الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
الجزء 23
محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1
“ 331 “
حركة الفلك الذي فيه الشمس . ثم خلق المعادن ، والنبات ، والحيوان ، وآخر خلق خلقه الإنسان . هكذا ركّب اللّه العالم ، فذلك تقدير العزيز العليم . ثم في هذه الأفلاك وبينها من العوالم والأملاك والأرواح والمنازل والمقامات ما لا يعلمه إلا اللّه . وخلق سدرة المنتهى أصلها في السماء السادسة عند الأنهار الأربعة ، والنيل والفرات منها ، وفروعها بين السماء السابعة والكرسي ، وجعلها موضع الانتهاء لما ينزل من العرش من الأمر ، ولما يصعد من الأرض من الأعمال والمعارج . وجعل هناك مرموما ، وهو مسكن الملائكة دون الروح الأعظم . وإن اللّه خلق سبعين حجابا ، ومن وراء الحجب ، إسرافيل ومن وراء إسرافيل سبع حجب بينه وبين العرش . وخلق اللّه ميكائيل ، وجعل بيده الدعاء والرحمة والاستغفار والأرزاق والغياث . وخلق جبريل ، وجعل له الوحي إلى الأنبياء والمرسلين والخشف والإرجاف وهلاك الأمم الطاغية على رب العالمين . وخلق عزرائيل ملك الموت وقبض الأرواح .
وجعل إسرافيل سفيرا بينه سبحانه وبين هؤلاء الملائكة يما يوحى إليهم من القضاء الذي قدّره وسبق في علمه كونه . وجعل اللوح المحفوظ معلقا بالعرش فإذا قضى اللّه قضاء دنا اللوح فيقرع جبهة إسرافيل ، فيسمع للوح صلصلة كالسلسلة على الصفوان ، فيكشف إسرافيل الغطاء الذي على وجهه ويرفع بصره ، فإذا فيه قضاء اللّه عز وجل الذي قضاه ، فينادي بذلك القضاء إسرافيل الملك الذي يجريه الحق على يديه ، وبين إسرافيل عليه السلام وبين أقرب الملائكة إليه سبعون حجابا .
وخلق سبحانه الناقور ، وهو الصور ، وهو قرن من نور واسع الأعلى ضيق الأسفل ، وجعل فيه مسكن أرواح الخلائق بعد ، ووكّل به ملكا عظيما ألقمه إياه ، ينتظر متى يؤمر بالنفخ .
وجعل لإسرافيل فيه نفخة البعث ، فإن النفخات في الصور ، وهو جمع صورة ، نفخة الأرواح في أجسادها إن شاء ، وهو قوله :
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي * ، ونفخة الفزع ، وهو المذكور في سورة النمل ، ونفخة الصعق ، ونفخة القيامة ، وهما المذكورتان في الروم ، فنفخة القيامة لإسرائيل .
عن ابن عباس : وبين إسرافيل سبعون ، إسرافيل في أعلاها وجبريل في أدناها ، والصور القائم بينهما قد ثنى ركبته اليمنى ، وشخص بها إلى السماء ، والأخرى إلى الأرض ، والصور أجوف كأنه فضة بيضاء ، وقد وضعه الملك على فخذه ، وقرّب أعلاه إلى فيه ، وهو ينظر بإحدى عينيه إلى الصور ، وبالأخرى إلى جناح إسرافيل ، وقد جعل اللّه له علما ، فإذا أراد اللّه أمرا بقضاء الأجل الذي للعالم أمر إسرافيل أن يضم إليه جناحه ، وذلك بأن يدنو اللوح من جهة إسرافيل فيرفعه ، فإذا فيه : أن ضم إليك جناحك ، فيضم إسرافيل إليه جناحه بإذن ربه ، فإذا رأى ذلك الملك نفخ في الصور ، فتمر النفخة في جميع صور العالم الحي في العرش والكرسي والسماوات والأرض ، من ملك وإنس وجن وحيوان بري
“ 332 “
وبحري ، فيصعقون عن آخرهم إلا من شاء اللّه ، مثل إسرافيل وجبريل وميكائيل .
واختلف في سكان الجنة والنار ، وروح موسى عليه السلام . فقد قيل : لا تلحقهم الصعقة ، ثم يقبض روح ميكائيل أولا ، ثم روح إسرافيل ، ثم جبرائيل بعدهما . وقد روي أنه أحب خلق اللّه إلى اللّه من الملائكة .
