..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty25/11/2024, 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty25/11/2024, 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty25/11/2024, 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty25/11/2024, 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty25/11/2024, 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty25/11/2024, 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 23

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 14:24

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء 23
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1

    “ 331 “


    حركة الفلك الذي فيه الشمس . ثم خلق المعادن ، والنبات ، والحيوان ، وآخر خلق خلقه الإنسان . هكذا ركّب اللّه العالم ، فذلك تقدير العزيز العليم . ثم في هذه الأفلاك وبينها من العوالم والأملاك والأرواح والمنازل والمقامات ما لا يعلمه إلا اللّه . وخلق سدرة المنتهى أصلها في السماء السادسة عند الأنهار الأربعة ، والنيل والفرات منها ، وفروعها بين السماء السابعة والكرسي ، وجعلها موضع الانتهاء لما ينزل من العرش من الأمر ، ولما يصعد من الأرض من الأعمال والمعارج . وجعل هناك مرموما ، وهو مسكن الملائكة دون الروح الأعظم . وإن اللّه خلق سبعين حجابا ، ومن وراء الحجب ، إسرافيل ومن وراء إسرافيل سبع حجب بينه وبين العرش . وخلق اللّه ميكائيل ، وجعل بيده الدعاء والرحمة والاستغفار والأرزاق والغياث . وخلق جبريل ، وجعل له الوحي إلى الأنبياء والمرسلين والخشف والإرجاف وهلاك الأمم الطاغية على رب العالمين . وخلق عزرائيل ملك الموت وقبض الأرواح .

    وجعل إسرافيل سفيرا بينه سبحانه وبين هؤلاء الملائكة يما يوحى إليهم من القضاء الذي قدّره وسبق في علمه كونه . وجعل اللوح المحفوظ معلقا بالعرش فإذا قضى اللّه قضاء دنا اللوح فيقرع جبهة إسرافيل ، فيسمع للوح صلصلة كالسلسلة على الصفوان ، فيكشف إسرافيل الغطاء الذي على وجهه ويرفع بصره ، فإذا فيه قضاء اللّه عز وجل الذي قضاه ، فينادي بذلك القضاء إسرافيل الملك الذي يجريه الحق على يديه ، وبين إسرافيل عليه السلام وبين أقرب الملائكة إليه سبعون حجابا .

    وخلق سبحانه الناقور ، وهو الصور ، وهو قرن من نور واسع الأعلى ضيق الأسفل ، وجعل فيه مسكن أرواح الخلائق بعد ، ووكّل به ملكا عظيما ألقمه إياه ، ينتظر متى يؤمر بالنفخ .

    وجعل لإسرافيل فيه نفخة البعث ، فإن النفخات في الصور ، وهو جمع صورة ، نفخة الأرواح في أجسادها إن شاء ، وهو قوله :

    وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي * ، ونفخة الفزع ، وهو المذكور في سورة النمل ، ونفخة الصعق ، ونفخة القيامة ، وهما المذكورتان في الروم ، فنفخة القيامة لإسرائيل .

    عن ابن عباس : وبين إسرافيل سبعون ، إسرافيل في أعلاها وجبريل في أدناها ، والصور القائم بينهما قد ثنى ركبته اليمنى ، وشخص بها إلى السماء ، والأخرى إلى الأرض ، والصور أجوف كأنه فضة بيضاء ، وقد وضعه الملك على فخذه ، وقرّب أعلاه إلى فيه ، وهو ينظر بإحدى عينيه إلى الصور ، وبالأخرى إلى جناح إسرافيل ، وقد جعل اللّه له علما ، فإذا أراد اللّه أمرا بقضاء الأجل الذي للعالم أمر إسرافيل أن يضم إليه جناحه ، وذلك بأن يدنو اللوح من جهة إسرافيل فيرفعه ، فإذا فيه : أن ضم إليك جناحك ، فيضم إسرافيل إليه جناحه بإذن ربه ، فإذا رأى ذلك الملك نفخ في الصور ، فتمر النفخة في جميع صور العالم الحي في العرش والكرسي والسماوات والأرض ، من ملك وإنس وجن وحيوان بري



    “ 332 “


    وبحري ، فيصعقون عن آخرهم إلا من شاء اللّه ، مثل إسرافيل وجبريل وميكائيل .
    واختلف في سكان الجنة والنار ، وروح موسى عليه السلام . فقد قيل : لا تلحقهم الصعقة ، ثم يقبض روح ميكائيل أولا ، ثم روح إسرافيل ، ثم جبرائيل بعدهما . وقد روي أنه أحب خلق اللّه إلى اللّه من الملائكة .

