..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 14

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 14:02

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء 14
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2

    “ 197 “
    لهم : ما أبكي لما جرى من ذهاب الدنيا ، لكن فيما رويت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال :
    « ما استخف قوم بعالمهم وانتهكوا حرمته إلا سلّط عليهم العدو » . وتوفي الشيخ من عامه كما ذكرنا ، وسلّط العدو على البلد في العام الذي بعده ، فأخذهم شر أخذة ، وبقوا حديثا شنيعا على وجه الدهور . على أنه كان لهم عدد عظيم ، ومدد جسيم ، فلم يغن عنهم ذلك شيئا ، وظهر فيهم ما ذكره الشيخ رضي اللّه عنه .


    ما جاء في صورة جبريل التي خلق عليها
    قالت عائشة رضي اللّه عنها في قوله تعالى : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ، قالت : رأى جبريل في الصورة التي خلقه اللّه عليها له ستمائة جناح .
    روينا من حديث إسحاق بن بشر القرشي ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لجبريل عليه السلام :
    « إني أحب أن أراك في صورتك التي تكون عليها في السماء » . قال : لن تقوى على ذلك . قال : « بلى » . قال : فأين تشاء أن أتمثل لك ؟ قال : « بالأبطح » . قال : لا يسعني ، قال : « بمنى » .
    قال : لا تسعني ، قال : « بعرفات » ، فواعد ، فخرج النبي عليه السلام للوقت ، فإذا هو بجبريل قد أقبل من جبال عرفات بخشخشة وكلكلة قد ملأ ما بين المشرق والمغرب ، ورأسه في السماء ، ورجلاه في الأرض . فلما رآه النبي عليه السلام خرّ مغشيا عليه .

    قال : فتحوّل جبريل في صورته التي عهده عليها ، فضمه إلى صدره وقال له : يا محمد ، لا تخف أنا أخوك جبريل . فلما أفاق قال : « يا جبريل ، ما ظننت أن للّه في السماء خلقا يشبهك » . فقال : يا محمد ، فكيف لو رأيت إسرافيل ورأسه من تحت العرش ، ورجلاه في التخوم السابعة ، وإن العرش على كاهله ، وإنه ليتضاءل أحيانا من مخافة اللّه تعالى حتى يصير مثل الوضع ، حتى لا يحمل عرش ربك إلا عظمته تبارك وتعالى لوضع الطير الصغير الذي يصبح في القائلة ، وتسميه العامة الأغزال والجفالة .


    انتشار ولد إسماعيل وعبادتهم الحجارة
    روينا من حديث أبي الوليد ، عن جده ، عن أبي سالم ، عن ابن إسحاق أن بني إسماعيل وجرهم من ساكني مكة ضاقت عليهم مكة ، فتفسحوا في البلاد ، والتمسوا المعاش ، فيزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل ، أنه كان لا يظعن من


    “ 198 “

    مكة ظاعن منهم إلا احتملوا معهم من حجارة الحرم ، تعظيما للحرم ، وصيانة بمكة وبالكعبة . حيثما حلوا وضعوه ، فطافوا به كالطواف ، حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة . وأعجبهم من حجارة الحرم خاصة حتى خلفت الخلوف بعد الخلوف ، ونسوا ما كانوا عليه ، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام غيره . فعبدوا الأوثان ، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم من الضلالة ، وانتحوا ما كان يعبد قوم نوح منها ، على أثر ما كان بقي فيهم من ذكرها وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل ، يتمسكون بها من تعظيم البيت ، والطواف به ، والحج ، والعمرة ، والوقوف على عرفة والمزدلفة ، وهدى البدن ، والإهلال بالحج والعمرة ، مع إدخالهم فيه ما ليس منه .

    ومن منظومات الشبلي في يوم عيد ، ما رويناه من حديث ابن باكويه قال : أنشدني أبو عمرة
    الحسن الحنظلي قال : سمعت الشبلي ينشد يوم العيد :
    ليس عيد المحب قصد المصلى * وانتظار الجيوش والسلطان
    إنما العيد أن تكون لذي الحب * كريما مقرّبا في الأمان


    وله في ذلك :
    عيدي مقيم وعيد الناس منصرف * والقلب مني عن اللذات منحرف
    ولي قرينان ما لي منهما خلف * طول الحميم وعيني دمعها يكفّ

    وله في ذلك :
    إذا ما كنت لي عيدا * فما أصنع بالعيد
    جرى حبّك في قلبي * كجري الماء في العود

    وحدثنا يونس بن يحيى قال : انا ابن منصور ، عن الحميدي ، عن أبي بكر الأردستاني ، عن السلمي قال : سمعت عبد اللّه بن محمد الدمشقي يقول : سمعت الشبلي ينشد يوم عيد ، ولا أدري لنفسه أم لغيره :
    الناس في العيد قد سرّوا وقد فرحوا * وما سررت به والواحد الصمد
    لما تيقنت أنّي لا أعاينكم * غمّضت طرفي فلم أنظر إلى أحد

    وحدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الباقي ، نبأ هنّا قال : سمعت محمد بن القاسم يقول : كان الشبلي ينوح يوم العيد ويصيح ، وعليه ثياب سود وزرق ، فاجتمع الناس إليه ، فسألوه عن حاله فقال :
    تزين الناس يوم العيد للعيد * وقد لبست ثياب الزرق والسود


    “ 199 “

    وأصبح الكل مسرورا بعيدهم * ورحت فيكم على نوح وتعديد
    والناس في فرح والقلب في ترح * شتّان بيني وبين الناس في العيد

    وحدثنا يونس بن يحيى قال : انا ابن ناصر ، حدثنا أبو الثناء محمود بن أبي المظفّر قال : حدثنا ابن خميس قال : انا الحميدي قال : أنا أبو بكر الأردستاني قال : انا السلمي قال : سمعت عبد اللّه بن إبراهيم بن العلاء يقول : قال رجل لأبي علي الروذبادي : غدا العيد ، فغيّر من زينتك ، فأنشد يقول :

    قالوا غدا العيد ما أنت لابسه * فقلت خلعة ساق حبّه جزعا
    فقر وضرّهما ثوبان تحتهما * قلب يرى إلفه الأعياد والجمعا
    أحرى الملابس أن تلقى الحبيب بها * يوم التزاور في الثوب الذي خلعا
    الدهر لي مأثم إن غبت يا أملي * والعيد ما كنت لي مرأى ومستمعا

    خبر هبل الصنم الذي كان بالكعبة
    روينا من حديث هشام ، وابن إسحاق ، أن عمرو بن لحيّ خرج من مكة إلى الشام في بعض أمور ، فلما قدم مآب من أرض البلقاء ، وبها يومئذ العماليق ، رآهم يعبدون الأصنام . فقال لهم : ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون ؟
    قالوا : هذه أصنام نعبدها ، فنستمطرها فتمطرنا ، ونستنصرها فتنصرنا ، فقال لهم : أفلا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض المغرب فيعبدونه ؟
    فأعطوه صنما يقال له هبل - بفتح الهاء - فقدم به مكة ا ه .

    حديث ابن هشام : قال ابن إسحاق : فقدم بصنم يقال له هبل - بضم الهاء - من هيت من أرض الجزيرة لم يكن من أهل البلقاء ، وهو أصح . وكان هبل من أعظم أصنام قريش عندها .
    فنصبه على البئر التي كانت في بطن الكعبة ، وأمر الناس بعبادته . وكانت هذه البئر في جوف الكعبة على يمين من دخلها ، عمقها ثلاثة أذرع ، حفرها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، ليكون فيها ما يهدى إلى الكعبة ، وكانت تسمى الأخسف .

    وكان عند أهل هبل في الكعبة سبعة قداح ، كل قدح منها فيه كتاب : قدح فيه العقل إذا اختلفوا في العقل ، من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة عليهم ، فعلى من خرج حمله .
    وقدح فيه نعم ، الأمر الذي أرادوه يضرب به في القداح ، فإن خرج قدح فيه نعم عملوا .
    وقدح فيه لا ، فإذا أرادوا الأمر ضربوا به في القداح ، فإذا خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر .
    وقدح فيه منكم ، وقدح فيه ملصق ، وقدح فيه من غيركم ، وقدح فيه المياه . فإذا أرادوا أن يحفروا المياه ضربوا بالقداح ، وفيها ذلك القدح ، فحيث ما خرجوا به عملوا به .
    وكانوا إذا أرادوا أن


    “ 200 “

    يختنوا غلاما ، وينكحوا جارية ، ويدفنوا ميتا ، أو شكّوا في نسب أحد منهم ، ذهبوا به إلى هبل ، ومائة درهم جزر ، فأعطوها صاحب القداح الذي يضرب بها ، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ، ثم قالوا : يا إلهنا هذا فلان أردنا به كذا وكذا فأخرج الحق فيه .

    ثم يقولون لصاحب القداح : اضرب ، فإن خرج منكم كان منهم وسطا ، وإن خرج عليه من غيركم كان حليفا ، وإن خرج عليه ملصق كان ملصقا على منزلته فيهم لا بسبب له ولا خلف . وإن خرج عليه شيء مما سوى هذا مما يعملون به نعم عملوا به ، وإن خرج لا أخّروه عامه ذلك حتى يأتوا به مرة أخرى ، ينتهون في أمرهم ذلك إلى ما خرجت به القداح .