وروينا أيضا : لا يقبض حتى يعتذر له سبحانه ، بأن ذلك لما سبق في علمه ، ثم يدنو ملك الموت من ربه عن أمره ، فيقول له : مت ، فيموت .
قال ابن عباس : فلا يبقى أحد إلا اللّه سبحانه وتعالى ، فيقول : أنا مالك الملك . أنا الذي قضيت على خلقي بالفناء ، وأنا الباقي ابن الجبارون ؟ ابن المتكبّرون ؟ لمن الملك اليوم ؟ فلا يجيبه أحد ، فيقول : لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * ، فيدعهم أربعين ، لا يدري يوما أو شهرا أو سنة . ما بلغنا فيه عن أحد مما رويناه عنه شيء يعتمد عليه غير أن الحسن قال :
اتفق رأي أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم على أربعين عاما ، فإذا انقضت المدة وشاء سبحانه أن يبعث الخلق أرسل عليهم الريح العقيم ليجمعهم ، ثم يرسل عليهم مطرا بلا سحاب مثل مني الرجال .
وروي أنه البحر المسجور ، وقيل : نهر الحياة الذي بين العرش والكرسي ، فيمطرون أربعين صباحا ، فينبتون نبات الطراثيث . وقد قيل : على صورة النشأة الأولى من التناسل أولا فأول على التوالد ، ولكن في أقرب من لمح البصر . ثم يبعث اللّه إسرافيل عليه السلام ، فيهبط إلى صخرة بيت المقدس والصور معه ، وفي الصور خمس دارات عظام في دارة منها أرواح الملائكة والأنبياء والمرسلين ، وفي دارة منها أرواح المؤمنين ، وفي دارة منها أرواح الكفار والمنافقين ، وفي دارة منها أرواح الجن والشياطين ، وفي دارة منها أرواح البهائم وسائر الحيوان . فينفخ فيه ، فتجري الأرواح في أجسادها ، فيقوم الخلق لرب العالمين . ثم يبدّل اللّه الأرض والسماوات ، ويكون الخلق عند ذلك في ظلمة دون الجسر ، ثم تمد الأرض الساهرة مد الأديم ، وهي أرض ما ينام عليها قط ، في لون الفضة البيضاء .
ثم يأمر لكل سماء أن ينزل بمن فيها من عمّارها إلى هذه الأرض ، فإذا نزلوا وجمعت هذه الأرض هذا الحشر كله ، ينزل اللّه عز وجل لفصل القضاء فيؤتى بالجنة ، فتقاد قودا ، معها الأمن والإيمان والرضى والرضوان ، حتى توقف عن يمين العرش . ثم يؤتى بالنار ، وتقاد قودا ، ومعها السلاسل والأغلال ، وزبانييها كالصياصي ، وأصابع كالقرون معهم المقامع الثقال ، فتوقف عن يسار العرش . ثم يؤتى بالقلم يليه اللوح ، يتلوه إسرافيل ، يتلوه جبريل ، يتلوه النبيون والمرسلون ، فيسألهم عن التبليغ ، هل بلغك ؟ هل بلغك ؟ فيقر لكل
“ 333 “
واحد بالتبليغ . والحق سبحانه وتعالى يتولى كلام الخلق في الموقف كله إلا في ثلاثة مواطن : عند نشر الكتب ، وعند الميزان ، وعند الصراط ، فإن اللّه تعالى وكّل بهذه المواطن ملائكة هم الذين يباشرون الخلق ، وما ينادي الناس إلا بأمهاتهم ، رعاية لعيسى عليه السلام ، وسترا على زناة الخلق .
ثم يقسم الأنوار سبحانه وتعالى على المؤمنين والمنافقين ، ثم يتجلى فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ باللّه منك ، لست بربنا ، فيقول : هل بينكم وبين ربكم علامة ؟
فيقولون : نعم ، فيتحوّل لهم سبحانه وتعالى في العلامة التي يعرفونها ، فإذا أبصروها عرفوها ، فقالوا : أنت ربنا ، فيتبعونه .
ويضرب الصراط ، ويدعون إلى السجود ، فلا يستطيع المنافقون السجود ، ويسجد المؤمنون . فهنالك سلب اللّه عنهم الأنوار التي كساهم إياها مع المؤمنين ، فإذا رأى ذلك المؤمنون ، يقولون عندها : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
ومواطن القيامة أعظم من أن توصف . وقد أوردنا في هذا الكتاب ما روينا من حديث مواقف القيامة الخمسين من رواية الثقات مستوفى .
