..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty25/11/2024, 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty25/11/2024, 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty25/11/2024, 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty25/11/2024, 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty25/11/2024, 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty25/11/2024, 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 12

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 14:04

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء 12
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2

    “ 166 “

    نفس أبيّة وهمة عليّة
    روينا من حديث إسماعيل بن يونس ، قال : أنشدنا الرياشي للخليل بن أحمد الفراهيدي :
    أبلغ سليمان أني عنه في سعة * ولي غنى غير أني لست ذا مال
    أسخو بنفسي لأني لا أرى أحدا * يموت هزلا ولا يبقى على حال
    الرزق عن قدر لا الضعف يمنعه * ولا يزيدك فيه حول محتال
    ومن ذلك وصية سنية
    روينا من حديث محمد بن موسى القطان عن المازني لأعرابي :
    أيها الرائب الحريص المعنّى * لك رزق فسوف تستوفيه
    قبّح اللّه نائلا ترتجيه * من يدي من يريد أن يقتضيه
    إنما الجود والسماح لمن يع * طيك عفوا وماء وجهك فيه
    لا ينال الحريص شيئا فيكفي * ه وإن كان فوق ما يكفيه
    فاسأل اللّه وحده ودع النا * س واسخطهم بما يرضيه

    حكمة
    قال : أنشدنا محمد بن صالح الأنماطي لبعضهم :
    يخيب الفتى من حيث يزرق غيره * ويعطى الفتى من حيث يحرم صاحبه

    ولبعضهم :
    لا تضرعنّ لمخلوق على طمع * فإن ذاك مضرّ منك بالدين
    واسترزق اللّه رزقا من خزائنه * فإنما هي بين الكاف والنون


    صفة حميدة وحالة سعيدة
    روينا من حديث عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، قال : نبأ ابن عيينة ، قال بعض الخلفاء لأبي حازم ، يعني الأعرج : ما مالك ؟ فقال : الرضى عن اللّه ، والغنى عن الناس .

    ثم أنشد ابن قتيبة في معناها لبعضهم :

    “ 167 “

    للناس مال ولي مالان ما لهما * إذا تحارس أهل المال حراس
    مالي الرضى بالذي أصبحت أملكه * ومالي البأس فيما يملك الناس


    وهذا أبو حازم هو الذي قال له هشام لما ولّي البحرين واجتمع به : ما طعامك ؟ قال :
    الخبز والزيت . فقال له : أفلا تسأمها ؟ قال أبو حازم : إذا سئمتهما تركتهما حتى اشتهيتهما .
    قوله تعالى : وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ
    روينا من حديث محمد بن سلام أبياتا لأعرابي وهي :
    وما هذه الأيام إلا معارة * فما اسطعت من معروفها فتزوّد
    فإنك لا تدري بأية بلدة * تموت ولا ما يحدث اللّه في غد
    يقولون لا تبعد ومن يك بعده * ذراعين من قرب الأحبّة يبعد


    عبرة بنفوذ قضاء على يد كاره له
    روينا من حديث ابن أبي الدنيا ، عن أبي زيد ، قال : حدثنا الأصمعي ، قال : أتى يزيد بن مسلم رجل برقعة وسأله أن يرفعها إلى الحجاج ، فنظر فيها يزيد فقال : ليس هذه من الحوائج التي ترفع للأمير . فقال له الرجل : فإني أسألك أن ترفعها فلعلها أن توافق قدرا فيقضيها وهو كاره . فأدخلها ، وأخبره بمقالة الرجل . فنظر الحجاج في الرقعة فقال ليزيد :
    قل للرجل إنها قد وافقت قدرا ، وقد قضيناها ونحن كارهون .


    حكمة من امرأة
    روينا من حديث أحمد بن مروان قال : أنشدنا الحسين بن علي لامرأة من ولد حسان بن ثابت شعر :
    سل الخير أهل الخير قدما ولا تسل * فتى ذاق طعم العيش منذ قريب



    خبر الخضر في مسجد النبي صلى اللّه عليه وسلم
    حدثنا عبد اللّه بن عبد الرحمن قال : ثنا المبارك بن علي بن الحسين ، ثنا


    “ 168 “

    عبيد اللّه بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أبو سعيد الماليني ، ثنا أبو أحمد بن عديّ الحافظ ، ثنا محمد بن يوسف بن عاصم ، ثنا أحمد بن إسماعيل القرشي ، ثنا عبد اللّه بن نافع ، عن كثير بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان في المسجد ، فسمع كلاما من زاوية ، فإذا هو قائل : اللهم أعنّي على ما ينجيني مما خوّفتني .

    فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين سمع ذلك : « ألا تضم إليها أختها ؟ » ، فقال الرجل :
    اللهم ارزقني شوق الصادقين إلى ما شوّقتهم إليه . قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأنس بن مالك وكان معه : « اذهب يا أنس إليه فقل له : يقول لك رسول اللّه : استغفر لي » . فجاءه أنس فبلّغه .
    فقال الرجل : يا أنس ، أنت رسول رسول اللّه إليّ ؟ فقال : كما أنت ، فرجع واستثبته ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « قل له نعم » .
    فقال له : اذهب فقل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : فضلك على الأنبياء بمثل ما فضل به رمضان على الشهور ، وفضل أمّتك على الأمم بمثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام . فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر عليه السلام .



    موعظة منظومة

    روينا من حديث أحمد بن محرز الهروي قال : وجد على ميل في طريق مكة مكتوب :
    ألا يا طالب الدنيا * دع الدنيا لشانيكا
    إلى كم تطلب الدنيا * وظلّ الميل يكفيكا
    هذه الأبيات لبهلول المجنون ، وعظ بها أمير المؤمنين هارون الرشيد في طريق مكة ، لما حجّ راجلا من أجل يمينه ، فقعد يستريح في ظل الميل ، فرآه بهلول ، فأنشده الأبيات . وفيها من

    الزيادة في غير هذه الرواية :
    هب الدنيا تؤاتيكا * أليس الموت يأتيكا


    ما ينبغي أن يكون عليه الخليل
    روينا من حديث إبراهيم الحربي قال : نبّأ أبو نصر ، عن الأصمعي قال : قيل لخالد بن صفوان : أيّ الإخوان أحب إليك ؟ قال : الذي يغفر زللي ، ويسدّ خللي ، ويقبل عللي .


    “ 169 “


    مكاتبة استلطاف
    روينا من حديث ابن قتيبة قال : كتب رجل إلى صديق له : وجدت المودّة منقطعة ، ما كانت الحشمة منبسطة . وليس يزيل سلطان الحشمة إلا المؤانسة ، ولا تقع المؤانسة إلا بالبرّ والملاطفة .


    إيقاظ وعبر واتّعاظ
    روينا من حديث الحسن بن علي قال : أنشدنا محمد بن سلام لبعضهم :
    نعي نفسي إلى مرّ الليالي * تصرّفهنّ حالا بعد حال
    فما لي لست مشغولا بنفسي * وما لي لا أبالي الموت ما لي
    لقد أيقنت أني غير باق * ولكني أراني ما أبالي
    أما لي عبرة في ذكر قومي * تفانوا ربما خطروا ببالي
    كأن ممرّضي قد قام يسعى * بنعشي بين أربعة عجال
    ولو أني قنعت لكنت حرا * ولم أطلب مكاثرة بمالي
    هب الدنيا تساق إليك عفوا * أليس مصير ذاك إلى زوال ؟
    فما ترجو بشيء ليس يبقى * وشيكا ما تغيّره الليالي

    ومن هذا الباب ما رويناه من حديث أحمد بن عباد قال : أنشدنا الرياشي :
    حصنت بيتك جاهدا * ولعلّ غيرك صاحب البيت
    وروينا من حديث محمد بن يونس ، عن الأصمعي قال : قيل للأحنف : إنك تطيل الصيام ، قال : إني أعدّه لسفر طويل .


    تحريض على الدعاء وتحضيض
    ومن روايتنا ما أنشده ابن قتيبة لبعضهم :
    وإني لأدعو اللّه والأمر ضيّق * عليّ فما ينفكّ أن يتفرّجا
    وربّ فتى سدّت عليه وجوهه * أصاب له في دعوة اللّه مخرجا


    شروط الإيمان أخلاق حسان
    حدثنا محمد بن قاسم ، نبأ هبة اللّه بن علي ، نبأ محمد بن بركات ، نبأ محمد بن


    “ 170 “


    سلامة ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر الصفار قال : انا أحمد بن إبراهيم بن جامع بن علي بن عبد العزيز ، نبأ الحجاج ، نبأ حمّاد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي بهدلة ، عن أبي هريرة ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال :
    « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه . ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم جاره . ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت » .


    إفساح لسان الزمان بما هو عليه الإنسان
    وروينا من حديث ابن مروان أحمد المالكي ، قال : أنشدنا أبو صالح الهمداني لبعض الشعراء :
    خذ من الدهر ما كفا * ومن العيش ما صفا
    لا تلحّن بالبكا * ء على منزل عفا
    خلّ عنك العتاب إن * خان ذو الودّ أو هفا
    عين من لا يحبّ وص * لك تبدي لك الجفا


    تصاريف الزمان وتقلّب الحدثان
    روينا من حديث الحارث الرياشي ، عن الأصمعي قال : قال خال الفرزدق :
    إذا ما الدّهر ذلّ على أناس * حوادثه أناخ بآخرينا
    فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا


    إيمان وحسن عشرة إخوان
    روينا من حديث عبيد بن مرداس ، نبأ سليمان بن حرب ، نبأ حمّاد بن زيد قال :

    دخل محمد بن واسع على قتيبة بن مسلم فقال له : أتيتك في حاجة رفعتها إلى اللّه قبلك ، فإن قضيتها حمدنا اللّه وشكرناك ، وإن لم تقضها حمدنا اللّه وعذرناك . قال : فأمر له بحاجته .

