..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 7

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 14:10

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء السابع
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2

    ومن محاسن المخاطبة
    ما قال عمارة بن حمزة لأبي العباس وقد أمر له بجوهر نفيس : وصلك اللّه يا أمير المؤمنين وبرّك ، فو اللّه لو أردنا شكرك على أنعامك ليقصرنّ شكرنا على نعمتك ، كما قصر اللّه بنا عن منزلتك .


    “ 93 “

    ودخل إسحاق بن إبراهيم الموصلي على الرشيد فقال : ما لك ؟ فقال :
    سوامي سوام المكثرين تجمّلا * ومالي كما قد تعلمين قليل
    وآمرة بالبخل قلت لها اقصري * فذلك شيء ما إليه سبيل
    وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى * ورأي أمير المؤمنين جميل
    أرى الناس خلّان الجواد ولا أرى * بخيلا له في العالمين خليل


    فقال الرشيد : واللّه هذا الشعر الذي صحت معانيه ، وقويت أركانه ومبانيه ، ولذّ على أفواه القائلين ، وأسماع السامعين . يا غلام ، احمل إليه خمسين ألف درهم . قال إسحاق :
    يا أمير المؤمنين ، كيف أقبل صلتك وقد مدحت شعري بأكثر مما مدحتك به ؟ قال الأصمعي : فعلمت أنه أصيد للدراهم مني .

    ودخل المأمون ذات يوم الديوان ، فنظر إلى غلام جميل على أذنه قلم فقال : من أنت ؟ قال : أنا الناشئ في دولتك ، المتقلب في نعمتك ، المؤمّل لخدمتك ، الحسن بن رجاء . فقال المأمون : بالإحسان في البديهة تتفاضل العقول ، يرفع عن مرتبة الديوان إلى مرتبة الخاصة ، ويعطى مائة ألف درهم تقوية له .

    ووصف يحيى بن خالد الفضل بن سهل وهو غلام على المجوسية للرشيد ، وذكر أدبه وحسن معرفته ، فعمل على ضمّه إلى المأمون ، فقال ليحيى يوما : أدخل يوما عليّ هذا الغلام حتى أنظر إليه فأوصله ، فلما مثل بين يديه ووقف تحيّر ، وأراد الكلام فارتج عليه ، فأدركته كبوة ، فنظر الرشيد إلى يحيى نظرة منكرة ، لما كان تقدم به في حقه ، فانبعث الفضل بن سهل فقال : يا أمير المؤمنين ، إن من أبين الدلالة على فراهة المملوك شدّة إفراط هيبته لسيده ، فقال له الرشيد : أحسنت واللّه ، لئن كان سكوتك لتقول هذه إنه لحسن ، وإن كان شيئا أدركك عند انقطاعك لأحسن وأحسن .
    ثم جعل لا يسأله عن شيء إلا رآه فيه مقدما ، فضمّه إلى المأمون .



    المزاح
    روينا من حديث الدينوري ، عن محمد بن المغيرة المازني ، عن خالد بن عمرو ، عن الربيع بن صبح ، عن الحسن قال : المزاح يذهب بالمروءة .
    وأنشد محمد بن المغيرة :
    أخوك الذي إن سؤته قال إنني * أسأت وإن عاتبته لان جانبه



    “ 94 “


    فعش واحدا أو صل أخاك فإنه * مفارق ذنب مرّة ومجانبه
    إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى * ظمئت وأيّ الناس تصفو مشاربه

    بالعدل يكثر الخراج وينمو المال
    روينا من حديث المالكي ، عن إبراهيم الحرّاني ، عن سليمان بن أبي شيخ ، عن صالح بن سليمان قال : قال عمر بن عبد العزيز : لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم ، وما كان يصلح لدنيا ولا لآخرة ، لقد ولّي العراق وهي أوفر ما تكون من العمارة ، فأخسّ بها حتى صيّر خراجها أربعين ألف ألف ، وقد أدى إليّ عاملي هذا منها ثمانين ألف ألف ، وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدي إليّ ما أدّوا إلى عمر بن الخطاب مائة ألف ألف .

    وصية بمكارم الأخلاق ممن بلغت نفسه التراق
    روينا من حديث الدينوري ، عن أبي بكر بن أبي الدنيا ، عن زكريا بن يحيى ، نبأ عمر بن حصين ، عن جدّه حميد بن منهب ، عن جرثم قال : لما حضر أبي أوس بن حارثة الوفاة جمعنا فقال : يا بني ، إني قلت أبياتا فاحفظوها عني :

    لنا خير أخلاق ونحن أعزّة * نعفّ ونأبى أن نذمّ وننصبا
    نجاور أكفانا وننزل بالرّبى * ولأنك عن خير المشاهد غيّبا
    ونجتنب الآفات والإثم كله * ونحمي حمانا رهبة أن نؤنبا
    بذلك أوصانا أبينا وجدّنا * وتحرمنا أحسابنا أن ننوّبا
    فنحن مناجيب لأكرم منجب * وجدّ أبينا كان من قبل منجبا
    وما يبتغي فينا المجاور خيفة * وكلّا ومن زار الصفا والمحصّبا

