن حق توضحه ، أو باطل تدحضه ، أو حكمة تنشرها ، أو نعمة تشكرها .

    إياك وما توحش به حرّا أو تطلب له عذرا ، فمن أوحش الأحرار زهد في عشرته ومن أكثر الاعتذار شك في عذرته .

    ومن باب من لم تلحظه العيون لفقره وهو جمّ الفضائل
    ما رويناه من حديث ابن ثابت قال : انا علي بن أحمد بن محمد المقري ، وعبد الملك بن مجهد بن عبد اللّه بن بشران ، نبأ محمد بن الحسين الآجريّ بمكة قال : نبأ بعض أصحابنا عن أبي الفضل الشكلي قال :
    رأيت شابّا في بعض الطريق عليه خلق ، فكأني لم أحفل به ، فالتفت إليّ وقال :
    لا تنب عني بأن ترى خلقي * فإنما الدّود داخل الصّدف
    علمي جديد وملبسي خلق * ومنتهى اللبس منتهى العلف



    “ 329 “

    ومن باب عز النفس بالغنى باللّه
    ما رويناه من حديث ابن ثابت قال : انا عبد الرحمن بن النيسابوري ، انا محمد بن عبد اللّه بن شادان ، قال : سمعت يوسف بن الحسين يقول : سمعت ذا النون يقول : بينا أنا سائر في بعض الطرق ، فإذا فتى حسن الثياب ، حسن الوجه ، أثر التهجّد بين عينيه .
    فقلت : حبيبي ، من أين أقبلت ؟ قال : من عنده .
    فقلت : وإلى أين ؟ قال : إلى عنده . قال : فعرضت عليه النفقة ، فنظر إلي مغضبا ثم ولّى عني . وأنشأ يقول :
    وكافر باللّه أمواله * تزداد أضعافا على كفره
    ومؤمن ليس له درهم * يزداد إيمانا على فقره
    لا خير فيمن لم يكن عاقلا * يمدّ رجليه على قدره

    وأنشد ابن ثابت في روايتنا ، قال : أخبرني علي بن أحمد بن حفص الغازي ، قال :
    أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسين بمكة ، قال : أنشدني أبو بكر عبد اللّه بن حميد المؤدب :
    ربّ ذي طمرين قد صا * ن من العالم سرّه
    لا يرى إلا غنيا * وهو لا يملك ذرّه
    ثم لو أقسم في شيء * على اللّه أبرّه
    وأنشد في غير هذه الرواية من هذا الشعر بيتا رابعا في أوله وهو :
    ربّ ذي طمرين فينا * يأمن العالم شرّه
    ثم ساق الأبيات الثلاثة كما ذكرناها.

    ومن باب كم من استغفار يحتاج إلى استغفار
    روينا من حديث ابن ثابت قال : نبأ أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس ، انا محمد بن أحمد بن الورّاق ، سمعت عبد اللّه بن سهل الرازي ، سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول : كم من مستغفر ممقوت وساكت مرحوم . قال يحيى : هذا استغفر اللّه وقلبه فاجر ، وهذا سكت وقلبه ذاكر .
    سمعت بعض مشايخنا بقرطبة يقول : وقد حضر معنا متقشف ، رأى منه الشيخ ما لم نر ، وعرف منه ما لم نعرف ، الضمير الضمير ، ما هو بلباس الخلقان وخبز الشعير .



    “ 330 “

    ومن الحكمة النافعة والألفاظ الجامعة
    جود الرجل يحبّبه إلى أضداده ، وبخله يبغّضه إلى أولاده . ونسيان البرّ يؤدي إلى حطّ الشكر . من منع برّه طوى شكره . لا تسيء إلى من أحسن إليك ، ولا تعن على من أنعم عليك . من أساء إلى المحسن منع الإحسان ، ومن أعان على المنعم سلب الإمكان . ومن وفى لك فقد قضى حق الإسلام واستحق الإنعام . من جحد النعمى فقد الحسنى .
    ما أقبح منع الإحسان مع حسن الإمكان . إذا أذنبت فاعتذر وإذا أذنب إليك فاغتفر ، فالمعذرة بيان العقل والمغفرة برهان الفضل . عادة الكرام الجود وعادة اللئام الجحود .
    حسن النيّة أتمّ وألطف ، وكرم السجيّة أعظم فخرا وأشرف . من غرس شجرة الحلم اجتنى ثمرة السلم .

    روينا من حديث أبي بكر بن ثابت قال : نبأنا أبو طالب بن يحيى بن علي بن الطيب العجلي بحلوان ، سمعت عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه الدامغاني بها يقول : سمعت ابن سلام المعروف بحسن بن علوية الواعظ ، سمعت أبا زكريا يحيى بن معاذ الرازي يقول :
    بدء أمري في سياحتي ، خرجت من الري فوقع في قلبي شأن المئونة ، فتفكرت في نفسي ، فإذا بهاتف يهتف في قلبي : أخرج ما في الجيب حتى نعطيك من الغيب .