    استعطاف كريم واستمالة لئيم
    روينا من حديث إبراهيم الحربي قال : حدثني أبو نصر ، عن الأصمعي ، عن أبي


    “ 171 “


    الأشهب قال : لزم بعض الحكماء باب كسرى في حاجة له دهرا ، فلم يصل إليه ، فتلطف بالحاجب في إيصال رقعة له ، ففعل ، وكان فيها أربعة أسطر :
    السطر الأول : الضرورة والأمل أقدماني عليك .
    والثاني : العدم لا يكون معه صبر على المطالبة .
    والثالث : الانصراف بلا فائدة شماتة الأعداء .
    والرابع : فإما نعم مثمرة ، وإما لا مريحة .
    فلما قرأه وقع في كل سطر بأربعة آلاف ، فأعطى ستة عشر ألفا من المثاقيل .


    إفصاح بغالب الأحوال ممن يعد من الأبدال
    روينا من حديث إبراهيم بن أبي أليسع الشيعي ، عن أحمد بن الحارث الخرّاز ، عن المدائني قال : قال الحسن ، يعني البصري : ما أعطى رجل شيئا من الدنيا إلا قيل خذه ، ومثله من الحرص .
    ومن ذلك ما رويناه من حديث أحمد بن علي المقري قال : نبأ الأصمعي قال : العيال أرصنة المال .
    وبالإسناد الأول وهو من باب التذكير ، قال الحسن : أشد الناس صراخا يوم القيامة رجل سنّ ضلالا فاتّبع عليه ، ورجل سيّئ الملكة ، ورجل فادع استعان بنعم اللّه على معاصيه .


    حكمة بالغة
    روينا من حديث إبراهيم بن حبيب ، حدثنا نعيم بن حماد ، نبأ ابن المبارك ، نبأ حبيب بن حجر قال : كان يقال : ما أحسن الإيمان بزينة العلم ، وأحسن العلم بزينة العمل ، وأحسن العمل بزينة الرفق ، وما أضيف شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم .


    تذكرة حكيم
    روينا من حديث يوسف بن عبد اللّه ، عن سهل بن محمد ، عن الأصمعي ، عن عبد اللّه بن دينار ، عن عبد اللّه بن بكر المزني قال : جاء رجل فشتم الأحنف بن قيس ،


    “ 172 “

    فسكت عنه ، فأعاد عليه وألحّ ، والأحنف ساكت . فقال : وا لهفاه ، ما يمنعه عن جوابي إلا هواني عليه ؟



    ملاطفة وحلم
    روينا من حديث محمد بن يونس ، نبأ الأصمعي قال : أسمع رجل الشعبي كلاما ، فقال له الشعبي : إن كنت صادقا فغفر اللّه لي ، وإن كنت كاذبا فغفر اللّه لك .
    ثم أنشأ يقول :
    هنيئا مريئا غير داء مخامر * لعزّة من أعراضنا ما استحلت


    نفس أبيّة
    روينا من حديث أحمد بن موسى البصري ، عن أبي زيد ، عن الأصمعي ، عن أبي سفيان بن العلاء قال : إني لأرفع نفسي أن يكون ذنب أوزن من حلمي ، وإذا قال : هذا خلق حقير ، فعفو اللّه أسمح وحلمه أرجح .
    ومن هذا الباب ما رويناه من حديث محمد بن عبد العزيز ، عن ابن عائشة قال : ذكر أعرابي رجلا ، فقال : كان أحلم من فرخ طائر .
    شعر :
    إني لأعرض عن أشياء أسمعها * حتى يظن رجال أن بي حمقا
    أخشى جواب سفيه لا حياء له * فسل يظنّ أناس أنه صدقا

    ومن هذا الباب ما رويناه من حديث ابن مروان قال : نبأ أحمد بن داود ، عن الرياشي ، عن الأصمعي قال : بلغني أن رجلا قال لآخر : واللّه إن قلت لي واحدة لتسمعن عشرا . قال : لكنك لو قلت عشرا لم تسمع واحدة .



    وأنشدني لبعض الشعراء أبو بكر بن خلف :
    إذا نطق السفيه فلا تجبه * فخير من إجابته السكوت
    سكتّ عن السفيه فظنّ أني * عييت عن الجواب وما عييت
    ولكني اكتسيت بثوب حلم * وجنّبت السفاهة ما بقيت
    ومن هذا الباب ما رويناه من حديث أحمد بن داود قال : نبّأ الرياشي قال : أنبأ الأصمعي قال : كان الأحنف بن قيس يقول : من لم يصبر على كلمة سمع كلمات ، وربّ غيظ قد تجرّعته مخافة ما هو أشدّ منه .