    ومن حديثه أيضا عن أحمد بن محمد ، أنشدني إسماعيل بن زيد :
    أحبّ الفتى ينفي الفواحش سمعه * كأن به عن كل فاحشة وقرا
    سليم دواعي الصدر لا باسطا يده * ولا ضائقا خيرا ولا قائلا هجرا
    إذا ما أتت من صاحب لك زلّة * فكن أنت محتالا لزلته عذرا
    غنى النفس ما يكفيك من سدّ فاقة * فإن زاد شيئا عاد ذاك الغنى فقرا


    ومما لا بدّ منه ما قال النابغة :
    حسب الخليلين أن الأرض بينهما * هذا عليها وهذا تحتها بالي


    “ 95 “


    ومن باب من طرد فلزم حتى قبل
    أخبرني شيخ بالتنعيم ونحن محرمين نلبّي فقال : جاور هنا شيخ سبعين سنة ما منها حجة يحجها أو عمرة يعتمرها إلا يقال له عندما يقول لبّيك : لا لبيك ، ولا سعديك ، فأحرم معه يوما شاب ، فقال الشيخ : لبيك اللهمّ لبيك ، فسمع الشاب قائلا يقول له : لا لبيك ، فقال له : يا عم ، قد قيل لك لا لبيك ، فبكى الشيخ ، فقال له : يا ولدي أسمعته ؟ قال الشاب : نعم ، فقال له الشيخ : إن لي أسمعه سبعين سنة ، قال له الشاب : ففيم تتعب ؟

    قال : يا بني ، فإلى باب من ألزم ؟ وإلى من أرجع ؟ إنما لي اللزوم والجهد ، وله سبحانه القبول إن شاء ، أو الردّ . يا بني ، لا ينبغي أن يطرده هذا عن باب مولاه ، ولا يحول بينه وبين خدمته .


    وبكى الشيخ حتى جرت دموعه على صدره ، ثم رفع صوته بالتلبية ، فسمع الشاب ذلك القائل يقول له : قد قبلنا إجابتك ، وهكذا فعلنا بكل من حسّن الظن بنا ، مع الاجتهاد في خدمتنا ، ولزوم طاعتنا ، وإيثار ذكرنا على ذكر غيرنا ، لا من يتبع هواه ، ويتمنى علينا الأماني . فقال الشاب : أما سمعت ما ردّ عليك ؟ قال : سمعت ، وعلا نحيبه ، واشتدّ بكاؤه .

    أخبرني عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن حبيب ، عن عبد الغفار بن محمد ، عن ابن أبي الصادق ، عن ابن باكويه ، عن الحسن بن أحمد ، عن محمد بن داود ، عن أبي عبد اللّه الجلّاء قال : كنت بذي الحليفة وشابّ يريد أن يحرم ، فكان يقول : يا رب ، أريد أن أقول لبّيك اللهم لبّيك ، فأخشى أن تجيبني بلا لبّيك ولا سعديك ، يردّد ذلك مرارا .

    ثم قال : لبيك اللهم ، مدّ بها صوته ، وخرجت روحه .في شرف التواضع والعلم ميزان الخشية

    حدثنا أبو محمد بن عبد اللّه ، نبأ علي بن الحسن ، نبأ عبد اللّه بن محمد بن أحمد ، نبأ جدّي أحمد بن الحسين ، أنا أبو بكر بن الحسن القاضي ، أنا أبو جعفر أحمد بن علي بن رحيم ، نبأ محمد بن الحسين بن أبي الحسن ، نبأ سعيد بن منصور ، نبأ الحارث بن عبيد اللّه الإيادي ، عن أبي عمر بن الجوبي ، عن أنس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : “ بينا أنا جالس إذ جاء جبريل عليه السلام فوكز بين كتفيّ فقمت “ ، يعني إلى شجرة “ فيها مثل وكري طائر ، فقعد جبريل عليه السلام في أحدهما ، وقعدت في الآخر ، فسمت وارتقت حتى سدّت الخافقين ، وأنا أقلب طرفي ، فلو شئت أن أمسّ السماء مسست “ .


