..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Emptyأمس في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 20

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 13:54

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء 20
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2

    “ 290 “

    الأحنف بن قيس
    من ظلم نفسه كان لغيره أظلم ، ومن هدم دينه كان لمجده أهدم .

    ابن المقنع
    خير الأدب ما حصل لك ثمره ، وظهر عليك أثره . من تعزز باللّه لم يذلّه سلطانه ، ومن توكّل عليه لم يضرّه إنسان . ليكن من حقك إلى الحق ، ومنزعك إلى الصدق ، فالحق أقوى معين ، والصدق أفضل قرين .
    من لم يرحم منعه اللّه من رحمته ، ومن استطال بسلطانه سلبه اللّه قدرته . إن العدل ميزان اللّه وضعه للحق ، ونصبه للخلق ، فلا تخالفه في ميزانه ، ولا تعارضه في سلطانه ، واستعن على العدل بخلّتين :
    قلّة الطمع ، وشدّة الورع . من طال كلامه شتم ، ومن قلّ احترامه شتم . باطل ما يقوم حق ، وكذوب ما لا ينتصف منه صدق . لا تحاجّ من يذهلك خوفه ، ويملكك سيفه ، فربّ حجة تأتي على مهجة ، وفرصة تؤدي إلى غصّة . وإياك واللجاج فإنه يوعر القلوب ، وينتج الحروب .
    عيّ تسلم به خير من نطق تندم عليه ، فاقتصر من الكلام ما يقيم حجتك ، ويبلغك حاجتك ، وإياك وفضوله فإنها تزلّ القدم ، وتورث الندم ، عيّ يزري بك خير من براعة تأتي عليك .

    ومن باب التذكير والنصائح
    ما رويناه من حديث ابن ثابت قال : انا محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق اللّه البابي ، وأبو الحسن بن علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال : نبأ جعفر بن محمد الخلدي ، نبأ إبراهيم بن نصر ، نبأ إبراهيم بن بشار قال : قلت لإبراهيم بن أدهم : أمرّ اليوم أعمل في الطين ، فقال : يا ابن بشار ، إنك طالب ومطلوب ، يطلبك من لا تفوته ، وتطلب من قد كفيته ، كأنك بما غاب عنك قد كشفت لك ، وبما أنت فيه قد نقلت عنه . يا ابن بشار ، كأنك لم تر حريصا محروما ، ولا ذا فاقة مرزوقا . ثم قال لي : ما لك حيلة ؟ قلت :
    لي عند البقال دانق عن عملي ، قال : تملك دانقا وتطلب العمل ؟

    ومن باب ما وجد منقوشا على الأحجار
    ما رويناه من حديث ابن ثابت ، عن البزاز محمد بن الفرج قال : نبأ جعفر الخلدي ، نبأ أحمد بن محمد بن مسروق ، نبأ أبو محمد الأنصاري قال :


    “ 291 “

    قرأت على حجر ببيت المقدس : رأس الغنى القنوع ، ورأس الفقر الخضوع . وقرأت على حجر بدمشق : كلّم من شئت فأنت نظيره ، واستغن عمّن شئت فأنت أميره ، واخضع لمن شئت فأنت أسيره . قال : وقرأت على حجر عند جبّ : كل من أحوجك الدهر إليه فتعرّضت له هنت عليه . قال ابن ثابت : وأخبرني محمد بن الفرج ، عن جعفر الخلدي قال :

    أنشدني أحمد بن مسروق شعرا :
    إن كنت توقن أن ربّك رازق * وسألت مخلوقا فلست بموقن
    أو كنت في شكّ من الرزق الذي * كفل الإله به فلست بمؤمن

    ومن باب النسيب
    ما قاله خالد بن يزيد فيما يقع بين العين والفؤاد من العناد :
    القلب يحسد عيني لذّة النظر * والعين تحسد قلبي لذة الفكر
    يقول قلبي لعيني كلما نظرت * كم تنظرين رماك اللّه بالسهر
    العين تورثه هما فتشغله * والقلب بالدمع ينهاها عن النظر
    هذان خصمان لا أرضى بحكمهما * فاحكم فديتك بين القلب والبصر
    ولنا في الحكم بينهما إجابة لهذا السائل الأديب بما هو الأمر عليه :
    ذكرت يا أيها المفتون بالحور * وبالنسيب وما في الحب من سير
    بين الفؤاد وبين السمع والبصر * وقائع لم تزل في سالف العصر
    وطالما يبحثون الدهر عن حكم * ندب خبير بما يعطيه من أثر
    فاسمع هديت صواب الحكم من حكم * عدل عليم بعين الأمر والخبر
    إني لأحكم بين القلب والبصر * حكما تؤيّده أدلّة النظر
    نعيم أهل الهوى وقف على النظر * والسمع واللثم والتعنيق والوطر
    لا يدرك الحسن الحسنيّ طالبه * ما لم يقم شاهد من حاسد النظر
    وهكذا كل ما للحسن مدركه * لا يستقل به عقل من البشر
    فالقلب يحمل ما يعطيه من ألم * ومن نعيم وخير عالم الصّور
    له النعيم كما أن العذاب له * والحسن آلته للنفع والضرر
    وبعد أن أثبت العلم اليقين لكم * فلا تخاصم بين القلب والبصر
    وإنما تلك أحوال يقول بها * أهل الهوى لم تكن نتائج الفكر