    “ 173 “

    وأنشد لبعض الشعراء :
    وإن اللّه ذو حلم ولكن * بقدر الحلم ينتقم الحليم
    لقد ولّت بدولتك الليالي * وأنت ملعن فيها ذميم
    وزالت لم يعش فيها كريم * ولا استغنى بثروتها عديم
    فبعدا لا انقضاء له وسحقا * فغير حسابك الجدث العظيم
    وروينا من حديث جعفر بن شاكر ، عن معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق الأوزاعي ، أن عمر بن عبد العزيز كان إذا أراد أن يعاقب رجلا حبسه ثلاثة أيام ثم عاقبه ، كراهة أن يعجل في أول غضبه . أرى ذلك ، واللّه أعلم في إقامة الحدود التي ليس له أن يعفو عنها ، والتعزيز الذي فيه المصلحة للناس . وأما فيما كان يرجع إليه ، فالعفو كان شيمته .

    وأسمعه رجلا كلاما فقال : أردت أن يستفزني الشيطان فأتاك منك بما تناله أنت مني في يوم القيامة . انصرف عني عافاك اللّه .

    خبر الشجرة التي سلّمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإتيانها إليه
    روينا من حديث أحمد بن عبد اللّه ، عن سليمان بن أحمد ، نبأ محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، نبأ عبادة بن زياد الأسدي قال : حدثنا حبّان بن علي ، عن صالح بن حبان ، عن ابن يزيد ، عن أبيه قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه ، قد أسلمت فأرني شيئا أزدد به يقينا . فقال : « ما الذي تريد ؟ » ، فقال : ادع تلك الشجرة فلتأتك . قال : « اذهب فادعها » .

    فأتاها الأعرابي قال : فأجيبي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . قال : فمالت على جانب من جوانبها قطعت عروقها ، ثم مالت على الجانب الآخر قطعت عروقها ، حتى أتت النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقالت : السلام عليك يا رسول اللّه .
    فقال الأعرابي : حسبي حسبي . فقال لها النبي صلى اللّه عليه وسلم : « ارجعي » ، فرجعت ، فجلست على عروقها وفروجها .
    فقال الأعرابي : ائذن لي يا رسول اللّه أن أقبّل رأسك ورجليك ، ففعل . ثم قال : ائذن لي أن أسجد لك .
    فقال : « لا يسجد أحد لأحد ، ولو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظيم حقه عليها » .

    “ 174 “

    مرافقة المتّقين الأخيار في الأسفار
    حدثنا عبد الرحمن بن علي ، نبأ عبد الوهاب الحافظ ، انا المبارك بن عبد الجبار ، نبأ علي بن أحمد الملطي ، نبأ ابن دوست ، نبأ ابن صفوان ، نبأ القرشي ، نبأ محمد بن الحسين ، حدثنا بعض أصحابي قال : جاءني بهيم العجلي فقال : تعلم لي رجلا من جيرانك وإخوانك يريد الحج ترضاه لمرافقتي ؟ قلت : نعم ، فذهبت به إلى رجل به صلاح ودين ، فجمعت بينهما ، وتواطآ على المرافقة ، ثم انطلق بهيم إلى أهله ، فلما كان بعد أتاني الرجل فقال : أريد أن تزوي عني صاحبك ، ويطلب رفيقا غيري . فقلت : ولم ؟ فو اللّه ما أعلم بالكوفة له نظيرا في حسن الأخلاق والاحتمال .


    قال : حدثت أنه طويل البكاء لا يكاد يفترّ ، فهذا ينغّض علينا العيش . فقلت له : إنما يكون البكاء أحيانا عند التذكرة ، أو ما تبكي أنت ؟ قال : بلى . ولكنه بلغني أنه أمر عظيم من كثرة بكائه .

    قلت : اصحبه فلعلك أن تنتفع به . قال : أستخير اللّه . فلما كان اليوم الذي أرادا أن يخرجا فيه جيء بالإبل ، فوطئ لهما ، فجلس بهيم يبكي في ظل حائط ، فوضع يده تحت لحيته ، وجعلت دموعه تسيل على خدّيه ، ثم على لحيته ، ثم على صدره ، حتى واللّه رأيت دموعه على خدّيه ثم على الأرض . فقال لي صاحبي : يا مخول ، قد ابتدأ صاحبك ، ليس هذا لي برفيق .


    فقلت له : ارفق لعله ذكر عياله ومفارقته إياهم . فسمعها بهيم فقال : يا أخي ، واللّه ما هو ذاك ، وما هو إلا أني ذكرت بها الرحلة إلى الآخرة ، وعلا صوته بالنحيب ، فقال لي صاحبي : ما هذا بأول عداوتك لي ، ما لي ولبهيم ؟ إنما كان ينبغي أن ترافقوا بين بهيم وبين داود الطائي وسلام أبي الأخوص ، حتى يبكي بعضهم إلى بعض فيستشفون أو يموتون .