    “ 96 “


    وفي حديث ابن عطارد : « فلو بسطت يديّ إلى السماء لنلتها . ففتح باب من أبواب السماء ، فرأيت النور الأعظم » .
    قال ابن عطارد : « فدلّى بسبب ، وهبط النور ، فوقع جبريل مغشيّا عليه كأنه خلس ، فعرفت فضل خشيته على خشيتي » .
    وقال أنس : « فضل علمه باللّه عليّ ، وإذا دوني حجاب ، رفرف الدرّ والياقوت » .
    قال ابن عطارد : « فأوحى إليّ نبيّا ملكا ، أو نبيّا عبدا ، فأومأ إليّ جبريل وهو مضطجع أن تواضع ، قلت : لا بل نبيّا عبدا » .
    وقال ابن عباس في حديثه : فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متكئا حتى لقي ربه .
    وخالفهما في المتن بل لم يذكر من الحديث إلا قصة التخيير ، فلعله هذا الحديث أو غيره .
    في قوله تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ

    حدثنا أبو بكر السجستاني ، نبأ علي بن إبراهيم ، نبأ سعد الخير ، عن محمد بن محمد المطرّزي ، نبأ أحمد بن عبد اللّه ، نبأ إبراهيم بن عبد اللّه بن إسحاق ، نبأ محمد بن إسحاق الثقفي ، انا قتيبة بن سعيد ، نبأ رشيد بن سعد ، عن سعيد بن عبد الرحمن المغافري ، عن أبيه ، أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال : ما يبكيك ؟ قال : ذكرت بعض الأمر ، فقال له كعب : أنشدك باللّه لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني ؟ قال : نعم ، قال : أنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة ؟ فقال : يا رب ، إني أجد أمة في التوراة « خير أمة أخرجت للناس يأمر من بالمعروف وينهون عن المنكر » ويؤمنون بالكتاب الأول ، والكتاب الآخر ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلون الأعور الدجّال . قال : فقال موسى : رب اجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد يا موسى ، قال الحبر : نعم .

    قال كعب : فأنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة هم الحمّادون رعاة الشمس المحكمون إذا أرادوا أمرا ؟ قالوا :
    نفعله إن شاء اللّه فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد يا موسى ، قال الحبر : نعم .
    قال كعب : أنشدك باللّه هل في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال :
    رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبّر اللّه ، وإذا هبط واديا حمد اللّه ، الصعيد لهم طهور ، والأرض لهم مسجد ، حيثما كانوا يطهّرون من الجنابة ، طهورهم بالصعيد


    “ 97 “

    كطهورهم بالماء ، حيث لا يجدون الماء ، غرّ محجّلون من أثر الوضوء ، فاجعلهم أمتي .
    قال : هم أمة أحمد يا موسى ، قال الحبر : نعم .
    قال كعب : أنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء ، يرثون الكتاب ، فاصطفيتهم ، فمنهم ظالم لنفسه ، ومنهم مقتصد ، ومنهم سابق بالخيرات ، فلا أجد واحدا منهم إلا مرحوما ، فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد يا موسى ، قال الحبر : نعم .

    قال كعب : أنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى عليه السلام نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد في التوراة أمة ، مصاحفهم في صدورهم ، يلبسون ثياب أهل الجنة ، يصطفون في صلاتهم كصفوف الملائكة ، أصواتهم في صلاتهم كدويّ النحل ، لا يدخل النار منهم أحد إلا من برئ من الحسنات مثل ما برئ الحجر من ورق الشجر ، قال موسى : فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد يا موسى ، قال الحبر : نعم .

    قال كعب : أنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى عليه السلام لما نزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة هم السابقون المشفوع لهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد .

    قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة هم المسبّحون المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يأكلون الفيء فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا همّ أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة وإن عملها كتبت له عشر حسنات فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا همّ أحدهم بسيئة فلم يعملها لم تكتب وإن عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد . قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر فيقتلون قرون الضلالة المسيح الدجّال فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد . قال : قال الحبر : فلما عجب موسى عليه السلام من الخير الذي أعطاه اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم وأمته ، قال : يا ليتني من أصحاب محمد .

    وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : « يا رب ، اجعلني من أمة محمد » . قال الحبر : نعم ، فأوحى اللّه تعالى إليه ثلاث آيات يرضيه بهن : يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ . وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلى قوله : دارَ الْفاسِقِينَ . وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ .



    “ 98 “


    لم يذكر أبو هريرة في حديثه سوى الخصلتين : الرسالة والكلام . وذكره معاوية والسياق من مصاحفهم في صدورهم ، في هذا الحديث إليّ من أصحاب محمد لأبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ذكرناه من رواية محمد بن الحسن ، عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن جبارة بن المفلس ، عن الربيع بن النعمان ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه .

    بلاغة واعتراف

    روينا من حديث أحمد بن داود ، عن المازني ، عن الأصمعي قال : قيل لأعرابي : ما أحسن الثناء عليك ؟ فقال : بلاء اللّه عندي أحسن من وصف المادحين وإن أحسنوا ، وذنوبي إلى اللّه أكثر من عيب الذامين وإن كثروا ، فيا أسفي على ما فرطت في جنب اللّه ، ويا سوأتاه مما قدمت .

    حكمة
    قال ابن داود : قال محمد بن سلام : قال قرشي لحكيم من العرب : علّمني الحلم ، فقال له : إن الحلم هو الذلّ ، فاصبر عليه .