    قال ابن إسحاق : وكان هبل من خرز العقيق على صورة إنسان ، وكانت يده اليمنى مكسورة ، فأدركته قريش فجعلت له يدا من ذهب . وكانت له خزانة للقربات ، وكانت له سبعة قداح يضرب بها على الميت والعذرة والنكاح . وكان قربانه مائة بعير . وكان له حاجب ، وكانوا إذا جاءوا هبل بالقربان ضربوا بالقداح وقالوا :

    إنا اختلفنا فهب السّراحا * ثلاثة يا هبل فصاحت

    الميت والعذرة والنكاحا * والمبرئ المريض والصحاحا



    إن لم تقله فمن القداحا

    روينا من حديث أحمد بن مروان ، عن محمد بن عبد العزيز الدينوري ، عن أحمد بن أبي الحواريّ ، عن أبي سليمان الداراني ، قال : قلت لراهب : يا راهب ، أي يوم أسرّ إليك ؟ قال : يوم لا أعصي اللّه عز وجل فيه .



    روينا من حديث ابن أبي الدنيا ، عن محمد بن عمرو المالكي ، عن سفيان بن عيينة ، عن إدريس بن يزيد ، عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : من خلصت نيته ولو علة نفسه كفاه اللّه ما بينه وبين الناس .



    وروينا من حديثه أيضا عن يحيى بن يوسف ، عن أبي معاوية ، عن عبد الرحمن بن زيد ،

    قال : كان أبي يقول : يا بنيّ ، أنوفي كل شيء تريد الخير ، حتى خروجك إلى الكناسة في حاجة .

    وروينا من حديث الدينوري في كفارة الغيبة ، قال : نبأ أبو جعفر حمدان بن علي ، نبأ محمد بن علي الخزاعي ، نبأ عنبسة بن عبد الرحمن القرشيّ ، عن خالد بن يزيد المدني ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : « كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته » .

    وروينا من حديثه أيضا في أحب العباد إلى اللّه تعالى ،

    قال : حدثنا محمد بن غالب ،




    “ 201 “



    حدثني إسحاق بن كعب مولى ابن هشام ، نبأ عبد الحميد بن سليمان الأزرق ، عن سكين بن أبي سراج ، عن عبد اللّه بن دينار ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، أن رجلا أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال : أيّ العباد أحبهم إلى اللّه عز وجل ؟ قال : « أنصفهم للناس ، وإن من أحب الأعمال إلى اللّه عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دينا ، أو تسدّ عنه جوعة . ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليّ من اعتكاف شهرين في المسجد . ومن كفّ غضبه ستر اللّه عورته ، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه لأمضاه ملأ اللّه قلبه أمنا وإيمانا ، ومن مشى مع أخ له في حاجة حتى يثبتها ثبّت اللّه قدمه يوم تزلّ الأقدام » .

    وروينا من حديثه أيضا ، قال : نبأ أحمد بن محمد البراء ، نبأ عبد المنعم ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه ، قال : لما ضربت الدراهم والدنانير ، حملها إبليس وقال : سلاحي ، وقرّة عيني ، وثمرة قلبي بكما أطغي ، وبكما أكفّر بني آدم ، وبكما تستوجب النار بنو آدم حسبي .



    قال وهب : فالويل ثم الويل لمن آثرهما على طاعة اللّه عز وجل .

    حدثنا عبد الرحمن بن علي ، نبأ أبو المعتز الأنصاري ، أن جعفر بن أحمد ، نبأ أبو محمد الخلال ، نبأ أحمد بن محمد بن القاسم الرازي ، نبأ أحمد بن محمد الجوهري ، نبأ إبراهيم بن سهل المدائني حدثني سيف بن جابر القاضي ، عن وكيع ، قال :

    قال لي أبو حنيفة النعمان بن ثابت : أخطأت في خمسة أبواب من المناسك ، فعلّمنيها حجّام ، وذلك أني حين أردت أن أحلق رأسي وقفت على حجّام ، فقلت : بكم تحلق رأسي ؟ فقال :

    أعراقيّ أنت ؟ قلت : نعم . قال : النسك لا تشارط عليه ، اجلس . فجلست منحرفا عن القبلة . فقال لي : حوّل وجهك إلى القبلة ، فحوّلته ، وأردت أن أحلق رأسي من الجانب الأيسر ، فقال : أدر الشقّ الأيمن من رأسك ، فأدرته ، فجعل يحلق وأنا ساكت ،

    فقال لي :

    كبّر ، فجعلت أكبّر حتى قمت لأذهب ، فقال لي : أين تريد ؟ قلت : رحلي ، قال لي : صلّ ركعتين ثم امض . قلت : ما ينبغي أن يكون ما رأيت من عقل هذا الحجام إلا ومعه علم ، فقلت له : من أين لك ما أمرتني به ؟

    فقال : رأيت عطاء بن رباح يفعل هذا .