    فلم أزل أرفق به ، وأقول له : لعلها خير سفرة سافرتها ، وكل ذلك لا يعلم به بهيم ، ولو يعلم ما صاحبه ، فخرجا وحجّا ورجعا . فلما جئت أسلّم على جاري قال لي : جزاك اللّه عني يا أخي خيرا ، ما ظننت أن في هذا الخلق مثل أبي بكر ، كان واللّه يتفضل عليّ في النفقة وهو معدوم وأنا موسر ، وفي الخدمة وأنا شابّ وهو شيخ ، ويطبخ لي وأنا مفطر وهو صائم .

    قلت : كيف كان أمرك معه في الذي تكرهه من طول البكاء ؟ قال : واللّه ألفت ذلك البكاء ، وسرّ قلبي حتى كنت أساعده عليه حتى تأذي بنا الرفقة ، ثم ألفوا ذلك ، فجعلوا إذا سمعونا نبكي يبكون ، وجعل بعضهم يقول لبعض : ما الذي جعلهم أولى بالبكاء منّا ، والمصير واحد ؟ فيبكون ونبكي . ثم خرجت من عنده وأتيت بهيما ، وقلت : كيف رأيت




    “ 175 “



    صاحبك ؟ قال : خير صاحب ، كثير الذكر للّه عز وجل ، طويل التلاوة ، سريع الدمعة ، جزاك اللّه عني خيرا .

    شوق وانزعاج عند وداع الحاج

    حدثنا أبو الثنا محمود بن المظفر اللبان ، عن محمد بن نصر ، نبأ الحميدي ، نبأ أبو بكر ، عن السلميّ ، قال بعضهم : خرجت أم أيمن ببنت عليّ امرأة أبي علي الروذباريّ من مصر ، لما برز الحجاج إلى الصحراء ، فكانت الجمال تمرّ بها وهي تبكي وتقول :



    وا ضعفاه ، وتنشد على أثر قولها :

    فقلت دعوني وأتباعي ركابكم * أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد

    وما بال عني لا يهون عليهم * وقد علموا أن ليس لي منهم بدّ

    وتقول : هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت ، فكيف حسرة من انقطع عن رب البيت ؟



    ولمهيار الديلمي في الاشتياق :

    وما اتّبعت ظعن الحيّ طرفي * لأغنم نظرة فتكون زادي

    ولكني بعثت بلحظ عيني * وراء الركب يسأل عن فؤادي



    وله أيضا :

    سل أبرق الحنان وأحسن به * أين ليالينا على الأبرق

    وكيف بانات بسقط اللوى * ما لم يجدها الدمع لم تورق

    هل حملت لا حملت بعدنا * عنك الصبا عرفا لمستنشق

    أغناك صوب الدمع عن منة * أحملها للمرعد المبرق

    دمعي على الخيف جنى ما جنى * بكاء حسّان على جلّق

    للّه دهر لك يوم النّقى * لولا وفاء الحب لم يعلق

    يا سائق الأظعان رفقا وإن * لم يغن قولي للعسوف أرفق

    لولا زفيري خلف أجمالهم * وحرّ أنفاسي لم تنسق

    لا تبردوا بالعدل قلبي فما * استنجد الدمع على محرق

    سمّيت لي نجدا على بعدها * يا وله المشأم بالمعرق

    داو بها حبي فها مهجتي * أول مجنون بنجد رقي



    وفي المعنى لبعضهم :




    “ 176 “



    يا سائق العيس ترفّق واستمع * مني وبلّغ إن وصلت عني

    وقف بأكناف الحجاز ناشدا * قلبي فقد ضاع الغداة مني

    وقل إذا وصلت نحو أرضهم * ذاك الأسير موثق بالحزن

    عرّض بذكري عندهم عساهم * إن سمعوك سائلوك عني

    قل ذلك المحبوس عن قصدكم * معذّب القلب بكل فنّ

    أقول قد أمّلت أن أزوركم * في جملة الوفد فخاب ظني

    أقعد في الجدلان عن قصدكم * ورمت أن أسعى فلم يدعني



    ومن وقائع بعض الفقراء

    ما حدثنا به عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي ، قال : رأى بعض المريدين في الواقعة شيخنا أبا مدين وجملة من الصوفية قد أحدقوا به ، فقال بعضهم لأبي مدين : ما معنى سر السر وحقيقة الحقيقة ؟ فقال : هو محل الأسرار ، وعند حقيقته عجزت الأوهام والأفكار ، وطاشت عقول ذوي الأبصار ، إذ العقول لا تعدو طورها ، ولا تعرف حدها ، جهل ذلك من جهله ، وعلمه من علمه ، فلا يدرك الحق إلا الحق ، ولا يعرف الحق إلا بالحق . فهذه خلقي وخليقتي ، وعلى هذا انطوت حقيقتي . فالتشوّق إلى هذا مما لا يدرك ، والخوض فيه واجب أن يترك .