    وحدثني أبو عبد اللّه المروزي بمروز قال : سمعت الشيخ أبا مدين شعيب نزيل بجاية يقول : من عرف اللّه من الجيب رزقه من الجيب ، ومن عرفه من الغيب رزقه من الغيب .

    وروينا من حديث ابن ثابت قال : انا عبد الرحمن بن محمد النيسابوري ، نبأ محمد بن عبد اللّه بن بهلول الفقيه ، نبأ أحمد بن علي بن أبي حميرة ، قال : سمعت سهل بن عبد اللّه يقول : حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكره اللّه عز وجل .

    روينا من حديثه أيضا قال : انا محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزار ، حدثنا جعفر بن محمد بن نصير ، نبأ أبو العباس أحمد بن مسروق الطوسي ، قال : حدثني يحيى الجلا ، وكان من عباد اللّه الفاضلين ، قال : سمعت بشرا ، يعني الحافي ، يقول لجلسائه :
    سيحوا ، فإن الماء إذا ساح طاب ، وإذا وقف تغيّر واصفرّ .

    ومن حديثه قال : انا أحمد بن الحسين بن السمّاك ، سمعت أبا بكر البرقيّ بدمشق يقول : سمعت أبا بكر الدقاق يقول : بني أمرنا هذا على أربع : لا نأكل إلا عن فاقة ، ولا ننام إلا عن غلبة ، ولا نسكت إلا عن خيفة ، ولا نتكلم إلا عن وجد .
    وحدثنا ابن ثابت قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد النيسابوري ، قال : انا



    “ 331 “

    محمد بن عبد اللّه المذكور ، قال : سمعت أبا القاسم البصري بهراة يقول : من لم يكن في حاله قويا وبمعروفه غنيا ، صار وقته فوتا وحياته موتا .

    ولنا من باب من التذّ بالهوى
    لذيذ الهوى مرّ لدى كل جاهل * كما مرّه حلو لدى كل عاقل
    فيا رب لا تخلي فؤادي من الهوى * ولا تخلني ما عشت من عذل عاذل
    تطيب لنا الذكرى إذا ذكرت لنا * فعيش الفتى في البين ذكر العواذل
    فما أعذب التعذيب ممن أجبّه * فكيف مذاق الحبّ عند التواصل
    يلطّفني لطفا وظرفا ورقة * ويورثني الإقدام عند النوازل
    فمالي لا أهوى الهوى وألذّه * وفيه إذا أنصفت كل الفضائل

    ولنا من هذا الباب :
    لكل شخص من هواه * في هواه ما نوى
    إن النعيم بالهوى * ليس النعيم بالجوى
    الحزن من آثاره * وسلب أسباب القوى
    والوجد والتهيام والت * بريح من حكم الهوى
    وصاحب السلطان في * ما قد ذكرناه الهوى

    ومن باب من سأل الشفاء من الهوى
    ما رويناه من قول مجنون بني عامر :
    وما سرّني أني خليّ من الهوى * على أن لي ما بين شرق إلى غرب
    فهذا دعائي كل يوم وليلة * بطول الليالي أو أغيّب في التراب
    فلا خفف الرحمن ما بي من الهوى * ولا رفع الرحمن من حبّكم جنبي
    ولا خير في حبّ بغير بليّة * ولا خير فيمن لم يمت من جوى الحبّ

    ومنه مع وجود اللذة به :
    مرارة الحبّ طعم الحب أيسرها * وقد وجدت أمر الحبّ أحلاه
    ومشفق جاء مسرورا بتهنئة * فلم يرم إن بكى حزنا وعزّاه
    ولأبي جعفر الشطرنجي :



    “ 332 “

    تجنّب فإن الحبّ داعية الحب * فكم من بعيد وهو مستوجب القرب
    وأطيب أيام الهوى يومك الذي * يقدّر فيه بالعتاب وبالعتب
    تفكر فإن حدّثت أن أخا الهوى * نجا سالما فارج النجاة من الحب

    وأنشدنا أبو القاسم بن مرتين لبعضهم :
    ولي فؤاد إذا طال العذاب به * هام اشتياقا إلى لقيا معذّبه
    يفديك صبّ لو يكون له * أعزّ من نفسه شيئا فداك به

    ولوهب في معناه :
    تعمل الأجفان بالدعج * عمل الصهباء في المهج
    قل لظبي يسترقّ له * مهج الأحرار بالدعج
    أنت والأجفان ما لحظت * من فتور العين في حرج
    كيف أدعو اللّه أسأله * فرجا ممن به فرجي

    كتاب أبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه إلى أهل اليمن يحرّضهم على غزو الروم بالشام وما قالوا في ذلك