    “ 292 “


    ولنا في الجواب :
    ليس للعين لذّة * إنما تلك في الفؤاد
    إنما الحسن آلة * وبه يبلغ المراد
    ما له غير ما يرى * ما له لذة الوداد
    وإذا كان هكذا * لم يكونا على عناد
    هكذا الحكم فيهما * عند من يطلب السداد

    ولبعضهم في هذا الباب :
    فو اللّه ما أدري أنفسي ألومها * على الحب أم عيني المشومة أم قلبي
    إذا لمت قلبي قال نفسك أذنبت * وإن لمتها قالت خذ العين بالذنب
    فقلبي وطرفي قد تشاركن في دمي * فيا ربّ كن عوني على العين والقلب

    وللعباس بن الأحنف :
    اختصم العينان والقلب * وقالا جميعا ما لنا ذنب
    فقلت نفسي ذهبت عنوة * بينكما هذا وذا لعب
    فقال قلبي مقلتي أبصرت * لا ذنب لي يا أيها الصبّ
    فقلت للعين سمعت الذي * يحيكه عن ناظرك القلب
    فاستعبرت عند مقالي لها * وكان من خجلتها السكب

    ولنا من هذا الباب :
    لم هويت الهلال يا قلب قل لي * قال يا عين لم لحظت الهلالا
    أنت أهديت إذ نظرت سقاما * وبلاء وشقوة وخبالا

    ولخالد بن يزيد في هذا الباب :
    كتب الطرف في فؤادي كتابا * فهو بالشوق والهوى مختوم
    كان طرفي على فؤادي بلاء * إن طرفي على فؤادي مشوم

    ولبعضهم في هذا الباب :
    ويحك يا طرفي أما تستحي * حتى متى توردني حتفي
    وأنت يا قلب إلى كم وكم * تتركني أدعو على طرفي
    هذان قد صارا عدوّين لي * فأنت ما عذرك يا إلفي
    تحلف لي أنك في كفي * وعضّ كفي منك في كفي


    “ 293 “


    ولابن المعتز في هذا الباب :
    إن عيني قادت فؤادي إليها * عبد حبّ لا عبد رقّ لديها
    فهو بين الفراق والهجر موقو * ف بحزن منها وحزن عليها

    وللعباس بن الأحنف في هذا الباب :
    قلبي إلى ما ضرّني داعي * يكثر إسقامي وأوجاعي
    كيف احتراسي من عدوي إذا * كان عدوي بين أضلاعي


    وله أيضا :
    أقام قيامتي نظري * فمن يعدي على بصري
    تعرّض لي الهوى غرا * فشيّبني على صغري
    وكان هواك لي قدرا * فكيف أفرّ من قدري


    ولنا فيه :
    أقول للقلب قد أوردتني سقما * فقال عيناك قادتني إلى تلفي
    لو لم تر العين لم تمس حليف ضني * وإن أمت فيه ما في الحب من خلف
    لذاك قسمت ما عندي على بدني * من الضنا والجوى والدمع والأسف

    ومما روينا في بنيان إيليا : حدثنا غير واحد ، عن القاسم بن علي بن الحسن ، نبأ أبو القاسم السوسي ، نبأ إبراهيم بن يونس المقري ، نبأ أبو محمد عبد العزيز النصيبي ، نبأ أبو بكر بن محمد بن أحمد بن محمد الخطيب بن الواسطي ، نبأ أبو بكر بن محمد بن أيوب بن سويد الحميري ، نبأ أبي ، نبأ إبراهيم بن أبي علية ، عن أبي الزاهرية ، عن رافع بن عمير ، قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : « قال اللّه تعالى لداود : يا داود ، ابن لي في الأرض بيتا .

    فبنى داود لنفسه بيتا قبل البيت الذي أمره به ، فأوحى اللّه عز وجل إليه : يا داود ، بنيت بيتك قبل بيتي . قال : أي رب ، هكذا قلت فيما قضيت : من ملك استأثر . ثم أخذ في بناء المسجد الذي أمر به ، فلما تمّ سور الحائط سقط ، ثم بناه ، فلما تمّ السور سقط ثلاثا . فشكى إلى اللّه عز وجل ذلك ، فأوحى اللّه تعالى إليه : إنه لا يصلح أن تبني لي بيتا .