    موعظة
    روينا عن أحمد بن عبّاد قال : أنشدني الرياشي :
    لا يبعد اللّه إخوانا لنا بعدوا * أفناهم حدثان الدهر والأبد
    يمدّهم كل يوم من بقيّتنا * ولا يردّ إلينا منهم أحد


    وروينا من حديث أحمد بن الحسين الأنماطي قال : أنشدنا سعيد الحرميّ ، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أولى بما قال :
    أما القبور فإنهنّ أوانس * بجوار قبرك والديار قبور
    عمّت مصيبته فعمّ هلاكه * فالناس فيهم كلهم مأجور
    ردّت صنائعه إليه حياته * فكأنه من نشرها منشور

    حدثنا أبو بكر السجستاني ، نبأ هبة اللّه بن علي ، نبأ ابن البركات السعيدي ، نبأ محمد بن سلامة ، نبأ أحمد بن محمد بن الحاج ، انا عبد اللّه الفضل بن عبيد الهاشمي ،


    “ 99 “

    حدثنا أبو محمد بكر بن سهل الدمياطي إملاء ، نبأ محمد بن أبي السريّ ، نبأ عبد العزيز بن عبد الصمد ، نبأ أبان بن أبي عياش ، عن أنس بن مالك قال : خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ناقته الجدعاء فقال في خطبته : « أيها الناس ، كان الحق فيها على غيرنا وجب ، وكان الموت فيها على غيرنا كتب ، وكان الذين نشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون ، نبوّئهم أجداثهم ، ونأكل تراثهم ، كأنّا مخلدون بعدهم ، قد نسينا كل واعظة ، وأمنّا كل جائحة ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية ، وخالط أهل الفقه والحكمة ، وجانب أهل الذل والمعصية ، طوبى لمن ذلّ في نفسه ، وحسنت خليقته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، ووسعته السّنّة ولم يعدها إلى بدعة » .

    خبر وحي عيسى عليه السلام

    حدثنا عربشاه بن محمد بن أبي المعالي العلوي التنوخي والخبوشاني كتابة ، ثنا محمد بن الحسن بن سهل العباسي الطوسي ، أنبأنا خالي أبو المحاسن علي بن أبي الفضل الغارمدي ، أنبأنا أحمد بن الحسين بن علي قال : حدثنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو عمر عثمان بن أحمد السماك ببغداد إملاء ، ثنا يحيى بن أبي طالب ، ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي ، ثنا مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال :

    كتب عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إلى سعد بن أبي وقاص وهو بالقادسية أن وجّه نضلة بن معاوية الأنصاري إلى حلوان العراق ، فليغر على ضواحيها ، قال : فوجّه سعد نضلة في ثلاثمائة فارس ، فخرجوا حتى أتوا حلوان العراق وأغاروا على ضواحيها ، فأصابوا غنيمة وسبيا ، فأقبلوا يسوقون الغنيمة والسبي حتى رهقت بهم العصر ، وكادت الشمس أن تغرب ، فألجأ نضلة الغنيمة والسبي إلى سفح الجبل ، ثم قام فأذّن فقال : اللّه أكبر اللّه أكبر ، قال : ومجيب من الجبل يجيبه ، كبّرت كبيرا يا نضلة ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا اللّه ، فقال : كلمة الإخلاص يا نضلة ، ثم قال : أشهد أن محمدا رسول اللّه ، قال : هو الدين ، وهو الذي بشّرنا به عيسى ابن مريم عليه السلام ، وعلى رأس أمته تقوم الساعة ، ثم قال : حيّ على الصلاة ، قال : طوبى لمن مشى إليها وواظب عليها ، ثم قال : حيّ على الفلاح ، قال : أفلح من أجاب محمدا صلى اللّه عليه وسلم وهو البقاء لأمته ، ثم قال : اللّه أكبر اللّه أكبر ، قال : كبّرت كبيرا ، ثم قال : لا إله إلا اللّه ، قال : أخلصت الإخلاص يا نضلة فحرّم اللّه جسدك على النار .

    قال : فلما فرغ من أذانه قمنا فقلنا : من أنت يرحمك اللّه ؟ أملك أنت ؟ أم ساكن من






    “ 100 “



    الجن ؟ أم من عباد اللّه ؟ أسمعتنا صوتك ، فأرنا شخصك ، فإنّا وفد اللّه ، ووفد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ووفد عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ، قال : فانفلق الجبل عن هامة كالرّحاء ، أبيض الرأس واللحية ، عليه طمران من صوف ، فقال : السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ، فقلنا : وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته ، من أنت يرحمك اللّه ؟ قال : أنا رزيب بن برتملة وصي العبد الصالح عيسى ابن مريم عليه السلام ، أسكنني هذا الجبل ، ودعا لي بطول البقاء إلى نزوله من السماء ، فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويتبرّأ مما نحلته النصارى .