    فقال له السائل : أسألك عن التوحيد ما هو ؟ فقال : التوحيد همتي ، وهو شريعتي وسنّتي . التوحيد هو الغاية القصوى ، والملجأ والمأوى . هو الأساس الذي قام به الوجود ، وعليه فترة كل مولود . لكن الناس فيه على مراتب ، فمنهم القريب ، ومنهم الصاحب .

    فالرتبة العليا هي الترقّي من الأسماء والصفات إلى توحيد الذات . هناك أفنيت عمري ، وأتعبت خاطري وفكري ، إلى أن نلت منه المعنى ، ولاحظت ذاك الجمال الأسنى . وذلك بمنّ اللّه سبحانه ابتداء وانتهاء ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها .

    ثم قال :

    عمرت سرّي بك فأحييتني ، ومما سواك أبعدتني ، وبك عن الكونين أثنيتني ، وبالفضل منك ألهمتني . فأنا الفقير وأنت الغني .

    ثم قال للسائل : اسمع مخلوقاته بعزّ كبريائه مذلولة ، والأشياء كلها من العرش إلى الثرى معلولة ، إذ هو سبحانه مذلّها بالقهر ، وقاهرها بالأمر ، ومصرّفها بقدرته فيما نفع وضرّ . قدرته في الثرى كقدرته في العرش والسماء ، وهو معكم أينما كنتم . أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا ، هو الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، وهو بكل شيء عليم . على العرش استوى ، وهو خالق العرش والثرى وما




    “ 177 “



    بينهما . فالكل قائم به ، وممسوك بقدرته ولطفه . وما من ذرّة فما فوقها إلا وهو معها ، معية ليست بحلول وانتقال ، ولا تغيّر ولا زوال ، فالمخلوقات بأسرها ظل ، وهو سبحانه وتعالى حقيقة الكل .

    ومن باب محاسن الكلام

    ما قال الفضل بن سهل للمأمون ، وقد سأله حاجة لبعض بيوتات سمرقند ، وكان وعده تعجيل نفاذها ، فتأخر عن ذلك ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، هب لوعدك مذكرا من نفسك ، وهب سائلك حلاوة نعمتك ، واجعل ميلك إلى ذلك في الكرم ، وحاثا على اصطفاء شكر الطالبين ، تشهد لك القلوب بحقائق الكرم ، والألسن بنهاية الجود .

    فقال المأمون : قد جعلت إليك إجابة سؤالي عني بما ترى فيهم ، وأخذك بالتقصير فيما يلزم لهم من غير استثمار ولا معاودة .

    وقال الفضل بن سهل للمأمون : يا أمير المؤمنين ، اجعل نعمتك صائنة لوجوه خدمك عن إراقة مائها في غضاضة السؤال .

    فقال المأمون : واللّه لا كان ذلك إلا كذلك .

    وصية بخلق كريم

    روينا من حديث ابن مروان قال : أنشدنا المبرّد :

    إذا اعتذر الصديق إليك يوما * من التقصير عذر أخ مقر

    فصنه عن عتابك واعف عنه * فإن العفو سيمة كل حرّ

    حدثنا يونس بن يحيى ، نبأ محمد بن ناصر ، عن الحسن بن أحمد ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد الورّاق ، عن خالد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن بشر بن الحارث قال : رأيت على جبل عرفة رجلا قد حكم عليه الوله وهو يقول :

    سبحان من لو سجدنا بالعيون له * على سنا الشوك والمحمى من الإبر

    لم نبلغ العشر من مشعار نعمته * ولا العشير ولا عشر من العشر

    هو الرفيع فلا الأبصار تدركه * سبحانه من مليك نافذ القدر

    سبحان من هو أنسي إذ خلوت به * في جوف ليلي وفي الظلما وفي السحر

    أنت الحبيب وأنت الحب يا أملي * من لي سواك ومن أرجوه يا ذخري






    “ 178 “



    ومن باب من عمل من حيث العبودية

    حدثنا عبد الواحد بن إسماعيل ، نبأ عمر بن عبد المجيد ، قال : أبو الحسن بن شمعون الواعظ قال : وصف لي رجل من العباد فسرت إليه ، فرأيت من فضله ما ملأ عيني وسمعي وقلبي ، فبتّ متعجبا من أمره ، فرأيت في النوم كأن القيامة قد قامت ، وكأن الناس يحاسبون ، فيؤمر بقوم إلى الجنة وبقوم إلى النار ، فنودي بالشيخ فأمر به إلى النار .