    قال : يا رب ولم ؟ قال : لما جرى على يديك من الدماء . قال : إي رب ، أو لم يكن ذلك في محبتك ورضاك ؟ قال : بلى ، ولكنهم عبادي ، وأنا أرحمهم . فشقّ ذلك عليه ، فأوحى اللّه عز وجل إليه : لا تحزن فإني سأقضي بناءه على يدي ابنك سليمان » .

    فلما مات داود أخذ سليمان في بنائه ، فلما تمّ قرّب القرابين ، وذبح الذبائح ، وجمع بني إسرائيل ، فأوحى اللّه تعالى إليه : قد أرى سرورك ببينان بيتي ، فسلني أعطيك .


    “ 294 “


    قال : أسألك ثلاث خصال : حكما يوافق حكمك ، وملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ، ومن أتى هذا البيت لا يريد إلا الصلاة فيه خرج من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمه.

    قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : « اثنتان قد أعطيهما ، وأنا أرجو أن يكون أعطي الثالثة » . فقال العلماء في ذلك : دعوة نبيّ ، ورجاء نبي ، نرجو قبولها إن شاء اللّه تعالى ، وما ذلك على اللّه بعزيز .


    ومن باب الغربة وذكر الوطن
    قال بعضهم : أرض الرجل أوضح نسبه ، وأهله أخصّ حسبه .
    وقيل لأعرابي : كيف تصنع بالبادية إذا اشتد القيظ وانتقل كل شيء ظله ؟ قال : وهل العيش إلا ذلك ؟ يمشي أحدنا ميلا فيرفض عرقا ، ثم ينصب عصاه ، ويلقي عليه كساه ، ويجلس في فيّه ، ويكتال الريح ، فكأنه في إيوان كسرى .


    وأنشد أبو النصر الأسدي :
    أحبّ بلاد اللّه ما بين ضارج * إلى قفوان أن تسحّ سحابها
    بلاد بها نيطت عليّ تمائمي * وأوّل أرض مسّ جلدي ترابها

    لإبراهيم بن محفوظ الرّبعي :
    أحبّ الأرض تسكنها سليمى * وإن كانت بواديها الجدوب
    وما عهدي بحبّ تراب أرض * ولكن من يحلّ بها حبيب

    حدثنا أبو ذرّ مصعب بن محمد بن مسعود الخشني الخطيب الأديب قاضي كورة حيان بمسجد الأخضر بمدينة إشبيلية قال :
    لما حملت نائلة بنت الفرافصة الكلبيّة إلى عثمان بن عفان رضي اللّه عنه كرهت فراق أهلها ، فقالت لضبّ ، أخيها :
    ألست ترى باللّه يا ضبّ أنني * مرافقة نحو المدينة أركبا
    أما كان في أولاد عمرو بن عامر * لك الويل ما يغني الخباء المحجّبا
    أبى اللّه إلا أن أكون غريبة * بيثرب لا أمّ لديّ ولا أبا


    وأنشدني ابن سكر بها بمسجد الشهداء :
    ألا يا حبّذا وطني وأهلي * وصحبي حين تذكرني الصحاب
    بلاد من غرانقة كرام * بهم حلي تميمتي الشباب
    وما عسل ببارد ماء مزن * على ظمأ لشاربه يشاب

    “ 295 “

    بأشهى من تلقّيكم إلينا * فكيف لنا به ومتى الإياب
    وأنشدتني خديجة بنت عبد الوهاب بن هبة اللّه الصوفي القصّار قول الأعرابية التي كان يهواها بعض خلفاء بني العباس ، فتزوّج بها ، فلم يوافقها هوى البلاد ، فلم تزل تنحل وتعتلّ وتتأوّه ، مع ما هي عليه من النعيم واللذة والأمر والنهي ، فسألها عن شأنها ، فأخبرته بما تجد من الشوق إلى البراري وأحاليب الرعاء ، وورود المياه التي تعوّدت ، فبنى لها قصرا على رأس البرّية بشاطئ الدجلة سماه المعشوق ، يقابل مدينة سامرّاء من الجانب الآخر .

    وأمر بالأغنام والرعاء أن تسرح بين يديها ، وتتراءى منها ، فلم يزدها ذلك إلا اشتياقا إلى وطنها ، فمرّ بها يوما في قصرها من حيث لا تشعر بمكانه ، فسمعها تنتحب وتبكي حتى ارتفع صوتها ، وعلا شهيقها ، وكبد الخليفة يتقطع رحمة ،

    فسمعها تقول :
    وما ذنب أعرابيّة قذفت بها * صروف النوى من حيث لم تك ظنّت
    تمنّت أحاليب الرّعاة وخيمة * بنجد فلم يقضى لهلا ما تمنّت
    إذا ذكرت ماء العذيب وطيبه * وبرد حصاه آخر الليل أنّت
    لها أنّة عند العشاء وأنّة * سحيرا ولولا أنّتاها لجنّت

    فخرج عليها الخليفة وقال : وقد قضى ما تمنّيت ، فالحقي بأهلك من غير طلاق ، فما مرّ عليها وقت أسرّ من ذلك ، وسرى ماء الحياة في وجهها من حينها ، فعجب الخليفة ، والتحقت بأهلها بجميع ما كان عندها في قصرها ، وكان الخليفة يهواها ، ويغشاها في أهلها إذا تصيّد .