    بسم اللّه الرحمن الرحيم .
    من خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى من قرئ عليه كتابي من المؤمنين والمسلمين من أهل اليمن ، سلام عليكم .
    أما بعد :
    فإني أحمد اللّه الذي لا إله إلا هو ، فإن اللّه كتب على المؤمنين الجهاد ، وأمرهم أن ينفروا خفافا وثقالا . قال اللّه تعالى : جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . فالجهاد فريضة مفروضة ، وثوابه عند اللّه عظيم ، وقد استنفرنا من قبلنا من المسلمين إلى جهاد الروم بالشام ، وقد سارعوا إلى ذلك ، وعسكروا وخرجوا ، وأحسنت في ذلك نيّتهم ، وعظمت في الخير حسنتهم ، فسارعوا عباد اللّه إلى فريضة ربكم ، وإلى إحدى الحسنيين ، إما الشهادة وإما الفتح والغنيمة ، فإن اللّه لم يرض من عباده بالقول دون العمل ، ولا يترك أهل عدوانه حتى يدينوا بالحق ويقرّوا بحكم الكتاب ، أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، حفظ اللّه لكم دينكم ، وهدى قلوبكم ، وزكى أعمالكم ، ورزقكم أجر المجاهدين والصابرين ، والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته .
    وبعث بهذا الكتاب مع أنس . قال الرملي : فحدثنا الحسين بن زياد ، عن أبي



    “ 333 “

    إسماعيل أحمد بن عبد اللّه ، عن محمد بن يوسف ، عن ثابت البناني ، عن أنس قال :
    أتيت أهل اليمن جناحا جناحا ، وقبيلة قبيلة ، أقرأ عليهم كتاب أبي بكر رضي اللّه عنه ، فإذا فرغت من قراءته قلت : الحمد للّه ، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا عبده ورسوله .

    بسم اللّه الرحمن الرحيم .
    أما بعد ، فإني رسول المسلمين إليكم ، ألا وإني قد تركتهم معسكرين ، لم يمنعهم من الشخوص إلى عدوّهم إلا انتظاركم ، فعجّلوا إلى إخوانكم ، رحمة اللّه عليكم أيها المسلمون . قال : وكان كل من أقرأ عليه ذلك الكتاب ويسمع في هذا القول يحسن الرد عليّ ويقول : نحن سائرون ، وكنا قد فعلنا ، حتى انتهيت إلى ذي الكلاع ، فلما قرأت عليه الكتاب وقلت هذا المقال ، دعا بسلاحه وفرسه ، ونهض في قومه من ساعته ، ولم يؤخر ذلك ، وأمر بالعسكر ، فما برحنا حتى عسكر وعسكر معه جموع كثيرة من أهل اليمن ، وسارعوا ، فلما اجتمعوا إليه قام فيهم ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلى اللّه عليه وسلم ،
    ثم قال :
    أيها الناس ، إن من رحمة اللّه إياكم ونعمته عليكم أن بعث فيكم رسولا ، وأنزل عليكم كتابا ، فأحسن عنه البلاغ ، فعلّمكم ما يرشدكم ، ونهاكم عمّا يفسدكم حتى لا يفسدكم ، حتى علّمكم ما لم تكونوا تعلمون ، ورغّبكم في الخير في ما لم تكونوا ترغبون ، ثم قد دعاكم إخوانكم الصالحون إلى جهاد المشركين واكتساب الأجر العظيم ، فلينفر من أراد معي النفر الساعة . فنفر بعدد من أهل اليمن كثير ، وقدموا على أبي بكر . قال : فرجعنا نحن فسبقناه بأيام ، فوجدنا أبا بكر رضي اللّه عنه بالمدينة ، ووجدنا ذلك العسكر على حاله ، ووجدنا أبا عبيدة يصلي بأهل ذلك العسكر . فقدمت حمير على أبي بكر ومعها نساؤها وأولادها ، ففرح أبو بكر بمقدمهم ، فلما رآهم أبو بكر قال :
    عباد اللّه ، ألم نكن نتحدث فنقول : إذا أقبلت حمير تحمل أولادها ومعها نساؤها نصر اللّه المسلمين وخذل المشركين ، فأبشروا أيها المسلمون ، فقد جاءكم النصر من اللّه .

    قال : وجاء قيس بن هبيرة بن مكسوح المرادي ، وكان من فرسان العرب في الجاهلية ، ومن أشرافهم وأشدّائهم ، ومعه جمع كثير من قومه ، حتى أتى أبا بكر ، فسلّم عليه ، ثم جلس إليه ، فقال لأبي بكر : ما تنتظر بيعة هذه الجنود ؟
    فقال أبو بكر : ما كنا ننتظر إلا قدومكم . قال : فقد قدمنا ، فابعث الناس الأول فالأول ، فإن هذه البلدة ليست ببلدة خفّ ولا كراع . قال : فخرج أبو بكر يمشي ، فدعا يزيد بن أبي سفيان فعقد له ، ودعا زمعة بن

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 15:11