الأنهار التي تجري من السماء عددها ثمانية
وأسماؤها : النيل ، والفرات ، ودجلة ، ومهران ، وسيحون ، وجيحون ، والسلسبيل ، والكوثر . فستة منها في الدنيا ، واثنان في الجنة ، وهما السلسبيل والكوثر .
روينا من حديث مسلم أربعة أنهار : اثنان للجنة ، واثنان في الدنيا ، وذكر النيل والفرات .
ومنهم من قال : أراها في السماء السادسة . ومن قال : أراها في السدرة .
وروينا من حديث غيره عنه : سيحان ، وجيحان .
وروينا موقوفا عن ابن عباس ، من حديث إسحاق بن بشر ، حديث دجلة ومهران قاسم السلسبيل والكوثر . غير أن دجلة يغلب على ظني أني رويت فيه خبرا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، لا أذكره الآن . أما نهر مهران فيظهر ما بين أرض الروم من وراء أرض البصرة ، حتى يقع بأرض السند .
وأما جيحون فيظهر بأرض الروم على جبل من وراء أرض أرمينية ، وهو نهر بلخ ، وأصل النيل من تحت الصخرة ، وظهوره من جبل القمر ، وهو نهر مصر . وأما دجلة والفرات فقريب من رأسه ، وهو بأرض الروم . وسيحون فظاهر بالأرض . ومرجع هذه
“ 334 “
الأنهار كلها إلى الجنة ، إلى عين التسنيم ، يرفعها جبريل إليه في طست من الذهب يوم القيامة .
وأما الرياح الأربعة فهي : الجنوب وتسمى عند اللّه الأزيب ، والشمال . والجنوب تخرج من الجنة فتمرّ على النار ، وأما الشمال فتخرج من النار فتمرّ بالجنة ، فبردها منها .
وأما الزمهرير والحرور فمن تنفّس جهنم والصبا ، والدبور . ومبعث هذه الرياح كلها من تحت العرش ، ومستقرها تحت الأرض ، وهي التي تسمى : العرقر .
روينا من حديث الهاشمي ، يبلّغ به النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : « أيها الناس ، لا تشغلنكم دنياكم عن أخراكم ، ولا تؤثروا هواكم عن طاعة ربكم ، ولا تجعلوا إيمانكم ذريعة إلى معاصيكم ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومهّدوا لها قبل أن تعذّبوا ، وتزوّدوا للرحيل قبل أن تعجزوا ، فإنما هو موقف عدل ، واقتضاء حق ، وسؤال عن واجب . ولقد أبلغ الأعذار ، من تقدم في الإنذار » .
ومن وقائع بعض الفقراء إلى اللّه تعالى ، ما حدثنا به عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي ، قال : قال بعض الصالحين : رأيت في الواقعة أبا مدين ، وأبا حامد ، وأبا يزيد ، وجماعة من الرجال ، فقالوا لأبي مدين : عد علينا من كلامك في التوحيد ، فقال : التوحيد وطن العارفين ، وبه تاهوا ، وليس لهم مستقر إلا هو ، هو حياة أسرارهم ، ومادة القلوب ، وكل كليتهم ، وغيب الغيوب ، هو السيد المتبوع ، وما عدا تبع ، والقائم بنفسه ، وقوام من صنع ، هو مجرى لأسرارهم ، وأسرارهم جداوله ، وموضع نظر العارف فيما يأتيه ويحاوله ، علت همته فسما ، فمن سقط عن هذه المرتبة فهو مغمى عليه وأعمى ، وللعارف من معروفه دلائل وروائح ، يظهر طيب نسيمها الغادي والرائح ، يشم فيها أنوار التنزيه ، ويكشف له عن غيبه فيجده فيه ، فتلاشت أحواله وسماته ، ونفيت رسومه وصفاته ، فلا قول ولا قائل ، إذ كل ما سواه عدم وزائل ، هو أصل كل شيء ومادّته ، وبه حياة كل حي وحركته ، هو الرفيق الجليل ، وقدرته عمّت الكثير والقليل ، فلذّة العارف من معروفه في التحلي ، وصفاته ظاهرة بالتبرّي والتخلي يقري عن الكونين أدناها وأعلاها ، ولم يرض بشيء منها دون من سواها ، فسرّه من الغيب مطهّر والمعلوم مكاشف ومظهر ، قلبه في حضرة مالكه يسري ، وفكرته في ميادين المعارف تجري ، فتوحاته منه إليه دائمة ، وحقيقته عما سواه صائمة ، غذاؤه من التوحيد الدقيق ، وشرابه من الصافي الرقيق ، قد خامر سرّه فأمعن فيه ، فظلّ عند ربه يطعمه ويسقيه .