    وروينا أيضا : لا يقبض حتى يعتذر له سبحانه ، بأن ذلك لما سبق في علمه ، ثم يدنو ملك الموت من ربه عن أمره ، فيقول له : مت ، فيموت .
    قال ابن عباس : فلا يبقى أحد إلا اللّه سبحانه وتعالى ، فيقول : أنا مالك الملك . أنا الذي قضيت على خلقي بالفناء ، وأنا الباقي ابن الجبارون ؟ ابن المتكبّرون ؟ لمن الملك اليوم ؟ فلا يجيبه أحد ، فيقول : لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * ، فيدعهم أربعين ، لا يدري يوما أو شهرا أو سنة . ما بلغنا فيه عن أحد مما رويناه عنه شيء يعتمد عليه غير أن الحسن قال :

    اتفق رأي أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم على أربعين عاما ، فإذا انقضت المدة وشاء سبحانه أن يبعث الخلق أرسل عليهم الريح العقيم ليجمعهم ، ثم يرسل عليهم مطرا بلا سحاب مثل مني الرجال .

    وروي أنه البحر المسجور ، وقيل : نهر الحياة الذي بين العرش والكرسي ، فيمطرون أربعين صباحا ، فينبتون نبات الطراثيث . وقد قيل : على صورة النشأة الأولى من التناسل أولا فأول على التوالد ، ولكن في أقرب من لمح البصر . ثم يبعث اللّه إسرافيل عليه السلام ، فيهبط إلى صخرة بيت المقدس والصور معه ، وفي الصور خمس دارات عظام في دارة منها أرواح الملائكة والأنبياء والمرسلين ، وفي دارة منها أرواح المؤمنين ، وفي دارة منها أرواح الكفار والمنافقين ، وفي دارة منها أرواح الجن والشياطين ، وفي دارة منها أرواح البهائم وسائر الحيوان . فينفخ فيه ، فتجري الأرواح في أجسادها ، فيقوم الخلق لرب العالمين . ثم يبدّل اللّه الأرض والسماوات ، ويكون الخلق عند ذلك في ظلمة دون الجسر ، ثم تمد الأرض الساهرة مد الأديم ، وهي أرض ما ينام عليها قط ، في لون الفضة البيضاء .

    ثم يأمر لكل سماء أن ينزل بمن فيها من عمّارها إلى هذه الأرض ، فإذا نزلوا وجمعت هذه الأرض هذا الحشر كله ، ينزل اللّه عز وجل لفصل القضاء فيؤتى بالجنة ، فتقاد قودا ، معها الأمن والإيمان والرضى والرضوان ، حتى توقف عن يمين العرش . ثم يؤتى بالنار ، وتقاد قودا ، ومعها السلاسل والأغلال ، وزبانييها كالصياصي ، وأصابع كالقرون معهم المقامع الثقال ، فتوقف عن يسار العرش . ثم يؤتى بالقلم يليه اللوح ، يتلوه إسرافيل ، يتلوه جبريل ، يتلوه النبيون والمرسلون ، فيسألهم عن التبليغ ، هل بلغك ؟ هل بلغك ؟ فيقر لكل




    “ 333 “



    واحد بالتبليغ . والحق سبحانه وتعالى يتولى كلام الخلق في الموقف كله إلا في ثلاثة مواطن : عند نشر الكتب ، وعند الميزان ، وعند الصراط ، فإن اللّه تعالى وكّل بهذه المواطن ملائكة هم الذين يباشرون الخلق ، وما ينادي الناس إلا بأمهاتهم ، رعاية لعيسى عليه السلام ، وسترا على زناة الخلق .
    ثم يقسم الأنوار سبحانه وتعالى على المؤمنين والمنافقين ، ثم يتجلى فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ باللّه منك ، لست بربنا ، فيقول : هل بينكم وبين ربكم علامة ؟
    فيقولون : نعم ، فيتحوّل لهم سبحانه وتعالى في العلامة التي يعرفونها ، فإذا أبصروها عرفوها ، فقالوا : أنت ربنا ، فيتبعونه .
    ويضرب الصراط ، ويدعون إلى السجود ، فلا يستطيع المنافقون السجود ، ويسجد المؤمنون . فهنالك سلب اللّه عنهم الأنوار التي كساهم إياها مع المؤمنين ، فإذا رأى ذلك المؤمنون ، يقولون عندها : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

    ومواطن القيامة أعظم من أن توصف . وقد أوردنا في هذا الكتاب ما روينا من حديث مواقف القيامة الخمسين من رواية الثقات مستوفى .