    ثم قال : ما فعل النبي صلى اللّه عليه وسلم ؟ قلنا : قبض ، فبكى بكاء كثيرا طويلا حتى خضب لحيته بالدموع ، ثم قال : من قام فيكم بعده ؟ قلنا : أبو بكر ، قال : ما فعل ؟ قلنا : قبض ، قال :

    فمن قام بعده ؟ قلنا : عمر ، قال : إذا فاتني لقاء محمد صلى اللّه عليه وسلم فاقرءوا عمر مني السلام ، وقولوا له : يا عمر سدّد وقراب ، فقد دنا الأمر وأخبروه بهذه الخصال التي أخبركم بها . يا عمر إذا ظهرت هذه الخصال في أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فالهرب الهرب إذا استغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وانتسبوا في غير مناسبهم ، وانتموا إلى غير مواليهم ، ولم يرحم كبيرهم صغيرهم ، ولم يوقر صغيرهم كبيرهم ، وترك الأمر بالمعروف فلم يؤمر به ، وترك النهي عن المنكر فلم ينته عنه ، وتعلّم عالمهم العلم ليجلب به الدنانير والدراهم ، وكان المطر قيظا ، والولد غيظا ، وطوّلوا المنابر ، وفضّضوا المصاحف ، وزخرفوا المساجد ، وأظهروا الرشا ، وشيّدوا البناء ، واتّبعوا الهوى ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستخفّ بالدماء ، وتقطّعت الأرحام ، وبيع الحكم ، وأكل الربا ، وصار التسلّط فخرا ، والقتل عزّا ، وخرج الرجل من بيته فقام إليه من هو خير منه ، وركبت النساء السروج .



    قال : ثم غاب عنّا ، فكتب بذلك نضلة إلى سعد ، فكتب سعد إلى عمر ، فكتب عمر إلى سعد : ائت أنت ومن معك من المهاجرين والأنصار حتى تنزل هذا الجبل ، فإذا ألقيته فأقرئه مني السلام ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : « إن بعض أوصياء عيسى ابن مريم نزل بذلك الجبل بناحية العراق » ، فنزل سعد في أربعة آلاف من المهاجرين حتى نزلوا الجبل أربعين يوما ، ينادي بالأذان في كل صلاة ، لم يتابع الراسبي على قوله ، عن مالك بن أنس ، والمعروف في هذا الحديث مالك بن الأزهر ، عن نافع ، وابن الأزهر مجهول .

    قال الحكم : لم يسمع بذكره في غير هذا الحديث ، والسؤال عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعن أبي بكر هو من حديث ابن لهيعة ، عن ابن الأزهر . وقوله : في زخرفة المساجد وتفضيض المصاحف ليس على طريق الذم ، وإنما هو دلالة على قيام الساعة وفساد الزمان ، كدلالة نزول عيسى وخروج المهدي وطلوع الشمس .






    “ 101 “



    وصية نبوية

    حدثنا محمد بن قاسم ، نبأ هبة اللّه بن مسعود ، نبأ محمد بن بركات ، نبأ محمد بن سلامة بن جعفر ، نبأ هبة اللّه بن إبراهيم الخولاني ، نبأ علي بن الحسين بن بندار ، نبأ إسماعيل بن أحمد بن أبي حازم ، نبأ أبي ، نبأ عمرو بن هاشم ، أخبرني سليمان بن أبي كريمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « يا أبا هريرة ، أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما ، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مؤمنا ، واعمل بفرائض اللّه تكن عابدا ، وارض بقسم اللّه تكن زاهدا » .



    همة شريفة

    روينا من حديث جعفر بن محمد ، عن معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق ، قال :

    كتب عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه إلى بعض عمّاله ممن عزّاه بموت سهيل بن عبد العزيز بن مروان :

    وحسبي حياة اللّه من كل ميت * وحسبي بقاء اللّه من كل هالك



    تنبيه وتعليم من عالم شفيق

    روينا من حديث أبي قلابة ، عن مسلم بن إبراهيم قال : عزّى صالح المري بعض إخوانه فقال له : إن لم تكن مصيبتك أحدثت في نفسك موعظة فمصيبتك بنفسك أعظم .



    وفي هذا المعنى لبعض الشعراء :

    إن لم يكن ما به أصيب جليلا * فذهاب العزاء فيه أجلّ



    تذكرة عاقل وتنبيه غافل

    روينا من حديث ابن أبي الدنيا ، عن عبد اللّه بن محمد قال : قرأت على ركن دار مشيّد :

    لو كنت تعقل يا مغرور مارقات * دموع عينيك من خوف ومن حذر

    ما بال قوم سهام الموت تخطفهم * يفاخرون برفع الطين والمدر

    وأما أنا فمررت بجبّانة فرأيت على قبر مكتوبا :