    ومن باب الأجواد والهمم العالية

    ما حدثنا محمد بن إسماعيل ، نبأ أبو الفرج ، نبأ عبد اللّه ، انا المبارك بن عبد الجبار ، نبأ الحسين بن محمد ، انا ابن سويد ، نبأ ابن الأنباري ، حدثني أبي عن المغيرة بن




    “ 202 “



    محمد بن عبد الرحمن ، عن سحيم بن حفص ، عن أبيه قال : حج يزيد بن المهلب ، فطلب حلّاقا يحلق رأسه ، فجاء فحلق رأسه ، فأمر له بألف درهم ، فتحير الحلّاق ودهش ، وقال :

    هذه الألف لي امضي إلى أمي فلانة أبشّرها . فقال : أعطوه ألفا أخرى . قال الحلاق : امرأته طالق إن حلق رأس أحد بعدك . فقال : أعطوه ألفين آخرين .

    حدثنا يونس بن يحيى قال : حدثنا ابن ناصر ، نبأ المبارك بن عبد الجبار ، نبأ أبو طالب العشاري نبأ ابن أخي تيمي ، نبأ أبو بكر القرشي نبأ عيسى بن عبد اللّه التميمي ، نبأ ابن إدريس ، حدثني أبي ، عن وهب بن منبه قال : كان يلتقي هو والحسن البصري في الموسم كل عام في مسجد الخيف ، إذا هدأت الرجل ونامت العين ، ومعهما جلّاس لهما يتحدثون معهما .

    فبينما هما يتحدثان ذات ليلة مع جلسائهما إذ أقبل طائر له خفيق حتى وقع إلى جانب وهب في الحلقة ، فسلّم فردّ عليه السلام ، وعلم أنه من الجن ، فقال وهب : من الرجل ؟ قال : من الجن من مسلميهم ، قال : فما حاجتك ؟ قال : وتنكر أن نجالسكم ، ونحمل عنكم ، إن لكم فينا رواة كثيرة .

    وإنا لحاضركم في أشياء كثيرة من صلاة وجهاد وحج وعمرة ، ونحمل عنكم العلم .

    قال وهب : فأيّ رواة الجن عندكم أفضل ؟

    قال : رواة الشيخ ، وأشار إلى الحسن رضي اللّه عنه .



    ومن شعر علي بن أفلح في الخيف :

    هذه الخيف وهاتيك منى * فترفق أيها الحادي بنا

    واحبس الركب علينا ساعة * نندب الركب ونبكي الدمنا

    فلذا الموقف أعددنا البكا * ولذا اليوم دموع تقتنا

    زمنا كان وكنا جيرة * يا أعاد اللّه ذاك الزمنا

    بيننا يوم أثيلات النقا * كان من غير تراض بيننا



    واقعة لبعض الفقراء

    حدثني عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي بإشبيلية بالخفاقين بدار محمد اليشكري الناسخ قال : كنت بجاية في خدمة شيخنا أبي مدين ،

    فقال له أبو طالب : أخبرني عن سر حياتك . فقال أبو مدين : بسر حياته ظهرت حياتي ، وبنور صفاته استنارت صفاتي ، وفي توحيده أفنيت همتي ، وبديمومته دامت محبتي .

    فسر التوحيد في قوله : لا إله إلا اللّه . أنا والوجود بأسره حرف جاء لمعنى .

    فبالمعاني ظهرت الحروف ، وبصفاته اتصف كل موصوف ، وبائتلافه ائتلف كل مألوف . فمصنوعاته محكمة ، ومخلوقاته مسلمة ، لأنه




    “ 203 “



    صانعها ومظهرها ، منه مبدأها ، وإليه مرجعها ، كما أظهرها ذرّا . ثم تلا : أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى . هو يا أبا طالب لوجوده المحرك ، والناطق الممسك ، إن نظرت يا أبا طالب بالحقيقة تلاشت الخليقة ، الوجود به قائم ، وأمره في مملكته دائم ، وحكمه في وجوده عام . حكم الأرواح في الأجسام ، فالحواس به بانت على اختلاف أنواعها ، اللسان منها للبيان ، وهو مع ذلك لا يشغله شأن عن شأن .

    يا أبا طالب ، لما أمدّني بسره غرف فؤادي من بحره ، فامتلأ وجودي نورا ، وأثمر غيبة وحضورا ، وسقيت شرابا طهورا ، ففني ما كان باطلا وزورا ، فغشيت أنواره أخلاقي ، ونظرت إلى الباقي بالباقي .



    ثم قال : هو الموصوف بالقدم ، ومخترع الوجود من العدم ، بنور جلاله أشرقت الظلم ، وهو ولي الكرم الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ، وصلى اللّه على سيدنا محمد سراج الظلم .