    فأخذ هذه الأبيات بعض الأدباء فقال :
    وما ذنب أعرابية قذفت بها . . .

    إلى آخر الأبيات .
    ثم زاد :
    يا عظم من شوقي إليكم وإنما * أجمجم أحشائي على ما أجنّت


    خبر نبوي في مكارم الأخلاق
    روينا من حديث أبي محمد عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال : نبأ محمد بن أبي سهل السرخسيّ ، نبأ عبد العزيز بن أحمد الحلواني ، نبأ أبو علي الحصين بن خضر النسفي ، نبأ أبو بكر محمد بن الفضل ، نبأ عبد اللّه بن محمد بن يعقوب ، نبأ عبد اللّه بن محمد الهروي ، نبأ الحسن بن علي ، نبأ جعفر بن عون ، عن عبد الرحمن بن زياد بن


    “ 296 “


    أنعم ، عن مسلمة بن يسار ، عن سعيد بن المسيّب ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « من تعاهد مسجدا بسراج اشتاقت إليه الجنة ، ومن صبر على المصيبات فله الجنة ، ومن فتر عن الفتنة أعتق اللّه رقبته من النار ، ومن عفا عن مظلمة عفا اللّه عنه يوم القيامة ، ومن كان سمحا في التقاضي فتحت له أبواب الجنة ، فيدخل من أي أبوابها شاء بغير حساب » .


    ومن الحسان في فضل رمضان
    روينا من حديث عبد العزيز أيضا ، نبأ أبو إبراهيم إسماعيل بن محمد الخشني ببخارى ، نبأ أبو الحسن علي بن الحسن بن محمد السعدي ، نبأ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الحضرمي ، نبأ أبو حفص أحمد بن محمد العجلي ، نبأ عبد اللّه بن عبد اللّه ، نبأ أحمد بن نصر العتكي ، نبأ أبي ، نبأ عباد بن كثير ، عن أبي عبد الرحمن ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : « إن أبواب السماء تفتح أول ليلة من رمضان ، فلا تغلق إلى آخر ليلة . فليس عبد يصلي في ليلة إلا كتب اللّه له بكل سجدة ألفا وخمسمائة حسنة ، وبني له بيتا في الجنة من ياقوتة حمراء ، له سبعة آلاف باب من ذهب ، لكل باب منها قصر من ذهب موشّح بياقوتة حمراء .

    فإذا صام أول ليلة من رمضان كان كفّارة إلى مثله من الحول ، وكان له بكل يوم يصومه ألف قصر موشح بياقوتة حمراء ، ويستغفر له سبعون ألف ملك من غدوه إلى تواري الحجاب ، وكان له بكل سجدة يسجدها من ليل أو نهار شجرة يسير في ظلها الراكب مائة عام » .

    ومن أحسن الحكم
    من صبر على طول الأذى دلّ على صدق التقى . من رفع حاجته إلى اللّه جلّ جلاله استظهر في أمره ، ومن رفعها إلى غيره وضع من قدره .
    من آمن بالآخرة لم يحرص على الدنيا . من أيقن بالمجازاة لم يؤثر على الحسنى . من ذكر المنيّة نسي الأمنيّة . من استعان باللّه استغنى عن عباده ، ومن وثق به استظهر لمعاشه ومعاده .
    أفضل الناس من لم تفسد الشهوة دينه ، ولم تزل الشبهة يقينه . خير الناس من أخرج الحرص عن قلبه ، وعصى هواه في طاعة ربه . المعاونة في الحق ديانة ، والمعاونة في الباطل خيانة .
    نصرة الحق شرف ، ونصرة الباطل سرف . أفضل الناس من كان بعيبه بصيرا ، وعن غيب غيره ضريرا .
    أبصر الناس من أحاط بذنوبه ، ووقف على عيوبه . الدين سور ، واليقين نور . السعيد من خاف


    “ 297 “


    العقاب فأمن ، وطلب الثواب فأحسن . الرشيد من أخلص الطاعة ، والغني من آثر القناعة .
    ولنا :
    ما العزّ إلا لربّ الناس والرسل * والمؤمنين ولكن عالم جهلوا
    كما القناعة مال الحرّ يخزنه * بقلبه فلهذا ليس يبتذل
    وقلنا : خير الأمور ما يسرّك في يوميك ، وأسعدك في داريك . الثقة باللّه أقوى أمل ، والتوكل على اللّه أزكى عمل .