سمعت بعض أصحابنا يقول : قال بعض الصالحين : كتبت إلى رجل من إخواني وأنا
“ 335 “
أقول له : يا أخي ، ربما دعوت لك في وقت الإجابة ، فعرّفني بمرادك . قال : فكتب إليّ : يا أخي ، شهوتي ومرادي في قلب منوّر ، ووجه مصفر ، وثوب مشمّر ، وقوت مقتّر .
ومن باب السماع ، ما ذكره ابن الرميلة في إيضاح مصون الصوفية ، قال : كان بعض الفقراء يمشي في الأسواق ، فسمع بعض الباعة يصيح : الجلبان ، فغشي عليه ، فاجتمع عليه الناس ، فلما أفاق قال : حبيبي كيف قلت : جلّ بذاته ، فما يحسّ ولا يرى ، وبان عن مخلوقاته ، فلا يشبهه شيء من الورى ؟
وسمع رجل آخر ، وهو بائع موز ، وهو ينادي : انفتل واستوى ، فغشي عليه ، فلما أفاق ، قال : حبيبي ، كيف قلت : انفتل ولي اللّه عن معصية اللّه ، واستوى على طاعة اللّه ؟
قلت : وماشيت عبد اللّه ابن الأستاذ ، وكان من السادة عند باب الفتح من باب إشبيلية ، فسمع بائع خسّ من العامة وهو ينادي عليه : الخاص رطب أبيض ، فتأوّه وأخذته حالة من ذلك ، وكان قويا ، فقال لي : يا أخي ، أما تسمع ما يقول هذا البائع ؟ الخاص من عباد اللّه لسانه رطب من ذكر اللّه ، وقلبه أبيض من نور اللّه .
وماشيت بعضهم أيضا بقرطبة عند باب بياضة حيث دار السلطان ، فإذا جماعة من الأجناد خرجوا من دار السلطان ، يقول بعضهم لبعض : جاءت الرسل من قلعة رباح ، فاهتزّ الفقير ، وقال : يا أخي ، أما تسمع لهؤلاء الأجناد ما يقولون ؟ قلت : وما قالوا ؟ قال :
جاءت الرسل عليهم السلام ، يقولون : من قلع عن معصيته ، ربح ما عند اللّه .
حدثنا محمد بن قاسم ، قال : كان إلى جانبي شاب مسرف على نفسه ، فلزم بيته ، وأظهر توبته ، وكان ممن لا يطمع في خلاصة ، فقمت له مهنئا له بسلامته ، فرأيته في حالة حسدته عليها : دمع يستبق ، وفؤاد يحترق ، وقد تجرّد من قدرته ، وتعرّى من زلّته ، والتحف برداء فقره وذلّته ، فسلّمت عليه ، وقلت له : كيف قدمت من سفر زلّتك ؟ وكيف تخلصت من سجن غفلتك وصرت إلى حرم قربتك ؟ فقال لي : يا شيخ ، قمت يوما على عادتي عن بعض ما كنت عليه من المخالفة ، فدخلت الحمام ، فاغتسلت ، ثم خرجت ، فمررت بمسجد ، فقلت : أنا على طهارة لو دخلت وصلّيت ، وجعلت أمشي مشية المحسن المذكر ، فقام إليّ شيخ عليه سيماء الصالحين ، فقال لي : من كان على ما كنت عليه من سوء المعاملة مع اللّه لم تكن هذه مشيته في بيته ، أما علمت يا بني أن الأرض تعلنك من تحت قدميك ؟ قال الشاب : فسقطت من كلامه وهيبته على وجهي ، وغلب عليّ الحياء من ذكره ، فعقدت التوبة فيما بيني وبين اللّه تعالى . فهذا يا سيدي كان سبب توبتي .