    فرأيت ذلك ثلاث ليال متوالية ، فعرّفت الشيخ بذلك ، فقلت له : خفّف يرحمك اللّه من تعبك ، واقصر من تعبّدك . فنظر إليّ وقال لي : يا ابن شمعون ، هذا وأنت واعظ العارفين ، تأمرني أن أخفف من خدمة مولاي لما رأيت أني من أهل النار . إنما أنا عبد من جملة عبيده إن شاء نعّمني وإن شاء عذّبني . أمرني فامتثلت ، ونهاني فانتهيت ، فأمري بعد ذلك مصروف إليه .



    فانصرفت من عنده ، وقد عظم تعجّبي من أمره . فلما كان الليل رأيت المنام بعينه ، فنودي بالشيخ وبين عينيه مكتوب بالنور يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ثم أمر به إلى الجنة . فبكرت إلى الشيخ مبشّرا له ، فقال : يا ابن شمعون ، إنما أدّبت بما رأيت لتعلم أن للّه عبيدا لا يقطعهم عن خدمته عذاب ولا نعيم .



    شعر

    سبحان من ذكره عزّ لذاكره * وإن تحفّل في الأقوال واجتهدا

    لم يتخذ سكنا في قدم عزّته * ولم يلده أب حقا ولا ولدا

    ولا استعان بشيء في حقيقته * ولم يزل بعظيم العزّ منفردا

    لا يبلغ الخلق من تعظيمه طرفا * ولو أقاموا على تعظيمه أبدا

    سبحانه وتعالى في جلالته * هو المهيمن لا أشرك به أحدا



    حكمة

    روينا من حديث ابن مروان ، عن الحربي ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن الحسن بن أبي جعفر قال : قال أكثم بن صيفي : الإفراط في الأنس مكسب .

    ومن حديثه ، عن يوسف بن عبد اللّه الحلواني ، عن عثمان بن الهيثم ، عن أبيه قال :

    قال بزرجمهر الحكيم : احذروا أسطورة الكريم إذا شبع وصولة اللئيم إذا جاع . وبه قال أيضا : ارهب تحذر ، وأنعم تشكر ، ولا تمزح فتحقر .




    “ 179 “



    خبر مناة

    روينا من حديث أبي الوليد ، عن جده أحمد بن محمد ، عن سعيد بن سالم القداح ، عن عثمان بن ساج ، عن محمد بن إسحاق ، أن عمر بن لحيّ نصب مناة على ساحل البحر مما يلي قديد ، وهي التي كانت الأزود وغسان يحجّونها ويعظّمونها ، فإذا طافوا بالبيت ، وأفاضوا من عرفات ، وفرغوا من منى لم يحلّوا إلا عند مناة ، وكانوا يهلّون لها ، ومن أهلّ لها لم يطف بين الصفا والمروة لمكان الصنمين اللذين عليهما نهيك مجاود الريح ومطعم الطير ، وكان هذا الحيّ من الأنصار يهلّون لمناة ، وكانوا إذا أهلّوا بحجّ أو عمرة لم يظلّ أحدهم سقف بيت حتى يفرغ من حجّه أو عمرته . وكان الرجل إذا أحرم لم يدخل بيته ، وإن كان له فيه حاجة تسوّر من ظهر بيته لا يحز رتاج الباب رأسه . فلما جاء اللّه بالإسلام وهدم أمر الجاهلية أنزل اللّه عز وجل في ذلك : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها .

    وكانت مناة للأوس والخزرج وغسان من الأزد ، ومن كان بدينهم من أهل يثرب وأهل الشام . ومناة صخرة لهذيل .



    موعظة

    حدثنا محمد بن محمد ، نبأ الحريري ، نبأ أبو بكر الخياط ، نبأ ابن دوست ، نبأ ابن صفوان ، عن أبي بكر بن أبي الدنيا ، عن أبي جعفر مولى بني هاشم ، عن عمرو بن الحصين ، عن يحيى بن العلاء ، عن زيد العمي قال : شهدت جنازة هشام بن عبد الملك فسمعت كاتبه يقول :

    وما سالم عما قليل بسالم * ولو كثرت أحراسه وكتائبه

    ومن يك ذا باب شديد وحجب * فعما قليل يهجر الباب حاجبه

    وتصبح بعد الحجب للناس عبرة * رهينة بيت لم تسيّر جوانبه

    فما كان إلا الدفن حتى تحوّلت * إلى غيره أجناده ومواكبه

    وأصبح مسرورا به كل كاشح * وأسلمه جيرانه وأقاربه



    ووقف الفضل الرقاشي على المقبرة فقال :

    يا أهل الديار الموحشة والمحالّ المقفرة ، التي نطق بالخراب فناؤها ، وشيّد بالتراب بناؤها ، فمحلّها مقترب ، وساكنها مغترب ، لا يتواصلون تواصل الإخوان ، ولا يتزاورون




    “ 180 “



    تزاور الجيران ، قد طحنهم بكلكله البلا ، وأكلهم الجندل والثرى . عليكم منّا سلام .