    كلمات نافعة لخيرات جامعة

    روينا من حديث ابن ثابت قال : أنا أبو الحسن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلّد البزّار ، نبأ جعفر بن محمد بن نصر ، نبأ أحمد بن محمد بن مسروق ، نبأ محمد بن الحسين ، نبأ إسماعيل بن الترجمان : سمعت أبا جعفر المحولي ، وكان جمع بين العلم والعبادة ، قال :

    حرام على قلب محبّ الدنيا أن يسكنه الورع الخفي . وأقول : أنا ولا واللّه الورع الجليّ . وحرام على نفس غلبها زبانية الناس أن تذوق حلاوة الآخرة ، وحرام على كل عالم لم يعمل بعلمه أن يتخذه المتّقون إماما .

    وروينا من حديثه في باب وَاتَّقُوا اللَّهَ * و يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ :

    قال أبو الحسن أحمد بن الحسين : قال سمعت أبا عبد اللّه أحمد بن عطاء الروذبادي يقول : العلم موقوف على العمل ، والعمل موقوف على الإخلاص ، والإخلاص للّه يورث الفهم « عن اللّه عز وجل » .


    حديث حسن مرويّ عن الحسن
    روينا من حديث ابن ثابت قال : نبأ إبراهيم بن مخلد بن جعفر القاضي ، نبأ محمد بن أحمد بن إبراهيم الحلبي ، نبأ محمد بن يونس ، نبأ مكي بن قمير العجلي ، نبأ جعفر بن سليمان ، عن سعيد بن طريف ، عن الأصبع بن نباتة ، قال :
    دخلنا مع علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه على الحسن نعوده ، فقال له علي : كيف أصبحت يا ابن رسول اللّه ؟
    فقال : أصبحت بحمد اللّه بارئا . قال : كذلك أنت إن شاء اللّه .
    ثم قال الحسن : أسندوني ، فأسنده علي إلى صدره . فقال الحسن : سمعت جدي صلى اللّه عليه وسلم وقال لي يوما :



    “ 298 “

    « يا بنيّ ، عليك بالقناعة تكن من أغنى الناس ، وأدّ الفرائض تكن من أعبد الناس ، . يا بنيّ ، إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوى ، توقى بأهل البلاء يوم القيامة ، فلا ينصب لهم ميزان ، ولا ينشر لهم ديوان ، ويصب عليهم الأجر صبا » . وقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ .


    ومما قيل في إفراط المحبة :
    بلغ الهوى من قلبي المجهودا * والحب أخلقني وكنت جديدا
    يا عاذلي لو ذقت من ألم الهوى * لوجدته صعبا عليك شديدا


    كما قال الآخر :
    ما للهوى أخذ الهوى بدمي * تحكم الحب في روحي وفي بدني
    ما حل للحب أن الحب أعدمني * صبري وحرم أجفاني على الوسن


    قال مجنون بني عامر :
    وشغلت عن فهم الحديث سوى * ما كان منك وحبكم شغلي
    وأديم لحظ محدثي ليرى * أن قد فهمت وعندكم عقلي


    وكما قال الضحّاك :
    يقولون مجنون بسمراء مولع * ألا حبذا جنّ بها وولوع
    وكيف أطيع العاذلات وحبها * يؤرّقني والعاذلات هجوع
    وإني لأخفي حبّ سمراء منهم * ويعلم قلبي أنه سيشيع


    وكما قال أحمد بن طاهر :
    جنون الهوى فوق الجنون ولا يرى * هوى عاقل إلا كآخر جاهل
    يزين للمعشوق ما هو فاعل * ويغوي إذا ما لجّ في العذل عاذل

    وكما قال الآخر :
    محب بكت عيناه من حب قاتل * فيا قاتلا يبكي عليه قتيل
    خليلي جفاني كان روحي لروحه * خليلا وهل يجفو الخليل خليل

    وكما قال الآخر :
    ونفس كان الهوى مولع * بها ليس بقصد إلا لها
    أعللها بالمنى تارة * وطورا أصانع عذّالها

    ولنا في النظاميات :


    “ 299 “



    أغيب فيفنى الشوق نفسي فألتقي * فلا أشتفي فالشوق غيبا ومحضرا
    ويحدث لي لقياه ما لم أظنه * مكان الشفا داء من الوجد آخرا
    لأني أرى شخصا يزيد جماله * إذا ما التقينا نصرة وتكبّرا
    فلا بدّ من وجد يكون مقارنا * لما زاد من حسن نظاما محرّرا



    خبر الرجفة التي كانت ببيت المقدس
    روينا من حديث ابن الواسطي قال : نبأ عمر قال : نبأ أبي قال : نبأ الوليد بن حماد الرملي قال : نبأ أبو عمير عيسى بن محمد قال : نبأ ضمرة ، عن رستم فارسي ، قال الرملي : وثنا عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن منصور بن ثابت قال : نبأ أبي ، عن أبيه ، عن جدّه :

    إن أبا عثمان الأنصاري كان يحيي الليل بعد انصرافه من القيام في رمضان على البلاطة السوداء . قال : فبينما هو قائم في الصلاة إذ سمع صوت الهزة في المدينة ، وصراخ الناس واستغاثتهم .