وأنشدني أبو عبد اللّه الكتاني لبعضهم :
“ 336 “
ذكرت إساءتي فازددت حزنا * ومثلي من تذكّر ثم ناحا
قطعت العمر عصيانا وجهلا * وجانبت المروءة والصلاحا
سيبدي العرض مني يوم حشري * لأهل الجمع أحوالا قباحا
( تم الجزء الأول بحمد اللّه وعونه من كتاب المسامرات ) لسيدي محيي الدين بن العربي قدّس اللّه سرّه ونفعنا به آمين
الجزء 23
محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1
“ 331 “
حركة الفلك الذي فيه الشمس . ثم خلق المعادن ، والنبات ، والحيوان ، وآخر خلق خلقه الإنسان . هكذا ركّب اللّه العالم ، فذلك تقدير العزيز العليم . ثم في هذه الأفلاك وبينها من العوالم والأملاك والأرواح والمنازل والمقامات ما لا يعلمه إلا اللّه . وخلق سدرة المنتهى أصلها في السماء السادسة عند الأنهار الأربعة ، والنيل والفرات منها ، وفروعها بين السماء السابعة والكرسي ، وجعلها موضع الانتهاء لما ينزل من العرش من الأمر ، ولما يصعد من الأرض من الأعمال والمعارج . وجعل هناك مرموما ، وهو مسكن الملائكة دون الروح الأعظم . وإن اللّه خلق سبعين حجابا ، ومن وراء الحجب ، إسرافيل ومن وراء إسرافيل سبع حجب بينه وبين العرش . وخلق اللّه ميكائيل ، وجعل بيده الدعاء والرحمة والاستغفار والأرزاق والغياث . وخلق جبريل ، وجعل له الوحي إلى الأنبياء والمرسلين والخشف والإرجاف وهلاك الأمم الطاغية على رب العالمين . وخلق عزرائيل ملك الموت وقبض الأرواح .
وجعل إسرافيل سفيرا بينه سبحانه وبين هؤلاء الملائكة يما يوحى إليهم من القضاء الذي قدّره وسبق في علمه كونه . وجعل اللوح المحفوظ معلقا بالعرش فإذا قضى اللّه قضاء دنا اللوح فيقرع جبهة إسرافيل ، فيسمع للوح صلصلة كالسلسلة على الصفوان ، فيكشف إسرافيل الغطاء الذي على وجهه ويرفع بصره ، فإذا فيه قضاء اللّه عز وجل الذي قضاه ، فينادي بذلك القضاء إسرافيل الملك الذي يجريه الحق على يديه ، وبين إسرافيل عليه السلام وبين أقرب الملائكة إليه سبعون حجابا .
وخلق سبحانه الناقور ، وهو الصور ، وهو قرن من نور واسع الأعلى ضيق الأسفل ، وجعل فيه مسكن أرواح الخلائق بعد ، ووكّل به ملكا عظيما ألقمه إياه ، ينتظر متى يؤمر بالنفخ .
وجعل لإسرافيل فيه نفخة البعث ، فإن النفخات في الصور ، وهو جمع صورة ، نفخة الأرواح في أجسادها إن شاء ، وهو قوله :
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي * ، ونفخة الفزع ، وهو المذكور في سورة النمل ، ونفخة الصعق ، ونفخة القيامة ، وهما المذكورتان في الروم ، فنفخة القيامة لإسرائيل .
عن ابن عباس : وبين إسرافيل سبعون ، إسرافيل في أعلاها وجبريل في أدناها ، والصور القائم بينهما قد ثنى ركبته اليمنى ، وشخص بها إلى السماء ، والأخرى إلى الأرض ، والصور أجوف كأنه فضة بيضاء ، وقد وضعه الملك على فخذه ، وقرّب أعلاه إلى فيه ، وهو ينظر بإحدى عينيه إلى الصور ، وبالأخرى إلى جناح إسرافيل ، وقد جعل اللّه له علما ، فإذا أراد اللّه أمرا بقضاء الأجل الذي للعالم أمر إسرافيل أن يضم إليه جناحه ، وذلك بأن يدنو اللوح من جهة إسرافيل فيرفعه ، فإذا فيه : أن ضم إليك جناحك ، فيضم إسرافيل إليه جناحه بإذن ربه ، فإذا رأى ذلك الملك نفخ في الصور ، فتمر النفخة في جميع صور العالم الحي في العرش والكرسي والسماوات والأرض ، من ملك وإنس وجن وحيوان بري
“ 332 “
وبحري ، فيصعقون عن آخرهم إلا من شاء اللّه ، مثل إسرافيل وجبريل وميكائيل .
واختلف في سكان الجنة والنار ، وروح موسى عليه السلام . فقد قيل : لا تلحقهم الصعقة ، ثم يقبض روح ميكائيل أولا ، ثم روح إسرافيل ، ثم جبرائيل بعدهما . وقد روي أنه أحب خلق اللّه إلى اللّه من الملائكة .