    الأنهار التي تجري من السماء عددها ثمانية
    وأسماؤها : النيل ، والفرات ، ودجلة ، ومهران ، وسيحون ، وجيحون ، والسلسبيل ، والكوثر . فستة منها في الدنيا ، واثنان في الجنة ، وهما السلسبيل والكوثر .
    روينا من حديث مسلم أربعة أنهار : اثنان للجنة ، واثنان في الدنيا ، وذكر النيل والفرات .
    ومنهم من قال : أراها في السماء السادسة . ومن قال : أراها في السدرة .

    وروينا من حديث غيره عنه : سيحان ، وجيحان .
    وروينا موقوفا عن ابن عباس ، من حديث إسحاق بن بشر ، حديث دجلة ومهران قاسم السلسبيل والكوثر . غير أن دجلة يغلب على ظني أني رويت فيه خبرا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، لا أذكره الآن . أما نهر مهران فيظهر ما بين أرض الروم من وراء أرض البصرة ، حتى يقع بأرض السند .

    وأما جيحون فيظهر بأرض الروم على جبل من وراء أرض أرمينية ، وهو نهر بلخ ، وأصل النيل من تحت الصخرة ، وظهوره من جبل القمر ، وهو نهر مصر . وأما دجلة والفرات فقريب من رأسه ، وهو بأرض الروم . وسيحون فظاهر بالأرض . ومرجع هذه


    “ 334 “

    الأنهار كلها إلى الجنة ، إلى عين التسنيم ، يرفعها جبريل إليه في طست من الذهب يوم القيامة .
    وأما الرياح الأربعة فهي : الجنوب وتسمى عند اللّه الأزيب ، والشمال . والجنوب تخرج من الجنة فتمرّ على النار ، وأما الشمال فتخرج من النار فتمرّ بالجنة ، فبردها منها .
    وأما الزمهرير والحرور فمن تنفّس جهنم والصبا ، والدبور . ومبعث هذه الرياح كلها من تحت العرش ، ومستقرها تحت الأرض ، وهي التي تسمى : العرقر .
    روينا من حديث الهاشمي ، يبلّغ به النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : « أيها الناس ، لا تشغلنكم دنياكم عن أخراكم ، ولا تؤثروا هواكم عن طاعة ربكم ، ولا تجعلوا إيمانكم ذريعة إلى معاصيكم ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومهّدوا لها قبل أن تعذّبوا ، وتزوّدوا للرحيل قبل أن تعجزوا ، فإنما هو موقف عدل ، واقتضاء حق ، وسؤال عن واجب . ولقد أبلغ الأعذار ، من تقدم في الإنذار » .

    ومن وقائع بعض الفقراء إلى اللّه تعالى ، ما حدثنا به عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي ، قال : قال بعض الصالحين : رأيت في الواقعة أبا مدين ، وأبا حامد ، وأبا يزيد ، وجماعة من الرجال ، فقالوا لأبي مدين : عد علينا من كلامك في التوحيد ، فقال : التوحيد وطن العارفين ، وبه تاهوا ، وليس لهم مستقر إلا هو ، هو حياة أسرارهم ، ومادة القلوب ، وكل كليتهم ، وغيب الغيوب ، هو السيد المتبوع ، وما عدا تبع ، والقائم بنفسه ، وقوام من صنع ، هو مجرى لأسرارهم ، وأسرارهم جداوله ، وموضع نظر العارف فيما يأتيه ويحاوله ، علت همته فسما ، فمن سقط عن هذه المرتبة فهو مغمى عليه وأعمى ، وللعارف من معروفه دلائل وروائح ، يظهر طيب نسيمها الغادي والرائح ، يشم فيها أنوار التنزيه ، ويكشف له عن غيبه فيجده فيه ، فتلاشت أحواله وسماته ، ونفيت رسومه وصفاته ، فلا قول ولا قائل ، إذ كل ما سواه عدم وزائل ، هو أصل كل شيء ومادّته ، وبه حياة كل حي وحركته ، هو الرفيق الجليل ، وقدرته عمّت الكثير والقليل ، فلذّة العارف من معروفه في التحلي ، وصفاته ظاهرة بالتبرّي والتخلي يقري عن الكونين أدناها وأعلاها ، ولم يرض بشيء منها دون من سواها ، فسرّه من الغيب مطهّر والمعلوم مكاشف ومظهر ، قلبه في حضرة مالكه يسري ، وفكرته في ميادين المعارف تجري ، فتوحاته منه إليه دائمة ، وحقيقته عما سواه صائمة ، غذاؤه من التوحيد الدقيق ، وشرابه من الصافي الرقيق ، قد خامر سرّه فأمعن فيه ، فظلّ عند ربه يطعمه ويسقيه .