    وكانت ليلة قارّة مظلمة كثيرة الأمطار والرياح . قال : فسمعت قائلا يقول : أسمع صوته ولا أرى شخصه ، ارفعوها رويدا بسم اللّه ، فقلعت القبة حتى تبدّى لنا بياض السماء وأصاب وجهه رش المطر ، حتى أذّن رستم السادن الفارسي ، فسمع قائلا يقول : ردّوها رويدا بسم اللّه ، سوّوها عدّلوها ، سوّوها عدّلوها ، فردّت القبة على حكاية ما كانت . فقال لرستم لما فتح الباب عليه : اذهب فجئني بخبر أهلي حتى أنبئك بعجيب . فأخبره بخبر أهله أن قد أصيب قوم وسلم قوم ، فأخبرني ، فقال له :

    سمع قائلا يقول : ارفعوها رويدا بسم اللّه ، قلعة القبة قلعا ، حتى بدا لنا بياض السماء ، أصاب وجهي رشّ المطر حتى أذّنت ، فلما أذّنت سمعت قائلا يقول حين أذّنت :
    رويدا بسم اللّه ، سوّوها عدّلوها ، حتى أعيدت على حالها .

    ومن باب من آثر محبة اللّه تعالى
    روينا من حديث الخرائطي قال : نبأ إبراهيم بن الجنيد ، نبأ محمد بن الحسين ، نبأ عبد الملك بن قريب الأصمعي الباهلي ، قال : أصيبت امرأة من الأعراب بابن لها ، فأكمنت الصبر والعزاء عليه ، فقيل لها : ما رأيناك جزعت على ابنك هذا ؟ قالت : بلى ، ولكن آثرت رضا اللّه تعالى وطاعته على محبة الشيطان .



    “ 300 “

    من حكم وهب بن منبّه
    ما رويناه من حديث الخرائطي ، قال : نبأ علي بن الحسين النخغي قال : مكتوب في حكمة وهب بن منبّه : المال يفنى ، والبدن يبلى ، والعمل يبقى ، والذنوب لا تنسى ، والديّان حيّ لا يموت .

    ثم قال منشدا علي بن الحسين لأبي العتاهية :
    نموت وننسى غير أن ذنوبنا * وإن نحن متنا لا تموت ولا تنسى
    ألا ربّ ذي عينين لا تنفعانه * وهل تنفع العينان من قلبه أعمى


    ومن فصيح كلام العرب في هذا الباب
    رويناه من حديثه ، قال : نبأ إسماعيل بن أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي ، قال : نبأ أبي ، عن الأصمعي ، قال : سمعت أعرابيا يقول : ما بقاء عمر تقطعه الساعات ، وسلامة بدن معرّض للآفات . ولقد عجبت للمؤمن كيف يكره الموت وهو سبيله إلى الثواب . ولا أرى أحدا منّا إلا سيدركه الموت ، وهو عنه آبق .

    قال : وأنشدني أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن القطوي لأبيه :
    يأمل المرء أبعد الآمال * وهو رهن لأقرب الآجال
    لو رأى المرء رأي عينيه يوما * كيف صول الآجال بالآمال
    لتناهى وقصّر الخطو في الله * وو لم يغترر بدار الزّوال

    قال الحسن بن الحسن البصري : ما أطال أحد الأمل إلا ساء العمل . رويناه من حديث الحميدي ، عن الحسن بن محمد بن إبراهيم الحناي ، عن محمد بن أبي الحديد ، عن أبي بكر محمد بن جعفر ، عن إبراهيم بن الجنيد ، عن بشر بن آدم ، عن الفضل بن عياض ، عن هشام ، عن الحسن . ا ه .

    روينا من حديث الواسطي ، نبأ عيسى ، نبأ علي ، نبأ محمد بن إبراهيم ، نبأ محمد بن النعمان ، نبأ سليمان بن عبد الرحمن ، نبأ أبو عبد الملك الجزري ، قال : إذا كانت الدنيا في بلاء وقحط كان الشام في رخاء وعافية ، وإذا كان الشام في بلاء وقحط كانت فلسطين في رخاء وعافية ، وإذا كانت فلسطين في بلاء وقحط كان بيت المقدس في رخاء وعافية .
    وقال : الشام مباركة ، وفلسطين مقدسة ، وبيت المقدس قدس القدس .
    ولقد روي عن يزيد الرقاشي أنه قال : من أراد أن يشرب ماء في جوف الليل فليقل :