    وأنشد :

    سلام على أهل القبور الدوارس * كأنكم لم تجلسوا في المجالس

    ولم تشربوا من بارد الماء شربة * ولم تأكلوا ما بين رطب ويابس

    ألا خبّروني أين قبر ذليلكم * وقبر العزيز الباذخ المتشاوس



    ورأيت على قبر باذخ لسيده مكتوبا شعر :

    أرى أهل القبور إذا توافوا * بنوا تلك المقابر بالصخور

    أبوا إلا مباهاة وفخرا * على الفقراء حتى في القبور

    لعمر أبيهم لو أبرزوهم * لما علموا الغنيّ من الفقير

    ولا عرفوا العبيد من الموالي * ولا عرفوا الإناث من الذكور

    ولا البدن الملبس ثوب صوف * ولا البدن المنعّم في الحرير

    إذا ما مات هذا ثم هذا * فما فضل الغنيّ على الفقير

    وقام الحسن على قبر فقال : إن امرأ هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله ، وإن امرأ هذا أوله لحقيق أن يخاف آخره .



    شعر

    تناجيك أجداث وهنّ صموت * وأجسامهم تحت التراب خفوت

    أيا جامع الدنيا لغير بلاغة * لمن تجمع الدنيا وأنت تموت



    ما يقول القبر في كل يوم وليلة

    حدثنا المكين بن رستم إمام مقام إبراهيم عليه السلام ، عن الكرخيّ ، عن العورجيّ ، عن المحبوبي ، عن أبي عيسى الترمذي ، نبأ محمد بن أحمد ، وهو ابن مدوية ، نبأ القاسم بن الحكم العرقيّ ، نبأ عبيد اللّه ، قال ابن الوليد الوضافي ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مصلّاه ، فرأى أناسا كأنهم يكتشرون فقال : « أما إنكم لو أكثرتم ذكر هادم اللذات لشغلكم عما أرى ، فأكثروا ذكر هادم اللذات ، الموت ، فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيقول : أنا بيت الغربة ، أنا بيت الوحدة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الدود . فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر : مرحبا وأهلا ، إنك كنت لأحب من يمشي على ظهري إليّ ، فإذا وليتك اليوم وصرت إليّ فسترى صنيعي بك ، فيتسع مدّ بصره ، ويفتح




    “ 181 “



    له باب إلى الجنة . وإذا دفن العبد الفاجر الكافر قال له القبر : لا مرحبا ولا أهلا ، أما إنك كنت لأبغض من يمشي على ظهري إليّ ، فإن أوليتك اليوم وصرت إليّ فسترى صنيعي بك » . قال : « فيلتئم عليه حتى يلتقي وتختلف أضلاعه » .

    وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « بأصابعه » ، فأدخل بعضها في جوف بعض ، قال : « ويقبض له تسعون تنينا ، لو أن واحدا منها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئا ما بقيت الدنيا ، فتنهشه وتخدشه حتى يقضى به إلى الحساب » .

    قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إنما القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار » .



    وأنشد بعضهم :

    كأني بأصحابي على حافتيّ قبري * يهيلون من فوقي وأعينهم تجري

    ستنسون أيامي إذا ما رجعتم * وغادرتموني رهن دورية قفري

    ألا أيها المذري عليّ دموعه * ستقصر في يومين عني وعن ذكري

    عفا اللّه عني حين أصبح ثاويا * أزار فلا أدري وأجفى فلا أدري



    قال عبيد اللّه بن عمير : ليس من ميت يموت إلا نادته حفرته التي يدفن فيها : أنا بيت الظلمة والوحدة ، فإن كنت في حياتك للّه مطيعا كنت اليوم عليك رحمة ، وإن كنت لربك في حياتك عاصيا فأنا اليوم عليك نقمة ، أنا بيت الذي من دخلني مطيعا خرج مني مسرورا ، ومن دخلني عاصيا خرج مني مثبورا .

    وخرج عطاء السلميّ إلى المقبرة ذات ليلة ، فلما توسطها نادى بأعلى صوته :

    أهل المقابر قد تساوى بينكم * أين الوضيع من الكريم السيد

    أين الملوك بني الملوك وأين من * قد كان في الدنيا قليل المحفد

    أين الحسان ذوو النضارة والنهى * أين المليح من القبيح الأسود

    أين الذين تجبّروا وتعظّموا * وعتوا عتوّا لم يكن بالمرشد



    فأجابه من قبر مجيب ينشد شعرا :

    إن المنيّة عاصفتهم بغتة * فهم خمود جوف قبر ملحد

    قد دبّت الديدان في أجسامهم * وسعت هوام الأرض في الوجه الندي

    كم من وجوه قد تناثر لحمها * ومفاصل بانت وبان من اليد

    بات بعض الصالحين المنقطعين من أهل الخلوات في المقابر ليلة ، فبينما هو يفكر في شأنها إذ هتف به هاتف ينشد :

      الوقت/التاريخ الآن هو 27/11/2024, 12:13