    وروينا من حديث ابن باكويه ، عن أحمد بن عبد اللّه بن عبد المؤمن ، نبأ إسماعيل بن القاسم ، نبأ عبد اللّه بن مبويه ، عن عبد الرحيم الدبيلي ، عن عثمان بن عمارة قال : وردت الحجر مرة فإذا أنا بمحمد بن ثوبان ، وإبراهيم بن أدهم ، وعبّاد المنفري ، وهم يتكلمون بكلام لا أعقله ، فقلت لهم : رحمكم اللّه ، بي شأن كما تروني ، أصوم النهار ، وأقوم الليل ، وأحجّ سنة ، وأغزو سنة ، ما أرى في نفسي زيادة ، فشغل القوم عني ، حتى ظننت أنهم لم يفهموا كلامي . ثم كانت من واحد منهم التفاتة فقال : يا غلام ، إن همّ القوم لم يكن في كثرة الصلاة والصوم ، وإنما كان همّ القوم في نفاذ الأبصار حتى أبصروا .



    وروينا من حديث ابن باكويه أيضا ، عن عيسى بن عمر ، عن أحمد بن محمد القرشي ، عن إبراهيم بن عيسى ، عن موسى بن عبد الملك المروزي قال : قال مالك بن دينار : بينما أنا أطوف بالبيت إذ أنا بامرأة في الحجر قد رفعت صوتها ، واستغرقت في حالها ، مناجية ربها ، وهي تقول : أتيتك من شقة بعيدة ، مؤملة لمعروفك ، فأنلني معروفا من معروفك تغنيني به عن معروف من سواك ، يا معروفا بالمعروف . فعرفت أيوب السختياني ، فسألنا عن منزلها ، وقصدناها وسلّمنا عليها ، فقال لها أيوب : قولي خيرا يرحمك اللّه ، قالت : وما أقول ؟

    أشكو إلى اللّه قلبي وهواي ، قد أضرّا بي ، وشغلاني عن عبادة ربي . قوما فإني أبادر طي صحيفتي .

    قال أيوب : فما حدّثت نفسي بامرأة قبلها ، فقلت لها : لو تزوجت رجلا يعينك على ما أنت فيه . قالت : لو كان مالك بن دينار وأيوب السختياني ما أردته .

    فقلت : أنا مالك بن دينار وهذا أيوب السختياني . فقال : أفّ لكما ،




    “ 204 “



    لقد ظننت أنه يشغلكما ذكر اللّه عن محادثة النساء . وأقبلت على صلاتها ، فسألنا عنها ، فقالوا : هذه ملكية بنت المنكدر .



    ومن حسن الخطاب

    ما قال أبو وجرة الأسلمي حين قدم على المهلب أبي صفرة : أصلح اللّه الأمير ، إني قطعت إليك الدهناء ، وضربت إليك آباط الإبل من يثرب .

    قال له المهلب : فهل أتيتنا بوسيلة أو عشيرة أو قرابة ؟

    قال : لا ، ولكني رأيتك لحاجتي أهلا ، فإن قمت بها فأنت أهل لذلك ، وإن يحل دونها حائل لم أذمم يومك ولم أيأس من غدك .



    قال المهلب : يعطى ما في بيت المال ، فوجد فيه مائة ألف درهم ، فدفعت إليه ، فأخذها وقال :

    يا من على الجود صاغ اللّه راحته * فليس يحسن غير البذل والجود

    عمّت عطاياك من بالشرق قاطبة * فأنت والجود منحوتان من عود



    وفي هذا المجرى قوله :

    تشبّ لمقرورين يصطليانها * وبات على النار الندى والمحلق

    رضيعيّ لبان ثدي أم تحالفا * بأسجم داج عوض لا يتفرق

    روينا من حديث عمرو قال : دخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب ، وكان يستعمل الحواشي من الكلام ، فقال له : إني أجد معمعة في قلبي ، وقرقرة في بطني ، فقال له الطبيب : أما المعمعة فلا أعرفها ، وأما القرقرة فهي ضراط غير نضيج .



    وروينا من حديثه قال : قال كعب القيسي لعروة بن الزبير : أذنبت ذنبا للوليد بن عبد الملك ، فاكتب إليه : لو لم يكن لكعب من قديم حرمة ما يغفر له عظيم جريرته ، لوجب أن لا تحرمه التفيؤ بظل عفوك الذي تأمله القلوب ولا تتعلق به الذنوب ، وقد استشفع بي إليك فوثقت له منك بعفو لا يخلطه سخط ، فحقق أمله فيّ وصدق نفسي فيك ، تجد الشكر وافيا بالنعمة .



    فكتب الوليد : قد شكرت رغبته إليك ، وعفوت عنه لمعموله عليك ، وله عندي ما يحب ، فلا تقطع كتبك عني في أمثاله في سائر أمورك .