    “ 301 “

    يا ماء ، ماء بيت المقدس يقرئك السلام ، فإنه أمان بإذن اللّه تعالى . حدثني بذلك غير واحد ، عن قاسم بن علي الشافعي ، عن أبي القاسم السوسي ، عن أبي بكر ، عن إبراهيم بن يونس ، عن أبي محمد محمد بن عبد العزيز النصيبيّ ، عن أبي بكر محمد بن أحمد بن الخطيب ، عن أبي عبد اللّه ، عن ابن جعفر ، عن محمد بن إبراهيم ، عن ابن النعمان ، عن سليمان بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن ضرلة وأبي عبد الملك ، كلاهما عن يزيد الرقاشي .



    وبه إلى إبراهيم قال : نبأ محمد بن سليمان بن الحويشي ، عن بكر بن جنيش قال :

    كان سليمان بن داود إذا دخل بيت المقدس ، يعني المسجد ، وهو ملك الأرض ، يقلب بصره ، يطلب مجالس المساكين من العمي والخرس والجذمى ، فيدع مجالس الناس وينطلق ، فيجلس في جملة المساكين تواضعا ، لا يرفع طرفه إلى السماء . ثم يقول : إذا سئل عن ذلك مسكين جلس إلى المساكين .
    روينا من حديث الرملي قال : نبأ محمد بن نعمان ، نبأ سليمان بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الملك ، عن غالب عن عبد اللّه بن الأعرج ، عن كعب قال :
    لا تقوم الساعة حتى يزول البيت الحرام ، وبيت المقدس ، فينقادان إلى الجنة جميعا ، وفيهما أهلوهما ، والعرض والحساب ببيت المقدس .


    موعظة
    روينا من حديث محمد الحميدي قال : نبأ محمد بن إبراهيم ، نبأ ابن أبي الحديد ، عن أبي بكر بن جعفر قال : نبأ عمر بن شيبة قال :
    قال عبد الملك بن قريب الأصمعي : ولي أعرابي ناحية من نواحي البصرة ، فكان يخطب بهم يوم الجمعة ، فقام يوما ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلى على محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ثم قال :
    أيها الناس ، إنه في سنن من كان قبلكم لعظة ، وما أخطأ القائل حيث قال :
    أين الملوك التي عن خطبها غفلت * حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
    أموالنا لذوي الميراث نجمعها * ودورنا لخراب الدهر نبنيها
    والنفس تكلف بالدنيا وقد علمت * أن السلامة منها ترك ما فيها
    روينا من حديث الخرائطي قال : نبأ إبراهيم بن الجنيد ، نبأ محمد بن يحيى بن عبد


    “ 302 “

    الكريم ، نبأ جعفر بن أبي جعفر السراري ، حدثني أبو جعفر محمد بن قدامة قال :
    بلغنا أنه كان بالبصرة امرأة ، وكان إذا جنّها الليل ونامت كل ذي عين ، تخرّ ساجدة ، وتنادي في سجودها : أما لك يا مولاي عذاب تعذّبني به إلا النار ؟ ولا تزيد عليه حتى تصبح .
    وبه قال : بلغنا أن عيسى ابن مريم عليه السلام مرّ بأربعمائة ألف امرأة متغيّرات الألوان ، وعليهن مدارج الشعر والصوف ، فقال عيسى عليه السلام :
    ما الذي غيّر ألوانكن معاشر النسوة ؟ قلن : ذكر النار غيّر ألواننا يا ابن مريم ، إن من دخل النار لا يذوق بردا ولا شرابا .

    ومما قيل في الوطن : ميلك إلى موضع مولدك من كريم مجدك ، إذا كانت الطير تحنّ إلى أوكارها ، فالإنسان أولى بالحنين إلى أوطانه .
    قالت الفرس : تربة الصبي تغرس في القلب رقة وحلاوة .
    قيل لبعض العرب : ما الغبطة ؟ قال : الكفاية مع لزوم الأوطان ، والجلوس مع الإخوان .
    قيل له : فما اللذة ؟ قال : التنقّل في البلدان ، والتنحّي عن الأوطان ، ثم أنشد :
    طلب المعاش مفرّق * بين الأحبّة والوطن
    ومصيّر جلد الرجا * ل إلى الضراعة والوهن
    حتى يقاد كما يقا * د النضو في ثني الرسن
    ثم المنيّة تأته * فكأنه ما لم يكن

    ومن أحسن ما قيل في الآيات وحب الأوطان من الشعر :
    وباشرتها فاستعجلت عن قناعها * وقد تستخفّ الطامعين المباشر
    وخبّرها الروّاد أن ليس بينها * وأين قرى نجران والدرب ساتر
    فألقت عصاها واستقرّ بها النوى * كما قرّ عينا بالإياب المسافر
    قيل لأعرابي : ما السرور ؟ قال : أوبة بغير خيبة ، وألفة بغير غبّة .
    وقيل لآخر : ما السرور ؟ قال : غيبة تفيد غنى ، وأوبة تعطيك منى .
    إذا هبّت الأرواح من نحو جانب * به أهل ميّ هاج قلبي هبوبها
    هوى تذرف العينان منه وإنما * هوى كل نفس أين حلّ حبيبها