    يا أيها الناس كان لي أمل * قصّر بي عن بلوغه الأجل








    “ 102 “



    فليتقّ اللّه ربه رجل * أمكنه في حياته العمل

    ما أنا وحدي نقلت حيث تروا * كلّ إلى مثله سينتقل



    ومن حسن العهد ومكارم الأخلاق

    ما روينا من حديث إبراهيم الحربي ، عن عثمان بن محمد الأنماطي ، عن عمرو بن أبي قيس ، قال : خرج عبد اللّه بن جعفر إلى حيطان المدينة ، فبينما هو يسير إذ نظر إلى أسود على بعض الحيطان وهو يأكل ، وكلب رابض بين يديه ، فكلما أخذ لقمة رمى للكلب مثلها ، فلم يزل كذلك حتى فرغ من أكله وعبد اللّه بن جعفر واقف على دابّته ينظر إليه ، فلما فرغ دنا منه فقال له : يا غلام لمن أنت ؟ فقال : لورثة عثمان بن عفان رضي اللّه عنه .

    فقال : لقد رأيت منك عجبا . قال : وما الذي رأيت من العجب يا مولاي ؟ قال : رأيتك تأكل ، وكلما تأكل لقمة رميت للكلب مثلها . فقال له : يا مولاي ، هو رفيقي منذ سنين ، ولا بدّ أن أجعله كأسوتي في الطعام . فقال له : فدون هذا يكفيه . فقال له : يا مولاي ، إني لأستحي من اللّه عز وجل أن آكل وعين تنظر إليّ .

    ثم مضى عنه حتى أتى ورثة عثمان بن عفان ، فنزل عندهم ، فقال : جئت في حاجة .

    فقالوا له : وما حاجتك ؟ فقال : تبيعوني الحائط الفلاني ، فقالوا : قد وهبناك إياه . فقال :

    لست آخذه إلا بثمن ، فباعوه . فقال لهم : وتبيعوني الغلام الأسود ؟ فقالوا له : إن الأسود ربّيناه وهو كأحدنا . فلم يزل بهم حتى باعوه ، فانصرف عنهم . فلما أصبح غدا على الغلام وهو في الحائط ، فخرج إليه فقال : أما شعرت أني قد اشتريتك واشتريت الحائط من مواليك ؟ فقال له : بارك اللّه لك فيما اشتريت ، ولقد غمّني مفارقتي لمواليّ ، إنهم ربّوني .

    فقال له : فأنت حرّ والحائط لك . فقال : إن كنت صادقا يا مولاي فأشهد أني قد أوقفته على ورثة عثمان بن عفان . قال : فتعجّب عبد اللّه بن جعفر منه ، وقال : ما رأيت كاليوم . فقال له : بارك اللّه فيك ، ودعا له ومضى . انتهى .



    ومن باب فضل مواساة أهل البيت وإيثارهم بالنفقة على الحج إلى البيت

    ما حدثناه يونس بن يحيى ، عن محمد بن ناصر ، عن الحسن بن أحمد ، عن أبي الحسن علي بن أحمد الهذلي ، حدثني أبو الحسين بن شمعون أن عبد اللّه بن المبارك قال : كان بعض المتقدمين قد حبّب إليه الحج ، قال : فحدّثت أنه ورد الحاج في بعض السنين إلى بغداد ، فعزمت على الخروج معهم إلى الحج ، فأخذت في كمي خمسمائة






    “ 103 “



    دينار ، وخرجت إلى السوق أشتري آلة الحج ، فبينا أنا في بعض الطريق عارضتني امرأة فقلت : يرحمك اللّه ، إني امرأة شريفة ولي بنات عراة ، واليوم الرابع ما أكلنا شيئا . قال :

    فوقع كلامها في قلبي ، فطرحت الخمسمائة دينار في طرف إزارها ، وقلت : عودي إلى بيتك فاستعيني بهذه الدنانير على وقتك . فحمدت اللّه وانصرفت ، ونزع اللّه عز وجل حلاوة الخروج في تلك السنة ، فخرج الناس وحجّوا وعادوا ، فقلت : اخرج للقاء الأصدقاء والسلام عليهم ، فخرجت ، فجعلت كلما لقيت صديق سلّمت عليه وقلت له : قبل اللّه حجّك وشكر سعيك . يقول لي : وأنت قبل اللّه حجّك . فطال عليّ ذلك ، فلما كان الليل نمت فرأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم في المنام يقول لي : « لا تعجب من تهنئة الناس لك بالحج ، أغثت ملهوفا ، وأغنيت ضعيفا ، فسألت اللّه تعالى فخلق في صورتك ملكا فهو يحجّ عنك في كل عام ، فإن شئت تحجّ إن شئت لا تحجّ » .



    ولمهيار الديلمي في النسيب :

    وبجرعاء الحمى عني فعج * بالحمى واقرأ على قلبي السلاما

    وترحّل فتحدّث عجبا * أن قلبا سار عن جسم أقاما

    قل لجيران الفضا آه على * طيب عيش بالفضا لو كان داما

    حمّلوا ريح الصبا نشركم * قبل أن تحمل شيحا وثماما

    وابعثوا أشباحكم لي في الكرى * إن أذنتم لجفوني أن تناما

    من حجّ من خلفاء بني العباس

    حجّ أبو جعفر المنصور بالناس في سنة 140 ، ثم في سنة 144 ، ثم في سنة 147 ، ثم في سنة 152 ، ثم في سنة 158 ، وتوفي قبل التروية بيومين .