    روينا من حديث أبي ودعان ، قال : نبأ علي بن محمد ، عن علي بن القاسم ، عن إسماعيل بن محمد ، عن عبد اللّه بن روح ، عن شبابة ، عن بزرجر ، عن القاسم بن




    “ 205 “



    عبد الرحمن ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : « إنما أنتم خلف ماضين ، وبقية متقدّمين ، كانوا أكثر منكم بسطة ، وأعظم سطوة ، أزعجوا عنها أسكن ما كانوا إليها ، وغدرت بهم أوثق ما كانوا بها ، فلم تغن عنهم قوة عشيرة ، ولا قبل منهم بدل فدية ، فارحلوا أنفسكم بزاد مبلغ قبل أن تؤخذوا على فجأة ، وقد غفلتم عن الاستعداد ، ولا يغني الندم ، وقد جفّ القلم » .



    قال أبو حازم

    طالبة ومطلوبة : طالب الدنيا يطلبه الموت حتى يخرجه ، وطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى توفيه رزقه .



    روينا عن الحسن البصري أنه قال : بينما أنا أطوف إذ أنا بعجوز متعبدة ، فقلت : من أنت ؟ قالت : من بنات ملوك غسان . قال : فمن أين طعامك ؟ قالت : إذا كان آخر النهار جاءتني امرأة مزيّنة فتضع بين يديّ كوزا من ماء ورغيفين . قلت لها : أتعرفينها ؟

    قالت :

    اللهم لا . قلت لها : هي الدنيا ، خدمت ربك عز ذكره ، فبعثها إليك لتخدمك .



    وحدثني بعض العارفين ، عن الشيخ العارف الكبير أبي عبد اللّه الغزالي الذي كان بالمرية من أقران أبي مدين ، وأبي عبد اللّه الهواري ، وأبي يعزى ، وأبي شعيب السارية ، وأبي الفضل السكري ، وأبي النجار ، وتلك الطبقة .

    قال أبو عبد اللّه : كان يحضر مجلس شيخنا أبي العباس بن العريف الصنهاجي - وهو آخر من ظهر من المؤدبين في هذه الطريقة - رجل لا يتكلم ، فإذا فرغ الشيخ خرج .

    فوقع في قلبي منه شيء أحببت أن أعرفه وأعرف موضعه ، وتبعته عشية يوم بعد انفصالنا من مجلس الشيخ من حيث لا يشعر بي .



    فلما كان في بعض سكك المدينة ، يعني المرية ، وإذا بشخص قد تلقّاه من الهواء ، وانقضّ عليه انقضاض الطائر ، بيده رغيف حسن ، فتناوله منه ، وانصرف عنه ، فجذبته من خلفه وقلت له : السلام عليك ، فعرفني فردّ السلام ،

    فقلت له : من هذا الشخص عافاك اللّه الذي ناولك الرغيف ؟ فتوقف ، فأقسمت عليه ، فقال : يا هذا ، هذا ملك الأرزاق يأتيني كل يوم بما قدّر لي من الرزق حيث كنت من أرضى ربي .



    ومرّ زياد بن أمية مع أبيه بالحيرة ، فنظر إلى دير ، فقال لخادمه : لمن هذا ؟

    فقال :دير حرقة بنت النعمان بن المنذر ، فقال : ميلوا بنا إليه لنسمع كلامها . فجاءت ، فوقفت خلف الباب ، فكلّمها الخادم ، فقال لها : كلّمي الأمير .

    قالت : أوجز أم أطيل ؟ قال : بل أوجزي . قالت : كنا أهل بيت طلعت الشمس علينا ، وما على الأرض أحد أعزّ منا ، فما




    “ 206 “



    غابت تلك الشمس حتى رحمنا عدوّنا . قال : فأمر لها بأوساق من شعير ، فقالت : أطعمتك يد شبعاء جاعت ، ولا أطعمتك يد جوعاء شبعت . فسرّ زياد بكلامها . فقال لشاعر معه :

    قيّد هذا الكلام ، لا يدرس .

    فقال :

    سل الخير أهل الخير قدما ولا تسل * فتى ذاق طعم الخير منذ قريب



    قيل للخنساء : صفي لنا صخرا . قالت : كان قطر السّنة الغبراء ، ودعاف الكتيبة الحمراء .

    قيل : فمعاوية ؟ قالت : كان حيا الجدب إذا نزل ، وقرى الضيف إذا حلّ . قيل :

    فأيهما كان عليك أحنى ؟

    قالت : أما صخر فسقام الجسد ، وأما معاوية فجمرة الكبد ،

    وأنشدت :

    أسدان محمرّا المخالب نجدة * غيثان في الزمن الغضوب الأعسر

    قمران في النادي رفيعا محتد * في المجد فرعا سؤدد متخيّر

    عرض رجل بليلى الأخيليّة من قومها ، فقال :

    ألا حيّيا ليلى وقولا لها هلا * فقد ركبت طرفا أغرّ محجّلا



    فأجابته :