وروينا أيضا : لا يقبض حتى يعتذر له سبحانه ، بأن ذلك لما سبق في علمه ، ثم يدنو ملك الموت من ربه عن أمره ، فيقول له : مت ، فيموت .
قال ابن عباس : فلا يبقى أحد إلا اللّه سبحانه وتعالى ، فيقول : أنا مالك الملك . أنا الذي قضيت على خلقي بالفناء ، وأنا الباقي ابن الجبارون ؟ ابن المتكبّرون ؟ لمن الملك اليوم ؟ فلا يجيبه أحد ، فيقول : لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * ، فيدعهم أربعين ، لا يدري يوما أو شهرا أو سنة . ما بلغنا فيه عن أحد مما رويناه عنه شيء يعتمد عليه غير أن الحسن قال :
اتفق رأي أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم على أربعين عاما ، فإذا انقضت المدة وشاء سبحانه أن يبعث الخلق أرسل عليهم الريح العقيم ليجمعهم ، ثم يرسل عليهم مطرا بلا سحاب مثل مني الرجال .
وروي أنه البحر المسجور ، وقيل : نهر الحياة الذي بين العرش والكرسي ، فيمطرون أربعين صباحا ، فينبتون نبات الطراثيث . وقد قيل : على صورة النشأة الأولى من التناسل أولا فأول على التوالد ، ولكن في أقرب من لمح البصر . ثم يبعث اللّه إسرافيل عليه السلام ، فيهبط إلى صخرة بيت المقدس والصور معه ، وفي الصور خمس دارات عظام في دارة منها أرواح الملائكة والأنبياء والمرسلين ، وفي دارة منها أرواح المؤمنين ، وفي دارة منها أرواح الكفار والمنافقين ، وفي دارة منها أرواح الجن والشياطين ، وفي دارة منها أرواح البهائم وسائر الحيوان . فينفخ فيه ، فتجري الأرواح في أجسادها ، فيقوم الخلق لرب العالمين . ثم يبدّل اللّه الأرض والسماوات ، ويكون الخلق عند ذلك في ظلمة دون الجسر ، ثم تمد الأرض الساهرة مد الأديم ، وهي أرض ما ينام عليها قط ، في لون الفضة البيضاء .
ثم يأمر لكل سماء أن ينزل بمن فيها من عمّارها إلى هذه الأرض ، فإذا نزلوا وجمعت هذه الأرض هذا الحشر كله ، ينزل اللّه عز وجل لفصل القضاء فيؤتى بالجنة ، فتقاد قودا ، معها الأمن والإيمان والرضى والرضوان ، حتى توقف عن يمين العرش . ثم يؤتى بالنار ، وتقاد قودا ، ومعها السلاسل والأغلال ، وزبانييها كالصياصي ، وأصابع كالقرون معهم المقامع الثقال ، فتوقف عن يسار العرش . ثم يؤتى بالقلم يليه اللوح ، يتلوه إسرافيل ، يتلوه جبريل ، يتلوه النبيون والمرسلون ، فيسألهم عن التبليغ ، هل بلغك ؟ هل بلغك ؟ فيقر لكل
“ 333 “
واحد بالتبليغ . والحق سبحانه وتعالى يتولى كلام الخلق في الموقف كله إلا في ثلاثة مواطن : عند نشر الكتب ، وعند الميزان ، وعند الصراط ، فإن اللّه تعالى وكّل بهذه المواطن ملائكة هم الذين يباشرون الخلق ، وما ينادي الناس إلا بأمهاتهم ، رعاية لعيسى عليه السلام ، وسترا على زناة الخلق .
ثم يقسم الأنوار سبحانه وتعالى على المؤمنين والمنافقين ، ثم يتجلى فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ باللّه منك ، لست بربنا ، فيقول : هل بينكم وبين ربكم علامة ؟
فيقولون : نعم ، فيتحوّل لهم سبحانه وتعالى في العلامة التي يعرفونها ، فإذا أبصروها عرفوها ، فقالوا : أنت ربنا ، فيتبعونه .
ويضرب الصراط ، ويدعون إلى السجود ، فلا يستطيع المنافقون السجود ، ويسجد المؤمنون . فهنالك سلب اللّه عنهم الأنوار التي كساهم إياها مع المؤمنين ، فإذا رأى ذلك المؤمنون ، يقولون عندها : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
ومواطن القيامة أعظم من أن توصف . وقد أوردنا في هذا الكتاب ما روينا من حديث مواقف القيامة الخمسين من رواية الثقات مستوفى .