    سمعت بعض أصحابنا يقول : قال بعض الصالحين : كتبت إلى رجل من إخواني وأنا


     “ 335 “    

    أقول له : يا أخي ، ربما دعوت لك في وقت الإجابة ، فعرّفني بمرادك . قال : فكتب إليّ : يا أخي ، شهوتي ومرادي في قلب منوّر ، ووجه مصفر ، وثوب مشمّر ، وقوت مقتّر .

    ومن باب السماع ، ما ذكره ابن الرميلة في إيضاح مصون الصوفية ، قال : كان بعض الفقراء يمشي في الأسواق ، فسمع بعض الباعة يصيح : الجلبان ، فغشي عليه ، فاجتمع عليه الناس ، فلما أفاق قال : حبيبي كيف قلت : جلّ بذاته ، فما يحسّ ولا يرى ، وبان عن مخلوقاته ، فلا يشبهه شيء من الورى ؟

    وسمع رجل آخر ، وهو بائع موز ، وهو ينادي : انفتل واستوى ، فغشي عليه ، فلما أفاق ، قال : حبيبي ، كيف قلت : انفتل ولي اللّه عن معصية اللّه ، واستوى على طاعة اللّه ؟

    قلت : وماشيت عبد اللّه ابن الأستاذ ، وكان من السادة عند باب الفتح من باب إشبيلية ، فسمع بائع خسّ من العامة وهو ينادي عليه : الخاص رطب أبيض ، فتأوّه وأخذته حالة من ذلك ، وكان قويا ، فقال لي : يا أخي ، أما تسمع ما يقول هذا البائع ؟ الخاص من عباد اللّه لسانه رطب من ذكر اللّه ، وقلبه أبيض من نور اللّه .

    وماشيت بعضهم أيضا بقرطبة عند باب بياضة حيث دار السلطان ، فإذا جماعة من الأجناد خرجوا من دار السلطان ، يقول بعضهم لبعض : جاءت الرسل من قلعة رباح ، فاهتزّ الفقير ، وقال : يا أخي ، أما تسمع لهؤلاء الأجناد ما يقولون ؟ قلت : وما قالوا ؟ قال :

    جاءت الرسل عليهم السلام ، يقولون : من قلع عن معصيته ، ربح ما عند اللّه .

    حدثنا محمد بن قاسم ، قال : كان إلى جانبي شاب مسرف على نفسه ، فلزم بيته ، وأظهر توبته ، وكان ممن لا يطمع في خلاصة ، فقمت له مهنئا له بسلامته ، فرأيته في حالة حسدته عليها : دمع يستبق ، وفؤاد يحترق ، وقد تجرّد من قدرته ، وتعرّى من زلّته ، والتحف برداء فقره وذلّته ، فسلّمت عليه ، وقلت له : كيف قدمت من سفر زلّتك ؟ وكيف تخلصت من سجن غفلتك وصرت إلى حرم قربتك ؟ فقال لي : يا شيخ ، قمت يوما على عادتي عن بعض ما كنت عليه من المخالفة ، فدخلت الحمام ، فاغتسلت ، ثم خرجت ، فمررت بمسجد ، فقلت : أنا على طهارة لو دخلت وصلّيت ، وجعلت أمشي مشية المحسن المذكر ، فقام إليّ شيخ عليه سيماء الصالحين ، فقال لي : من كان على ما كنت عليه من سوء المعاملة مع اللّه لم تكن هذه مشيته في بيته ، أما علمت يا بني أن الأرض تعلنك من تحت قدميك ؟ قال الشاب : فسقطت من كلامه وهيبته على وجهي ، وغلب عليّ الحياء من ذكره ، فعقدت التوبة فيما بيني وبين اللّه تعالى . فهذا يا سيدي كان سبب توبتي .
    وأنشدني أبو عبد اللّه الكتاني لبعضهم :



    “ 336 “


    ذكرت إساءتي فازددت حزنا * ومثلي من تذكّر ثم ناحا
    قطعت العمر عصيانا وجهلا * وجانبت المروءة والصلاحا
    سيبدي العرض مني يوم حشري * لأهل الجمع أحوالا قباحا


    ( تم الجزء الأول بحمد اللّه وعونه من كتاب المسامرات ) لسيدي محيي الدين بن العربي قدّس اللّه سرّه ونفعنا به آمين

      الوقت/التاريخ الآن هو 27/11/2024, 03:20