    وحجّ المهدي بالناس في خلافته سنة 160 .

    وحجّ الرشيد في خلافته سنة 170 ، ثم في سنة 173 ، ثم في سنة 174 .



    روينا من حديث ابن ودعان ، عن محمد بن علي بن سليمان ، عن عثمان الدقّاق ، عن إسماعيل بن إسحاق ، عن سليمان بن حرب ، عن حمّاد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطبة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فكان مما ضبطت منها : « أيها الناس ، إن أفضل الناس من تواضع عن رفعه ، وزهد عن غنيه ، وأنصف عن قود ، وحلم عن قدرة . وإن أفضل الناس عبدا أخذ من الدنيا الكفاف ، وصاحب فيها العفاف ، وتزوّد للرحيل ، وتأهب للمسير . ألا وإن أعقل الناس عبد








    “ 104 “



    عرف ربه فأطاعه ، وعرف عدوّه فعصاه ، وعرف دار إقامته فأصلحها ، وعرف سرعة رحيله فتزوّد لها . ألا وإن خير الزاد ما صحبه التقوى ، وخير العمل ما تقدمته النية ، وأعلى الناس منزلة أخوفهم منه » .



    ومن وقائع بعض الفقراء إلى اللّه تعالى

    ما حدثنا عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي قال : قال لي بعض أصحاب أبي مدين :

    رأيت في الواقعة الشيخ أبا مدين ، وهو في قبة من نور ، وقد أحدق المريدون بتلك القبة ، وهم لا يرونه ، فخاطبهم من باطن القبة فقال لهم : من عنده من يراني به فليراني ، فقال له بعض الحاضرين : إني أراك ، فقال : بم رأيتني ؟ فقال له : أمدّ نورك نوري فرأيتك . فقال عند ذلك الشيخ : لا يرى صديقا إلا صديق ، ولا نبيّا إلا نبي ، ولا رسولا إلا رسول ، ولا ملكا إلا ملك . فالمحسوسات لا معنى لها من نفسها ، إذ هي المستمدة من غيرها ، والوقوف مع الأجسام قصور وعيّ ، ولا يرى من ليس كمثله شيء ، فالمحسوسات إنما تواجه من له مكان وجهه ، واللّه سبحانه وتعالى عزّ أن يرى بهذه الصفة ، فنحن في هذه الدار الفانية ، كمثل قواديس السانية ، وأصل الرؤية قوة الإيمان ، وبقدر ما يصحب كل أحد منه يكون العيان ، إذ الحق سبحانه لا يحويه حجاب تعالى عن ذلك ربّ الأرباب ، والحجب صفة البشر ، وبقوة أسرار القلوب وضعفها يكون النظر ، ففي بدائع صنع اللّه ما يعجز الأوهام عن وصفه ، وتكلّ الأفكار عن الإحاطة بكنه علمه .

    فالأرضون وما منها ظلمات ، وإنما أضاءت بنور السماوات ، فما من أرض إلا ولها سماء تحييها بما تنزل عليها من الماء .



    ومن سماعنا على قول الرضي بالقلب :

    ترى النازلين بأرض العرا * ق قد علموا أن وجدي كذا

    دنا طربا والهوى نازح * فيا بعد ذاك ويا قرب ذا



    وسماعنا على قول الأشجع بالسرّ :

    ألا ليت حيّا بالعراق عهدتهم * ذوي غبطة في عيشهم وأمان

    يرون دموعي حين يشتمل الدجى * عليّ وما ألقى من الحدثان

    أمن بئر ميمون تحنّ صبابة * إلى أهل بغداد وتلك أماني

    بعدت وبيت اللّه عمّن تحبّه * هواك عراقيّ وأنت يماني

    إذا ذكرت بغداد لي فكأنما * تحرّك في صدري شياه سنان






    “ 105 “



    ومن سماعنا على قول موسى بن عبد الملك بالنفس والروح ، لما حجّ ووصل إلى الثعلبية اشتدّ شوقه فقال :

    لما وردت الثعلبية * عند مجتمع الرفاق

    وشممت من برد الحجا * ونسيم أنفاس العراق

    أيقنت لي ولمن هوي * ت بجمع شمل واتفاق

    ما بيننا إلا تصرّ * م هذه السبع البواقي

    حتى يطول حديثنا * بصنوف ما كنا نلاقي

    وسماعنا على قول جرير في التوديع بالنفس لا غير :

    أتبعتهم مقلة إنسانها غرق * هل ما ترى تارك للعين إنسانا

    يا حبّذا جبل الريّان من جبل * وحبّذا ساكن الريّان من كانا

    وحبّذا نفحات من ثمانية * تأتيك من قبل الريّان أحيانا

    هل يرجعنّ وليس الدهر مرتجعا * عيش لنا طال ما احلولى وما لأنا



    ورأينا في تراجم الكتب المتقدمة أن اللّه تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام :

    يا ابن عمران ، حبّبني إلى عبادي ، قال : يا ربّ ، كيف أصل إلى ذلك ؟

    فأوحى اللّه تعالى إليه : يا ابن عمران ، ذكّرهم إحساني إليهم ، وعظيم تفضّلي عليهم ، فإنهم لا يعرفون مني إلا الحسن الجميل .