الأنهار التي تجري من السماء عددها ثمانية
وأسماؤها : النيل ، والفرات ، ودجلة ، ومهران ، وسيحون ، وجيحون ، والسلسبيل ، والكوثر . فستة منها في الدنيا ، واثنان في الجنة ، وهما السلسبيل والكوثر .
روينا من حديث مسلم أربعة أنهار : اثنان للجنة ، واثنان في الدنيا ، وذكر النيل والفرات .
ومنهم من قال : أراها في السماء السادسة . ومن قال : أراها في السدرة .
وروينا من حديث غيره عنه : سيحان ، وجيحان .
وروينا موقوفا عن ابن عباس ، من حديث إسحاق بن بشر ، حديث دجلة ومهران قاسم السلسبيل والكوثر . غير أن دجلة يغلب على ظني أني رويت فيه خبرا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، لا أذكره الآن . أما نهر مهران فيظهر ما بين أرض الروم من وراء أرض البصرة ، حتى يقع بأرض السند .
وأما جيحون فيظهر بأرض الروم على جبل من وراء أرض أرمينية ، وهو نهر بلخ ، وأصل النيل من تحت الصخرة ، وظهوره من جبل القمر ، وهو نهر مصر . وأما دجلة والفرات فقريب من رأسه ، وهو بأرض الروم . وسيحون فظاهر بالأرض . ومرجع هذه
“ 334 “
الأنهار كلها إلى الجنة ، إلى عين التسنيم ، يرفعها جبريل إليه في طست من الذهب يوم القيامة .
وأما الرياح الأربعة فهي : الجنوب وتسمى عند اللّه الأزيب ، والشمال . والجنوب تخرج من الجنة فتمرّ على النار ، وأما الشمال فتخرج من النار فتمرّ بالجنة ، فبردها منها .
وأما الزمهرير والحرور فمن تنفّس جهنم والصبا ، والدبور . ومبعث هذه الرياح كلها من تحت العرش ، ومستقرها تحت الأرض ، وهي التي تسمى : العرقر .
روينا من حديث الهاشمي ، يبلّغ به النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : « أيها الناس ، لا تشغلنكم دنياكم عن أخراكم ، ولا تؤثروا هواكم عن طاعة ربكم ، ولا تجعلوا إيمانكم ذريعة إلى معاصيكم ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومهّدوا لها قبل أن تعذّبوا ، وتزوّدوا للرحيل قبل أن تعجزوا ، فإنما هو موقف عدل ، واقتضاء حق ، وسؤال عن واجب . ولقد أبلغ الأعذار ، من تقدم في الإنذار » .
ومن وقائع بعض الفقراء إلى اللّه تعالى ، ما حدثنا به عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي ، قال : قال بعض الصالحين : رأيت في الواقعة أبا مدين ، وأبا حامد ، وأبا يزيد ، وجماعة من الرجال ، فقالوا لأبي مدين : عد علينا من كلامك في التوحيد ، فقال : التوحيد وطن العارفين ، وبه تاهوا ، وليس لهم مستقر إلا هو ، هو حياة أسرارهم ، ومادة القلوب ، وكل كليتهم ، وغيب الغيوب ، هو السيد المتبوع ، وما عدا تبع ، والقائم بنفسه ، وقوام من صنع ، هو مجرى لأسرارهم ، وأسرارهم جداوله ، وموضع نظر العارف فيما يأتيه ويحاوله ، علت همته فسما ، فمن سقط عن هذه المرتبة فهو مغمى عليه وأعمى ، وللعارف من معروفه دلائل وروائح ، يظهر طيب نسيمها الغادي والرائح ، يشم فيها أنوار التنزيه ، ويكشف له عن غيبه فيجده فيه ، فتلاشت أحواله وسماته ، ونفيت رسومه وصفاته ، فلا قول ولا قائل ، إذ كل ما سواه عدم وزائل ، هو أصل كل شيء ومادّته ، وبه حياة كل حي وحركته ، هو الرفيق الجليل ، وقدرته عمّت الكثير والقليل ، فلذّة العارف من معروفه في التحلي ، وصفاته ظاهرة بالتبرّي والتخلي يقري عن الكونين أدناها وأعلاها ، ولم يرض بشيء منها دون من سواها ، فسرّه من الغيب مطهّر والمعلوم مكاشف ومظهر ، قلبه في حضرة مالكه يسري ، وفكرته في ميادين المعارف تجري ، فتوحاته منه إليه دائمة ، وحقيقته عما سواه صائمة ، غذاؤه من التوحيد الدقيق ، وشرابه من الصافي الرقيق ، قد خامر سرّه فأمعن فيه ، فظلّ عند ربه يطعمه ويسقيه .