    تعيّرني داء بأمّك مثله * وأي جواد لا يقال له هلا

    روى لنا أبو عبد اللّه محمد بن زرقون أن ليلى الأخيلية دخلت يوما على عبد الملك بن مروان ، فقال لها : يا ليلى ، هل بقي في قلبك من حب ثوبة فتى الفتيان شيء ؟

    قالت : يا أمير المؤمنين ، وكيف أنساه وهو الذي يقول :

    ولو أن ليلى في ذرى متمنّع * بنجران لالتفّت على قصورها

    حمامة يطن الواديين ترنمي * سقاك من الغرّ الغوادي مطيرها

    أبيني لنا لا زال ريشك ناعما * وبيضك في خضراء غض نضيرها

    تقول رجال لا يضرّك نأيها * بلى كل ما شفّ النفوس يضيرها

    أيذهب ريعان الشباب ولم أزر * كواعب في همدان بيض نحورها



    قال : عمرك اللّه أن تذكريه .

    روينا عن بعض الأدباء ببلادنا أن غانمة بنت عامر بلغها في زمان معاوية ثلب بني أمية بني هاشم وهي بمكة ، فقالت لأهل مكة :

    أيها الناس ، إن بني هاشم سادت فجادت ، وملكت وملكت ، وفصلت وفصلت ،




    “ 207 “



    واصطفت واصطفيت ، ليس فيها كدر عيب ، ولا أقلّ ريب ، ولا خسروا طاغين ، ولا خازين ، ولا نادمين ، ولا من المغضوب عليهم ، ولا الضالّين .

    إن بني هاشم أطول الناس باعا ، وأمجد الناس أصلا ، وأعظم الناس حلما ، وأكثر الناس علما وعطاء .



    منّا عبد مناف الذي يقول الشاعر فيه :

    كانت قريش بيضة فتفلّقت * فالمخّ خالصها لعبد مناف

    وولده هاشم الذي هشم الثريد لقومه ، وفيه يقول الشاعر :

    عمرو العلا هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف

    ومنّا عبد المطلب الذي سقينا به الغيث ، وفيه يقول الشاعر :

    ونحن سنيّ المحل قام شفيعنا * بمكة يدعو المياه تفور

    ومنّا ابنه أبو طالب عظيم قريش وسيّدها ،

    وفيه يقول الشاعر :

    أتيته ملكا فقام بحاجتي

    ومنّا العباس بن عبد المطلب ، أردفه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأعطاه ماله ، وفيه يقول الشاعر :

    رديف رسول اللّه لم تر مثله * ولا مثله حتى القيامة يولد

    ومنّا حمزة سيّد الشهداء ، وفيه يقول الشاعر :

    أبا يعلى بك الأركان هدّت * وأنت الماجد البرّ الوصول

    ومنّا جعفر ذو الجناحين ، أحسن الناس جمالا ، وأكملهم كمالا ، ليس بغدّار ، ولا جبّار ، بدّله اللّه بكلتا يديه جناحا يطير به في الجنة ، وفيه يقول الشاعر :

    هاتوا كجعفرنا ومثل عليّنا * إنّا أعزّ الناس عند الخالق



    ومنّا أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أفرس بني هاشم ، وأكرم من احتفى وانتعل ، وفيه يقول الشاعر :

    عليّ ألّف الفرقان صحفا * ووالى المصطفى طفلا صبيّا



    ومنّا الحسن بن علي سبط رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سيّد شباب أهل الجنة ، وفيه يقول الشاعر :

    يا أجلّ الأنام يا ابن الوصيّ * أنت سبط النبي وابن عليّ

    ومنّا الحسين بن علي ، حمله جبريل عليه السلام على عاتقه ، وكفى بذلك فخرا ،

    وفيه يقول الشاعر :




    “ 208 “



    بّ الحسين ذخيرة لمجنّة * يا ربّ فاحشرني غدا في حزبه



    يا معشر قريش ، إني واللّه آتية معاوية ، وقائلة له في بني أمية ما يعرق منه .

    فتوجهت ، فلما سمع بقدومها أمر بدار الضيافة ، فنظّفت ، وألقى فيها فرش ، فلما قربت من المدينة استقبلها يزيد في حشمه ومماليكه ، فلما دخلت المدينة أنت دارا فيها عمرو بن غانم . فقال لها يزيد : إن أبا عبد الرحمن يأمرك أن تنتقلي إلى دار ضيافته ، وكانت لا تعرفه ،

    فقالت : من أنت كلاك اللّه ؟ قال : أنا يزيد بن معاوية . قالت : لا رعاك اللّه يا ناقص ، لست بزائد ، فتغيّر لون يزيد ، وأتى أباه فأخبره ، فقال : هي أسنّ قريش ، وأعظمهم حلما .

    قال يزيد : كم تعدّ لها ؟ قال : كانت تعدّ على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربعمائة عام ، وهي من بقية الكرام .

    فلما كان من الغد أتاها معاوية فسلّم عليها ، فقال : على أمير المؤمنين السلام ، وعلى الكافرين الهوان والملام ، ثم قالت : أفيكم عمرو بن العاص ؟

    قال عمرو : ها أنذا ، فأسمعته ما يكره ، وأسمعت معاوية كذلك . فقال معاوية : أيتها الكبيرة ، أنا كافّ عن بني هاشم . قالت : فإني أكتب عليك كتابا ، فقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا ربه أن يستجيب خمس دعوات ، فلئن لم تنته جعلتها كلها فيك . فخاف معاوية ، فحلف أن لا يعود لمثل ما بلغها أبدا .

    فهذا آخر ما كان بين معاوية وبين بني هاشم من المفاخرة .

    حدثنا أبو جعفر بن يحيى قال : لما استوثق أمر العراق لعبد اللّه بن الزبير ، وجّه إليه مصعب وفدا ، فلما قدموا عليه قال : وددت أن لي بكل خمسة منكم رجلا من أهل الشام ، فقال رجل من أهل العراق : يا أمير المؤمنين ، علقناك ، وعلقت بأهل الشام ، وعلق أهل الشام إلى مروان ، فما



    أعرف لنا مثلا إلا قول الأعشى :

    علقتها عرضا وعلقت رجلا * غيري وعلق أخرى غيرها الرجل

    فما وجدنا جوابا أحسن من هذا . ينظر أيضا إلى هذا قول الآخر :

    جننت بليلى وهي جنّت بغيرنا * وأخرى بنا مجنونة لا نريدها



    وروينا من حديث ابن مروان قال : نبأ الحربي قال : أوصى بعض أهل العلم ابنه ، وكانت له حظوة من السلطان :

    يا بني ، إياك أن تلبس من الثياب ما يديم النظر إليك ، وعليك بالبياض الناعم ، واجتنب الوشي ، قلما يلبسه إلا ملك أو غني ، وإياك أن يجد منك أحد خلوقا ، وعليك بالزنجبيل واللبان ، فإنه يطيب خلوف فمك ، ويصبح عليك بدنك ، ويحدّ لك ذهنك ، وإياك وحاشية الملوك أن تتعرض لهم ، فإنهم يرضيهم منك اليسير ما لم يروا منك تحاملا




    “ 209 “



    لبعض على بعض ، وكن من العامة قريبا يكثر دعاؤهم لك ، ولا تنسب إلى دناءة ، فإنك لا تستقيلها ، والسلام .

    حدثنا أحمد بن يحيى بقرطبة قال : اجتمع عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الزبرقان بن بدر ، وعمرو بن أهتم ، فذكر عمرو الزبرقان

    قال :بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه ، إنه لمطعام ، جواد الكف ، مطاع في أدانيه ، شديد العارضة ، مانع لما وراء ظهره .



    فقال الزبرقان :

    بأبي وأمي يا رسول اللّه ، إنه ليعرف مني أكثر من هذا ، ولكنه يحسدني . فقال عمرو :

    واللّه يا نبيّ اللّه إن هذا لذ المروءة ، ضيق العطن ، لئيم العم ، أحمق الخال ، واللّه يا نبي اللّه ما كذبت في الأول ، ولقد صدقت في الآخر .

    رضيت فقلت بأحسن ما أعلم ، وسخطت فقلت بأسوإ ما أعلم .

    فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكما » .

    قال قسام بن زهير :

    يا معشر الناس ، إن كلامكم أكثر من صمتكم ، فاستعينوا على الكلام بالصمت وعلى الصواب بالفكرة .

    يقال : ينبغي للعاقل أن يحفظ لسانه كما يحفظ موضع قدمه . ومن لم يحفظ لسانه فقد سلّطه على هلاكه .



    قال الشاعر :

    عليك حفظ اللسان مجتهدا * فإن جلّ الهلاك في زلله

    وأنشدنا أبو بكر بن خلف اللخمي في مجلسه :

    يموت الفتى من عثرة بلسانه * وليس يموت المرء من عثرة الرّجل

    ولأبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه في ذلك :

    أحزن لسانك أن تقول فتبتلى * إن البلاء موكل بالمنطق

    كان عندنا شاب صالح ، سأل أباه أن يتركه يمشي إلى خدمة أبي مدين بجباية ، ونحن بإشبيلية ، فأبى عليه والده ، وكان له أخ صغير ، فرأى النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يقول لأبيه : « دع محمدا يمشي حيث سأل ، فإني سأبشره بالساحل » . فقصّ عليه وعلى أبيه ، فدعا بولده السائل وخلّاه لوجهه ، فأخذ الولد يبكي ، فقلت له : ما أبكاك مع هذه البشارة ؟
    فقال :

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 14:44