    يشهد لصحّة هذا الخبر إخبار اللّه تعالى لنا في القرآن :

    وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ . جاء التفسير بآلاء اللّه ونعمه ، فكنّى عنها بالزمان الذي أوجدها فيه . المعنى .

    روينا من حديث ابن ماجة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « قال اللّه تعالى لموسى :

    اشكرني حقّ الشكر . قال : ومن يقدر على ذلك ؟

    قال : يا موسى ، إذا رأيت النعمة مني فقد شكرتني » .

    حدثنا محمد بن قاسم من حديث السبع لما ذكر النور الأبهى ، حيث كان الروح القدس الأسنى ، بالمعراج المحمدي الأعلى ، على الرفرف الأنزه الأزهى ، أن عنده بين يديه أو خلفه لا أدري أيّ ذلك .

    قال : صوّر على صور ابن آدم ، فإذا فعل العبد هنا قبيحا تغيّر وجه تلك الصورة الشبيهة به هناك ، فيرسل اللّه سترا بينها وبين تلك الصور ، وإذا فعل العبد هنا حسنة أحسن وجه تلك الصورة الشبيهة به هناك ، فيرفع اللّه الستر بينها وبين سائر الصور ، فتنظر تلك الصور إلى ما أعطيت الصورة من الحسن . قال : وعيادة تلك الصور هناك .






    “ 106 “



    سبحان من أظهر الجميل ، وستر القبيح . وأنشدنا :

    جعلت توسّلي دمعي وذلّي * ومثلي من توسّل بالدموع

    وبالحزن الشديد ووضع خدّي * على أرض التنصّل والخضوع

    عسى المولى يجود بكشف ضرّي * ويقضي بالإنابة والرجوع

    قال ابن عطاء : إذا تنفّس العبد افتقارا وذلا ، هتك بذلك النّفس كل حجاب حال بين سرّه وبين مشاهدة ربه . يؤيد هذا القول في باب المعرفة : من عرف نفسه عرف ربّه .

    قال القائل :

    لبست ثوب الرّحا والناس قد رقدوا * وقمت أشكو إلى مولاي كما أجد

    وقلت يا أملي في كلّ نائبة * ومن عليه لكشف الضّرّ أعتمد

    أشكو إليك ذنوبا أنت تعلمها * ما لي على حملها صبر ولا جلد

    وقد مددت يدي بالذّلّ صاغرة * إليك يا خير من مدّت إليه يد

    فلا تردّنها يا ربّ خائبة * فبحر جودك يروي كلّ من يرد

    وقال الآخر :

    إليك قصدي بفقري لا إلى أحد * فخذ بفضلك من بحر الهوى بيدي

    وانظر إليّ فكم أوليتني حسنا * ما مرّ يوما على بالي ولا خلدي

    يا من أجاب دعائي بعد معصيتي * ومن عليه وإن أخطأت معتمدي

    حكى لنا بعض شيوخنا أن الحسن بن هانئ الشهير بالمعاصي رآه بعض أصحابه في النوم ، وهو على حالة حسنة ، فقال له ، وقد أنكر في نفسه ما رآه من حسن حاله ، مع ما يعرفه من خبث سيرته : ما فعل اللّه بك يا أبا نواس ؟ قال : غفر لي ، وصيّر حالي إلى ما ترى . قلت : فهل تعرف لذلك سببا سوى جوده سبحانه ؟ فقال : يا أخي ، من جود اللّه وعظيم منّته أن وقفني قبل أن يقبضني إلى أبيات عملتها في حالتي بقلب منكسر ، وحسن ظن بمن لجأت إليه في وقت ضرورتي ، فقبل ذلك مني ، وغفر لي . قال : فقلت : أنشدني إياها . قال لي : تراها في تحت وسادتي . فاستيقظت ، وجئت البيت ، واستأذنت ، فرفعت الوسادة التي كانت تحت رأسه ، فإذا بالرقعة تلوح ، فتناولتها ، فإذا فيها :

    يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة * فلقد علمت بأن عفوك أعظم

    إن كان لا يرجوك إلا محسن * فمن الذي يدعو ويرجو المجرم

    أدعوك رب كما أمرت تضرعا * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم

    ما لي إليك وسيلة إلا الرجا * وجميل ظني ثم إني مسلم

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 15:05