سمعت بعض أصحابنا يقول : قال بعض الصالحين : كتبت إلى رجل من إخواني وأنا
“ 335 “
أقول له : يا أخي ، ربما دعوت لك في وقت الإجابة ، فعرّفني بمرادك . قال : فكتب إليّ : يا أخي ، شهوتي ومرادي في قلب منوّر ، ووجه مصفر ، وثوب مشمّر ، وقوت مقتّر .
ومن باب السماع ، ما ذكره ابن الرميلة في إيضاح مصون الصوفية ، قال : كان بعض الفقراء يمشي في الأسواق ، فسمع بعض الباعة يصيح : الجلبان ، فغشي عليه ، فاجتمع عليه الناس ، فلما أفاق قال : حبيبي كيف قلت : جلّ بذاته ، فما يحسّ ولا يرى ، وبان عن مخلوقاته ، فلا يشبهه شيء من الورى ؟
وسمع رجل آخر ، وهو بائع موز ، وهو ينادي : انفتل واستوى ، فغشي عليه ، فلما أفاق ، قال : حبيبي ، كيف قلت : انفتل ولي اللّه عن معصية اللّه ، واستوى على طاعة اللّه ؟
قلت : وماشيت عبد اللّه ابن الأستاذ ، وكان من السادة عند باب الفتح من باب إشبيلية ، فسمع بائع خسّ من العامة وهو ينادي عليه : الخاص رطب أبيض ، فتأوّه وأخذته حالة من ذلك ، وكان قويا ، فقال لي : يا أخي ، أما تسمع ما يقول هذا البائع ؟ الخاص من عباد اللّه لسانه رطب من ذكر اللّه ، وقلبه أبيض من نور اللّه .
وماشيت بعضهم أيضا بقرطبة عند باب بياضة حيث دار السلطان ، فإذا جماعة من الأجناد خرجوا من دار السلطان ، يقول بعضهم لبعض : جاءت الرسل من قلعة رباح ، فاهتزّ الفقير ، وقال : يا أخي ، أما تسمع لهؤلاء الأجناد ما يقولون ؟ قلت : وما قالوا ؟ قال :
جاءت الرسل عليهم السلام ، يقولون : من قلع عن معصيته ، ربح ما عند اللّه .
حدثنا محمد بن قاسم ، قال : كان إلى جانبي شاب مسرف على نفسه ، فلزم بيته ، وأظهر توبته ، وكان ممن لا يطمع في خلاصة ، فقمت له مهنئا له بسلامته ، فرأيته في حالة حسدته عليها : دمع يستبق ، وفؤاد يحترق ، وقد تجرّد من قدرته ، وتعرّى من زلّته ، والتحف برداء فقره وذلّته ، فسلّمت عليه ، وقلت له : كيف قدمت من سفر زلّتك ؟ وكيف تخلصت من سجن غفلتك وصرت إلى حرم قربتك ؟ فقال لي : يا شيخ ، قمت يوما على عادتي عن بعض ما كنت عليه من المخالفة ، فدخلت الحمام ، فاغتسلت ، ثم خرجت ، فمررت بمسجد ، فقلت : أنا على طهارة لو دخلت وصلّيت ، وجعلت أمشي مشية المحسن المذكر ، فقام إليّ شيخ عليه سيماء الصالحين ، فقال لي : من كان على ما كنت عليه من سوء المعاملة مع اللّه لم تكن هذه مشيته في بيته ، أما علمت يا بني أن الأرض تعلنك من تحت قدميك ؟ قال الشاب : فسقطت من كلامه وهيبته على وجهي ، وغلب عليّ الحياء من ذكره ، فعقدت التوبة فيما بيني وبين اللّه تعالى . فهذا يا سيدي كان سبب توبتي .
وأنشدني أبو عبد اللّه الكتاني لبعضهم :
“ 336 “
ذكرت إساءتي فازددت حزنا * ومثلي من تذكّر ثم ناحا
قطعت العمر عصيانا وجهلا * وجانبت المروءة والصلاحا
سيبدي العرض مني يوم حشري * لأهل الجمع أحوالا قباحا
( تم الجزء الأول بحمد اللّه وعونه من كتاب المسامرات ) لسيدي محيي الدين بن العربي قدّس اللّه سرّه ونفعنا به آمين
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin