..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 16

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 13:59

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء 16
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2

    “ 234 “

    مالك ما رجى يوميك وتوفر أجره عليك . الكريم من كفّ أذاه والقوي من غلب هواه . من ركب الهوى أدرك العمى . من غالب الحق لان ومن تهاون بالدين هان . المؤمن عزيز كريم والمنافق خب لئيم .
    مالك ما رجى يوميك وتوفر أجره عليك . الكريم من كفّ أذاه والقوي من غلب هواه . من ركب الهوى أدرك العمى . من غالب الحق لان ومن تهاون بالدين هان . المؤمن عزيز كريم والمنافق خب لئيم .
    إذا ذهب الحياء يحل البلاء . كل إنسان طالب أمنية ومطلوب منيّة . علم لا ينفع كدواء لا ينجع . أحسن العلم ما كان مع العمل ، وأحسن الصمت ما كان عن الخطل .
    اعص الجاهل تسلم وأطع العاقل تغنم . من صبر على شهوته بالغ في مروءته . من أكثر ابتهاجه بالمواهب اشتد انزعاجه للمصائب .
    من تمسك بالدين عزّ نصره ، ومن استظهر بالحق ظهر قدره . من استقصر بقاه وأجله قصر رجاه وأمله . لا تبت على غير وصية .
    وإن كنت من جسمك في صحة ومن عمرك في فسحة ، فإن الدهر خائن وما هو كائن كائن . لا تخلّ لنفسك من فكرة تزيدك حكمة أو تفيدك عصمة .
    من جعل ملكه خادما لدينه انقاد له كل سلطان ، ومن جعل دينه خادما لملكه طمع فيه كل إنسان .
    من سلك سبل الرشاد بلغ كنه المراد . من لزم العافية سلم ومن عدم النصيحة ندم . انتهى .

    وقال : ليس من عادة الكرام سرعة الانتقام ، ولا من شرط الكرام إزالة النّعم . فلا تأخذ بالسهو ولا تزهد في العفو ، وارحم من دونك يرحمك من فوقك .
    وأحسن إلى من تملك يحسن إليك من يملكك . وقس سهوه في معصيتك بعمدك في معصيته ، وفقره إلى رحمتك بفقرك إلى رحمته .
    اغتنم صنائع الإحسان وارع ذمة الإخوان ، فمن منع برّا منع شكرا ، ومن ضيّع ذمة اكتسب مذمة . بالراعي تصلح الرعية وبالعدل تملك البرية .
    من عدل في سلطانه استغن عن أعوانه . الظلم مسلبة للنعم والبغي مجلبة للنقم . أقرب الأشياء صرعة الظلوم ، وأنفذ السهام دعوة المظلوم .
    من أكثر العدوان لم يأمن حلول النقم ، ومن آثر الإحسان لم يعدم موائد النّعم . من ساءت سيرته لم يأمن أبدا ، ومن حسنت سيرته لم يخف أحدا .
    من طال عدوانه زال سلطانه . من ظلم عق أولاده ، ومن بغى نصر أضداده . من ساء عزمه رجع عليه سهمه . من ساءت سيرته سرت منيّته .

    من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلكه وفناؤه . من ظلم نفسه ظلم غيره ، ومن ظلم لغيره ظلم نفسه . من أساء اجتلب البلاء ، ومن أحسن اكتسب الثناء . لأن تحسن وتكفر خير من أن تسيء وتشكر . من أحسن فبنفسه بدا ، ومن أساء فعلى نفسه اعتدى .
    من طال تعدّيه كثر أعاديه . من قبح ملكه حسن هلكه . شر الناس من ينصر الظلوم ويخذل المظلوم . من مال إلى الحق مال إليه الخلق .
    من أساء الاختيار أساء الجوار . من سلّ سيف العدوان سلب عن السلطان . من أساء النية منع الأمنية .


    “ 235 “


    وصية من زاهد تحتوي على فوائد
    روينا من حديث ثابت قال : نبأ محمد بن علي الأصبهاني قال : سمعت أبا حامد الطبري يقول : سمعت أبا بكر الشبلي يقول في وصيّته : إن أردت أن تنظر إلى الدنيا بحذافيرها فانظر إلى مزبلة ، فهي الدنيا . وإذا أردت أن تنظر إلى نفسك فخذ كفا من تراب ، فإنك منها خلقت وفيها تعود . ومتى أردت أن تنظر ما أنت فانظر ما يخرج منك في دخولك الخلاء ، فمن كان حاله كذلك فلا يجوز أن يتطاول ، أو يتكبر على من هو مثله .


    أحسن ما قيل في المرحاض وهو مما يلحق بهذا الباب
    كنا بإشبيلية في تربة أبي القاسم بن وافد ، ومعنا أبو بكر بن حجاج الشاعر ، والنقّاش ينقش باب المرحاض من التربة ، فقلت لابن حجاج : يا أبا بكر ، لو علمت شيئا ينقشه النقاش على باب هذا المرحاض . فارتجل على البديهة يقول على لسان حال المرحاض :
    أنا سيّد الدار يا سيدي * على أن حقي لا ينكر
    أعرف للناس أقدارهم * ويأبون إلا بأن يفخروا
    فمن قال عني مستقذر * فلولاه ما كنت أستقذر

    وليس على ذكري من الأبيات إلا ما ذكرنا وجملتها ستة أبيات .
    ولنا في النحول من باب النسيب :
    صيّرني حبك معقولا * بحكمه وكنت محسوسا
    لطفت حتى لا يراني الهوى * فلم يجد عندي تعريسا
    فقلت لم نفسك أنت الذي * ألبستني الضرّاء والبوسا
    حتى تحيرت وحيرتني * بيس الذي فعلته بيسا
    أفنيتني عنك وعني فلم * تجد مقيلا فيه تنفيسا
    قد كنت ليثا كاسرا نابه * وكانت أحشاي لكم خيسا
    جار الهوى واعتلّ في نفسه * فهل سمعتم بالهوى بوسا
    فأين جالينوس يأسوه أو * محيي العبدّا بيننا عيسى

    ولنا في اتحاد المحب في الهوى :
    إن الهوى ما أنا للحب حامله * والحكم للحبّ في الأشخاص ليس لنا
    مثل الصفات لدى قوم أشاعرة * فلا الهوى هو غيري لا ولا هو أنا

    “ 236 “

    إن الهوى وأنا بالعين متحد * فإن أمت فيه وجدا أو أعش فبنا
    لولا الجمال الذي بالحب كلّفنا * لم يهلك الوجد قلب الصبّ والبدنا
    إن النظام لتدري ما أفوه به * وقد أشرت إليها مرة بمنى

    ولنا في معاتبة القلب والبصر :
    تقول عيني لقلبي إن فكرك قد * رمى الجفون بدمع الوجد والسهر
    فقال قلبي لطرفي لا تقول كذا * بل أنت عرّضتني للفكر بالنظر
    لولا الجمال الذي ألقت نواظركم * هواه في خلدي لم نبل بالفكر
    فالعتب للقلب جور من معاتبة * وإنما العتب في التحقيق للبصر
    وها أنا حكم بالعدل بينهما * لعلمنا بالذي فيه من الخبر

    ولنا من باب منازلات الحب :
    لما تحكّم عين الشمس في بصري * تمكن الحبّ بالسلطان في خلدي
    وأنزل الجند في نفسي منازلهم * كالموجد والشوق والتبريح والكمد
    فعند ما أخذوا مني منازلهم * ناديت من لهب الأشواق في كبدي
    الحبّ أرّقني والحبّ أقلقني * والحب يقتلني ظلما وليس يدي
    والحب حمّلني ما لست أحمله * حتى بقيت له روحا بلا جسد


    ولنا من باب القلب والبصر :
    زعمت يا أيها المفتون بالحور * إن الفؤاد له دعوى على البصر
    ألا ترى القلب محصورا بقلعته * وقد أحاطت به من عسكر الفكر
    فقلت يحضر خصم القلب أن له * عليه دعوى من أجل الدمع والسهر
    فعند ما حضرا في الحين قام لنا * عند الشهود بأن الذنب للنظر


    ولبعضهم في باب النسيب :
    أقول لأصحابي وقد طلبوا الصّلى * ألا فاصطلوا إن خفتم القرّ من صدري
    فإن لهيب النار بين جوانحي * إذا ذكرت ليلى أحرّ من الهجر
    فقالوا نريد الماء نسقي ونستقي * فقلت تعالوا فاستقوا الماء من نهري
    فقالوا أين النهر قلت مدامعي * سيغنيكم فيض الدموع عن الحفر
    فقالوا ولم هذا فقلت من الهوى * فقالوا لحاك اللّه قلت اسمعوا عذري


    ولابن المعتز :
    يا سائق الذود ردهنّه * ومن دموعي فروّهنّه


    “ 237 “


    واقتدح النار من فؤادي * فإنها فيه مستكنّه

    ولغيره :
    يا قادح النار بالزناد * وطالب الجمر في الرّماد
    دع عنك شكا وخذ يقينا * واقتدح النار من فؤادي


    حكاية
    حدثنا أبو عبد اللّه بن محمد بن عبد الرحمن قال : لما مشى أبو عمرو المرتين إلى الديار المصرية من الأندلس ، اجتمع هو والقاضي عبد الرحيم المعروف بالفاضل في مجلس السلطان ، فتذاكروا الأقاليم ، فأخذ القاضي عبد الرحيم يعرّض بصاحبنا أبي عمرو بن مرتين لما قدم المغرب ، بما رويناه من حديث عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم قال : نبأ محمد بن إسماعيل الكعبي قال : حدثني أبي ، عن حرملة بن عمران النجيبي ، عن أبي قبيل ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، قال : خلقت الدنيا على خمس صور :
    على صورة الطير رأسه ، وصدره ، وجناحيه ، وذنبه .

    فالرأس : مكة والمدينة واليمن ، والصدر : الشام ومصر ، والجناح الأيمن : العراق ، وخلف العراق أمة يقال لها واق ، وخلف واق أمة يقال لها واق واق ، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا اللّه عز وجل .

    والجناح الأيسر : السند ، وخلف السند الهند ، وخلف الهند أمة يقال لها ناسك ، وخلف ناسك أمة يقال لها منسك ، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا اللّه عز وجل .

    والذنب : من ذات الحمام إلى مغرب الشمس .
    ثم قال : وشرّ ما في الطير الذنب . فقال له أبو عمرو المغربي : ويكون الطير الطاوس ؟ فأخجله بين يدي السلطان ، فقال له السلطان : ما كان أغناك عن هذا ؟
    مشورة أبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه الصحابة في قتال أهل الردة
    روينا من حديث الرملي قال : حدثنا الحسين بن زياد الرملي ، حدثنا محمد بن عبد اللّه بن إسماعيل الأزدي البصري قال :
    لما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وطلب أبو بكر الزكاة ، كفر بها قوم
    وقالوا : قد كنا ندفع أموالنا إلى محمد ، فما بال ابن أبي قحافة يسألنا ، واللّه لا نعطيه منها شيئا أبدا .
    فاستشار أبو


    “ 238 “

    بكر أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيهم . فأجمع القوم على التمسك بدينهم في أنفسهم ، وأن يتركوا الناس مع ما اختاروه لأنفسهم ، وتخيّلوا أنهم لا يقدرون على من ارتدّ من المسلمين . فقال أبو بكر رضي اللّه عنه : لو لم أجد أحدا يؤازرني لجاهدتهم بنفسي وحدي حتى أموت أو يرجعوا إلى الإسلام ، ولو منعوني عقالا مما كانوا يعطونه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لجاهدتهم حق الحق باللّه .
    فلم يزل أبو بكر يجاهد بأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمقبل من المسلمين مدبرهم حتى عادوا جميعا إلى الإسلام ، ودخلوا فيما كانوا خرجوا منه .

    شيب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
    روينا من حديث ابن حبان قال : حدثنا محمد بن يحيى المروزي ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا محمد بن راشد ، عن مكحول ، عن موسى بن أنس ، عن أبيه قال : لم يبلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الشيب ما يخضبه ولكن أبو بكر كان يخضب رأسه ولحيته ورأسه بالحناء والكتم حتى يفثؤ شعره .
    وبه قال : حدثنا ابن الظهراني ، حدثنا محمد بن عمر الوليد الكندي ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن عبيد اللّه ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :
    كان شيب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نحو من عشرين شعرة ، وبه قال : حدثنا محمد بن العباس بن أيوب ، حدثنا محمد بن إسماعيل الواسطي ، عن الأوزاعي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « اختضبوا ، فإن اليهود لا تختضب ، فخالفوهم » .

    وبه قال : حدثنا ابن رشيد ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي ، حدثنا أبو عمار هاشم بن غطفان يعني ابن عمارة بن مهران ، حدثنا عبد اللّه بن هدّاج من بني عديّ بن حنيفة ، عن أبيه ، وكان أبوه قد أدرك الجاهلية ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قد صفر فقال : « خضاب الإسلام » . وجاءه رجل قد حمر فقال : « خضاب الإيمان » .


    ما جاء في زهده عليه الصلاة والسلام
    روينا من حديث ابن حبّان ، حدثنا أحمد بن جعفر الجمال ، حدثنا عبد الواحد محمد بن محمد البجلي ، ثنا يزيد بن هارون ، ثنا الجراح بن منهال ، عن الزهري ، عن العطاء ، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال : خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى دخل بعض حيطان الأنصار ، فجعل يلتقط من التمر .
    فقال : « يا ابن عمر ، ما لك لا تأكل ؟ » ، قلت : لا أشتهيه يا رسول اللّه .
    قال : « لكني أشتهيه ، وهذه صبح رابعة لم أذق طعاما ، ولو شئت لدعوت ربي عز وجل فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر . فكيف يا ابن عمر إذا بقيت في قوم


    “ 239 “

    يحبون رزق سنتهم ويضعف اليقين » . فو اللّه ما برحنا حتى نزلت : وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .
    فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إن اللّه عز وجل لا يأمرني بكنز الدنيا ، ولا باتّباع الشهوات ، فمن كنز دينارا يريد به حياة باقية فإن الحياة بيد اللّه عز وجل . ألا وإني لا أكنز دينارا ولا درهما ولا أخبّئ رزقا لغد » .
    الزهري هو عبد الرحمن بن عطاء .
    وقالت عائشة رضي اللّه عنها : ما ترك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شاة ولا بعيرا .
    وفي رواية : ولا بقرة ، ولا أوصى .
    روينا ذلك من حديث ابن حبّان ، عن إسحاق ، عن أحمد بن الصباح ، عن إسحاق الأزرق ، عن سفيان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن ذر ، عن عائشة رضي اللّه عنها .

    إسلام خزيم بن فاتك
    روينا من حديث ابن إسحاق ، وحديث أبي عبد اللّه الحاكم ، أما الحاكم فقال :
    حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد السكوني ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا محمد بن شيم الحضرمي ، ثنا محمد بن خليفة الأسدي ، ثنا الحسين بن محمد بن علي ، عن أبيه قال : قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ذات يوم لابن عباس : حدثني بحديث يعجبني . فقال : حدثني خزيم بن فاتك .
    وقال ابن إسحاق : حدثني سعيد المقبريّ ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال خزيم بن فاتك لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : يا أمير المؤمنين ، ألا أخبرك كيف كان بدء إسلامي ؟ قال : بلى . قال : بينما أنا في طلب إبل لي ، قال ابن عباس : قال : إذ وجدتها فعقلتها ، وتوسدت ذراع بعير منها .

    قال ابن إسحاق :
    وناديت بأعلى صوتي : أعوذ بعزيز هذا الوادي من سفهاء قومه .
    قال الحاكم : وكذلك كانوا يصنعون في الجاهلية ؟
    قال : وإذا هاتف يهتف بي فقال :

    ويحك عذ باللّه ذي الجلال * والمجد والأنعام والأفضال
    منزّل الحرام والحلال * ووحّد اللّه ولا تبالي
    ما هول ذي الجن من الأهوال * إذ تذكر اللّه على الأميال
    وفي سهول الأرض والجبال * وصار كيد الجن في سفال
    إلا التقي وصالح الأعمال


    “ 240 “

    قال ابن إسحاق : فذعرت ذعرا شديدا . فلما رجعت لي نفسي قلت :
    يا أيها الهاتف ما تقول * أرشد عندك أم تضليل

    بيّن لنا هديت ما الحويل
    قال الحاكم : قال : فقال :
    هذا رسول اللّه ذو الخيرات * بيثرب يدعو إلى النجاة
    جاء بياسين وحاميمات * في سور بعد مفصلات
    محرمات ومحللات * يأمر بالصوم وبالصلاة

    ويزجر الناس عن الهنات
    قال : فقلت : من أنت يرحمك اللّه ؟ فقال : مالك بن مالك ، بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أرض نجد . قال : فقلت : لو كان ما يكفيني إبلي هذه لأتيته حتى أؤمن به .
    فقال : أنا أكفيكها حتى أؤديها إلى أهلك سالمة إن شاء اللّه تعالى .
    قال : فركبت بعيرا . قال ابن إسحاق : قال : فاتبعني وهو يقول :
    صاحبك اللّه وسلم نفسك * وبلغ الأهل وردّ رحلك
    آمن به أفلح ربي حقك * وانصره عزّ الإله نصرك

    قال الحاكم : ثم أتيت المدينة ، فوافيت الناس يوم الجمعة ، وهم في الصلاة .
    فقلت : يقضون صلاتهم ثم أدخل ، فإني ذلك إذ خرج إليّ أبو ذرّ فقال : يقول لك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أدخل ، فدخلت ، فلما رآني قال : « ما فعل الشيخ الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك إلى أهلك سالمة ؟ أما إنه قد أدّاها إلى أهلك سالمة ؟ » .
    قلت : رحمه اللّه . فقال صلى اللّه عليه وسلم : « أجل رحمه اللّه » . فقال خزيم : أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وحسن إسلامه .

    خبر إلهي
    حدثنا صاحبنا المسعودي عبد اللّه بدر بن عبد اللّه الحبشي الأستاذ ، ثنا يونس بن يحيى ، ثنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي ، ثنا عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي ، ثنا إسماعيل بن إبراهيم الهروي ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن نجدة ، عن يحيى بن عبد الحميد ، عن ابن المبارك ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد اللّه بن زحر ، عن علي بن زيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :
    « قال اللّه عز وجل : إن أغبط أوليائي عند المؤمن خفيف الحاذ ، ذو حظّ من صلاة



    “ 241 “


    أحسن عبادة ربه ، وأطاعه في السر والعلانية ، وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع ، وكان رزقه كفافا ، فصير على ذلك » . ثم نقر بيده ثم قال : « عجلت منيّته ، وقلّت بواكيه ، وقلّ تراثه » .


    وصية عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه
    روينا من حديث ابن عيينة قال : حدثنا عمرو بن دينار ، ثنا ابن عمر قال : كان رأس عمر في حجري لما طعن ، فقال : ضع رأسي بالأرض . قال : فظننت أن ذلك تبرّما ، فلم أفعل ، فقال : ضع رأسي بالأرض ، لا أمّ لك ، ويلي وويل أمي إن لم يغفر اللّه لي .
    وروينا من حديث محمد بن جعفر قال : حدثنا أحمد بن بديل الأيامي ، ثنا أبو معاوية الضرير ، ثنا داود بن هند ، عن الشعبي قال : لما طعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه جاء ابن عباس فقال :
    يا أمير المؤمنين ، أسلمت حين كفر الناس ، وجاهدت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين خذله الناس ، وقتلت شهيدا ولم يختلف عليك اثنان . وتوفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو عنك راض .
    فقال : أعد عليّ ، فأعاد عليه . فقال : المغرور من غررتموه . واللّه لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع .


    في الخوف من اللّه تعالى
    روينا من حديث ابن ثابت قال : حدثنا الحسن بن أبي بكر البزار ، عن عبد اللّه بن جعفر بن درستويه النحوي ، عن يعقوب بن سفيان ، عن أحمد بن أبي الحواري ، قال :
    سمعت أباه سليمان بن عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العبسي يقول :
    مفتاح الدنيا الشبع ، ومفتاح الآخرة الجوع .
    وأصل كل شيء في الدنيا والآخرة الخوف من اللّه عز وجل . وإن اللّه عز وجل يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب . وإن الجوع عنده في خزائن مدخورة فلا يعطي إلا لمن يحب خاصة .
    ولأن أدع من عشائي لقمة أحب إليّ من أن آكلها ، وأقوم من أول الليل إلى آخره .

    ولنا شعر :
    إلهي لا تؤاخذني * على ما كان من زللي
    ولا تنظر إلى فعلي * فإني سيئ العمل


    “ 242 “

    وما لي غير حسن الظن * يا ثقتي ويا أملي
    عجائب بيت المقدس التي صنعها الضحاك بن قيس الأزدي ، وقيل : الغساني
    حدثنا غير واحد ، عن القاسم بن علي ، عن أبي القاسم السوسي ، عن إبراهيم بن يونس ، عن عبد العزيز النصيبي ، عن محمد بن أحمد الخطيب ، عن عمر بن الفضل فيما حدّث ، عن أبيه ، عن حماد الرملي ، عن محمد بن العباس ، عن عمران بن موسى ، عن السام بن داود ، عن أحمد بن نباتة ، عن سلمة الأبرش ، عن ابن إسحاق ، عن أبي مالك القرطبي ، عن إبراهيم .

    وقيل : هو موقوف على السام بن داود قال :
    لما توجه ذو القرنين إلى بيت المقدس ، وقد خضعت له الملوك ، رأى تلك العجائب التي وضعها الضحاك بن قيس في الزمان بحركات هندسية ، وطلسمات موضوعة .
    فمن ذلك نار عظيمة اللهب ، فمن لم يطع اللّه في ليلته ثم نظر إليها أحرقته ، فإن كان قد أطاع اللّه ونظر إليها لم تضرّه .

    ومن العجائب : أنه من رمى بيت المقدس بسهم رجع إليه سهمه .
    ومنها : أنه وضع كلبا من خشب على باب بيت المقدس ، فمن كان عنده شيء من السحر إذا مرّ بذلك الكلب نبح عليه ، فإذا نبح عليه نسي ما عنده من السحر .
    ومنها : أنه وضع بابا فإذا دخل الظالم من اليهود والنصارى على ذلك الباب ضغطه ذلك الباب حتى يعترف بظلمه .
    ومنها : أنه وضع عصا في محراب المسجد ، فما يقدر أحد أن يمس تلك العصا إلا من كان من ولد الأنبياء ، فإن مسّها من ليس من أولاد الأنبياء احترقت يده .
    ومنها : أنهم كانوا يحبسون أولاد الملوك في محراب بيت المقدس ، فمن كان من أهل الملكة إذا أصبح وجد يده مطليّة بالدهن .
    وجعل سليمان بن داود عليهما السلام سلسلة معلقة من السماء إلى الأرض يقضي بها بين الخصمين ، فالصادق تتدلى إليه حتى يمسكها ، والكاذب لا ينالها ، حتى وقع المكر بين الناس . فكان سبب رفعها ، أن رجلا استودع رجلا مالا ، ثم غاب عنه حينا ، ثم جاء يطلب وديعته ، فأنكره ذلك ، فأتى إلى سليمان ، فقصّ عليه القصة ، فحكم عليه سليمان بالحكم ، وبعث معه الأمناء إلى الموضع ، وأخذ الرجل الذي أودع المال قناة ، فشقّها


    “ 243 “

    وصبّ المال فيها وأطبقها ، ثم أخذ يتوكأ عليها شبيها بالعليل ، وقال لصاحب المال : خذ أنت هذه العصا حتى أمدّ يدي وأنال السلسلة ، فأخذ الرجل صاحب المال منه العصا ، وقال : اللهم إنك تعلم أن هذا الرجل أودعني مالا ، وأني قد رددت ماله إليه . والمال في يد الرجل ولا يعلم ، اللهم إن كنت صادقا في مقالتي فأنلني السلسلة بقدرتك ، فنال السلسلة .

    ثم قال : ردّ عليّ عصاي ، فردّ عليه عصاه ، وارتفعت السلسلة من ذلك اليوم . ونزل الوحي على سليمان ، فأخبره بالمكر ، وكان موضعها القبة التي على يسار الصخرة ، بناها عبد الملك بن مروان . وفي ذلك الموضع لقي النبي صلى اللّه عليه وسلم الحور العين ليلة الإسراء . وجعل سليمان بن داود أيضا تحت الأرض مجلسا وبركة ، وجعل فيها ماء ، وكان على وجه الماء بساط ، فمن كان على الباطل إذا وقع في ذلك الماء غرق ، ومن كان على الحق لم يغرق .


    فلما رأى ذو القرنين هذه العجائب أوحى اللّه إليه :
    إنك ميّت ، وإن أجلك قد حضر . وكان ذو القرنين قد أوسع أهل الأرض عدلا ، وكان آخر ملوك الأرض من أهل الخير . وقد كان كبر ودقّ عظمه ، ونحل جسمه ، وطعن في السن . فمات رحمه اللّه ببيت المقدس .
    وزعم أهل العلم : أنه بدومة الجندل ، رجع إليها من بيت المقدس ، وقبره بها اليوم .
    قيل : عاش خمسمائة عام .


    ومن باب التقوى في الهوى :
    فلما التقينا قالت الحكم بيننا * سوى خصلة هيهات منك مرامها
    فقلت معاذ اللّه أطلب خصلة * نموت ويبقى بعد ذاك آثامها


    ولعمرو بن أبي ربيعة في هذا الباب :

    لعمر أبيها ما صبوت ولا صبت * إليّ وإني عن صبا لحليم

    سوى قبلة أستغفر اللّه ذنبها * سأطعم مسكينا بها وأصوم



    وللفرزدق من هذا الباب :

    شمس إذا بلغ الحديث خيانة * أمسكن عنه غرائر أقمار

    وحديثهن كأنها مرفوعة * من دينهنّ إذا جهرن سرار



    وله أيضا ويعزى لغيره :
    ويوم كإبهام الحبارى قطعته * بنعمة والواشون فيه تحرف
    بلا محرم إلا كلام مودّة * علينا رقيبان التقى والتطرف
    إذا ما هممنا صدّت النفس دونها * كما صدّ من بعد التهمّم يوسف



    “ 244 “

    ومن نظمنا في هذا الباب ارتجالا :
    علينا من التقوى رقيب مسلّط * إذا ما خلونا والهوى زائد البلوى
    ولكن وقانا اللّه شرّ بلائه * بما جعل الرحمن فينا من التقوى
    ولو لم يكن تقوى لكان اشتغالنا * إذا ما خلونا بالعتاب وبالشكوى
    ويأبى الهوى القتال إلا صيانة * عن اللثم لما كان سلطانه أقوى
    فحسبي أن أفنى إذا ما لقيته * وحسبي ما يلقى عن السمع في النجوى
    حديث كزهر الروض عطّره الندى * وفي الطعم طعم المنّ فيه مع السلوى


    مثل نبوي
    من حديث الخليل بن أحمد قال : حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، أنبأ ابن منيع ، ثنا عبد الأعلى بن حماد القرشي ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أوس بن خالد ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : « مثل الذي يجلس يستمع الحكمة ثم لا يحدّث إلا بسوء ما يسمع ، كمثل رجل أتى راعيا فقال : يا راعي ، اجزر لي شاة من غنمك ، فقال له : اذهب فخذ بأذن خيرها شاة ، فأخذ بأذن كلب الغنم » .


    شعر
    لعمرك ما للعبد كالرب حافظ * ولا مثل عقل المرء للمرء واعظ
    لسانك لا يلقيك في الغيّ لفظه * فإنك مأخوذ بما أنت لافظ

    وروينا من حديث عبد العزيز بن عمر قال : حدثنا أو محمد بن محمد القطواني ، ثنا عبد الجبار بن الحسن الخشنيّ ، ثنا محمد بن علي ، حدثنا محمد بن سليمان الحضرمي ، ثنا محمد بن العلاء ، ثنا معاوية بن سنان ، عن منصور بن سعيد الحمصي ، عن يونس بن حبّان العسكري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « يأتي على أمتي زمان تكثر فيه الآراء ، وتتبع فيه الأهواء ، ويتخذ القرآن مزامير ، ويوضع على ألحان الأغاني ، يقرأ بغير خشية ، لا يأجرهم اللّه على قراءته ، بل يلعنهم .

    عند ذلك تهشّ النفوس إلى طيب الألحان ، فتذهب حلاوة القرآن . أولئك لا نصيب لهم في الآخرة .
    ويكثر الهرج والمرج ، وتخلع العرب أعنّتها ، وتكفي الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ويتخذون ضرب القضيب فيما بينهم فلا ينكره منكر ، ويتراضون به ، وهو من إحدى الكبائر الخفية .
    فويل لهم من ديّان يوم الدين ، لا تنالهم شفاعتي ، فمن رضي بذلك منهم ولم ينههم ندم بذلك يوم القيامة ، وأنا منه


    “ 245 “

    بريء ، وعندها تتخذ النساء مجالس ويكون الجموع الكثيرة ، حتى إن المرأة لتتكلم فيها مثل الرجال ، ويكون جموعهن لهوا ولعبا ، وفي غير مرضاة اللّه ، وهي من عجائب ذلك الزمان ، فإذا رأيتموهم فباينوهم ، واحذروهم في اللّه ، فإنهم حرب للّه ولرسوله ، واللّه ورسوله منهم بريء » .

    ومن شذور الحكم
    أفضل المعروف معونة الملهوف . من تمام الكرم أن تذكر الخدمة لك وتنسى النعمة منك ، وتفطن للرغبة إليك ، وتتعامى عن الجناية عليك . ومن تمام المروءة أن تنسى الحق لك ، وتذكر الحق عليك ، وتستكثر الإساءة منك ، وتستصغر الإساءة من غيرك إليك . من أحسن المكارم عفو المقتدر وجود المفتقر . أحسن الأدب ما كفك عن المحارم ، وأحسن الأخلاق ما حثك على المكارم . الكريم يكرم عن السؤال ، ويحلم عن الجهال .


    ومن وصايا اللّه تعالى لنبيّه داود عليه السلام
    ما رويناه من حديث ابن ثابت قال : أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن الصلت الأهوازي ، حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن مخلد العطار ، ثنا موسى بن هارون ، ثنا محمد يعني ابن نعيم بن هضيم قال : سمعت بشرا بن الحارث المشهور بالحافي يقول :
    أوحى اللّه تعالى إلى نبيّه داود عليه السلام : يا داود ، لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا فيصدّك بمكره عن طريق محبتي ، أولئك قطاع طريق عبادي .


    حكمة بالغة وحجة دامغة
    روينا من حديث ابن ثابت قال : ثنا عبد الرحمن بن فضالة ، ثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل ، ثنا أبو مطيع مكحول بن الفضل النسفي قال : قال يحيى بن معاذ الرازي :
    مصيبتان للعبد لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما في ماله عند موته . قال له : ما هي ؟
    قال : يؤخذ منه كله ، ويسأل عنه كله .

    وصية أبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه
    روينا من حديث أبي بكر أحمد بن محمد الماروزي ، حدثنا محمد بن عباس



    “ 246 “


    السامري ، ثنا مؤمن بن إسماعيل ، ثنا عبد اللّه بن أبي حميد ، عن أبي المليح ، أن أبا بكر رضوان اللّه عليه لما حضرته الوفاة أرسل إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فقال :
    إني أوصيك بوصية إن أنت قبلتها عني : إن للّه عز وجل حقا بالليل لا يقبله بالنهار ، وإن للّه حقا بالنهار لا يقبله بالليل ، وإنه عز وجل لا يقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة .
    واعلم أن اللّه عز وجل ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم . فيقول القائل : أين يقع عملي في عمل هؤلاء ؟ وذلك أن اللّه عز وجل تجاوز عن سيّئ أعمالهم ولم يثر به . واعلم أن اللّه عز وجل ذكر أهل النار بأسوإ أعمالهم . ويقول قائل : أنا خير من هؤلاء عملا وذلك أن اللّه عز وجل ردّ عليهم أحسن أعمالهم ، فلم يقبله . ألم تر إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة في اتّباعهم الحق في الدنيا ؟ وثقل ذلك عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا حق أن يثقل .

    ألم تر إنما خفّت موازين من خفّت موازينه في الآخرة في اتّباعهم الباطل في الدنيا ، وخفّ ذلك عليهم ؟ وحق لميزان لا يوضع فيه إلا باطلا أن يخف . ألم تر أن اللّه عز وجل أنزل آية الرخاء عند آية الشدة ، وآية الشدة عند آية الرخاء ، لكي يكون العبد راغبا راهبا ، لا يلقي بيده إلى التهلكة ، ولا يتمنى على اللّه غير الحق .

    فإن أنت حفظت وصيتي ، فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ، ولا بد لك منه . وإن أنت ضيّعت وصيتي هذه فلا يكونن غائب أبغض إليك من الموت ، ولن تعجزه .
    وروينا من حديث محمد بن يوسف بن بشر ، حدثنا الفضل بن العباس بن أبي العباس الزيّات ، ثنا زكريا بن يحيى بن صبيح ، ثنا أبو بكر محمد الواسطي ، ثنا الهيثم بن محفوظ أبو سعد النهدي ، ثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت :


    كتب أبو بكر رضي اللّه عنه وصية :
    بسم اللّه الرحمن الرحيم : هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة ، عند خروجه من الدنيا ، حين يؤول الكافر ، وينتهي الفاجر ، ويصدق الكاذب . إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فإن يعدل فذلك ظني به ، ورجائي فيه ، وإن يجر ويبدّل فلا أعلم الغيب ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .
    قال أبو سليمان : والذي كتب وصية أبي بكر عثمان بن عفان رضوان اللّه عليهم أجمعين .

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 12:15