    “ 303 “

    وقيل في الغربة :
    وأنزلني طول النوى أرض غربة * إذا شئت لاقيت الذي لا أشاكله
    فحامقته حتى يقال شجيّة * ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله
    ولو كنت في أهلي وجلّ عشيرتي * للاقيت فيهم أخرقا لا أواصله


    ومما قال : من نفي هواه ومنع حماه :
    ومستخفيات ليس يخفين دوننا * ويسحبن أذيال الصبا لذوي الشكل
    مريضات رجع القول يله عن الخنا * تألّفن أهواء الرجال بلا بدل
    جمعن الهوى حتى إذا ما ملكنه * نزعن وقد أكثرن فينا من القتل
    قوله : مريضات ، رجع القول .
    قوله تعالى : فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وهو غير المتّقي .
    ومن هذا الباب قول الآخر :
    لا والذي تسجد الجباه له * ما لي إلى تحت ثوبها خبر
    ولا بفيها ولا هممت به * ما كان إلا الحديث والنظر


    قال النابغة :
    زعم الهمام بأن فاها بارد * عذب مقبّله شهيّ المورد
    زعم الهمام ولم أذقه إنه * يشفي بريا ريقها العطش الصدى


    ومن هذا الباب قول ابن المعتز :
    قد كان يكفيك ما بالجسم من سقم * لم زدتني سهرا لأمسّك السهر
    عيني مورقة والجسم مختبل * والقلب بينهما تخلو به الفكر
    يا مانعي لذة الدنيا بما رحبت * إني ليقنعني من وجهك النظر

    ومن هذا الباب لأبي فراس :
    الحبّ آمره والصون زاجره * والصبر أول ما يأتي وآخره
    إن الفتى إن صبا أو شفّه غزل * فللعفاف وللتقوى مأزره
    وأشرف الناس أهل الحبّ منزلة * وأشرف الحب ما عفّت سرائره

    ومن هذا الباب لجميل بن معمر العذري :
    وكان التفرّق عند الصبا * ح عن مثل رائحة العنبر
    خليلان لم يقربا ريبة * ولم يستحقا إلى منكر


    “ 304 “

    ومن التنبيهات
    ما رويناه من حديث عبد العزيز قال : قال أبو ثابت عاصم بن الحسن ، انا محمد بن أحمد ، نبأ أحمد بن محمد المقري ، عن أحمد بن محمد العبدي ، عن أبي حكيم شداد بن سعيد ، عن مزاحم بن سعيد ، عن حباب بن إبراهيم ، عن محمد بن حرب الأبرش ، عن سعيد بن سنان ، عن أبي الزاهرية ، عن جرير بن نعيم قال : خمس خصال قبيحة في أصناف من الناس :
    الحرص في القرّاء ، والحسد في السلاطين ، والبخل في الأغنياء ، والفترة في الشيوخ ، وقلة الحياء في ذوي الأحساب .

    ومما قيل في الاعتذار عن البخل : قال علي بن الجهم :
    أعاذل ليس البخل مني شجية * ولكن رأيت الفقر شرّ سبيل
    يموت الفتى خير من الفقر للفتى * وللموت خير من سؤال بخيل

    ومما قيل في البخل :
    أراك تؤمل حسن الثنا * ولم يرزق اللّه ذاك البخيلا
    فكيف يسود أخي بطنة * يمن كثيرا ويعطي قليلا

    وقال علي بن الجهم :
    لعمرك ما الناس أثنوا عليك * ولا قرضوك ولا عظموا
    ولا سابقوك على ما بلغت * من الصالحات ولا قدموا
    ولو وجدوا لهم مطعنا * إلى أن يعيبوك ما أحجموا
    ولكن صبرت لما ألزموك * وجدت بما لم تكن تلزم
    وكان قراك إذا ما لقوك * لسانا بما سرّهم ينعم
    وخفض الجناح ووشك النجاح * وتصغير ما أعظم المنعم
    وأنت بفضلك ألجأتهم * إلى آن تعالوا بآن يكرموا


    ومن أزاهر الحكم
    شكر الإله بطول الثناء ، وشكر الموالاة بصدق الولاء ، وشكر النظير بحسن الجزاء ، وشكر من دونك بسبب العطاء . من أدام الشكر استدام البر . أحلى النوال ما وصل قبل السؤال . خير المبارّ ما أسديته إلى الأبرار . أولى الناس بالنوال أزهدهم في السؤال . من

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 07:34