زيارة أخيرة لسدرة المنتهى
أ.د. راغب السرجاني
ملخص المقال
كانت هناك زيارة ثالثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء رحلته في الجنة، فما أدلة ذلك؟زيارة أخيرة لسدرة المنتهى
قاربت رحلة المعراج على الانتهاء فكان هذا المشهد!
زيارة ثالثة لسدرة المنتهى
روى الترمذي -وصحَّحه الألباني- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذْ عُرِضَ لِي نَهْرٌ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ، قُلْتُ لِلْمَلَكِ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللهُ. قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى طِينَةٍ فَاسْتَخْرَجَ مِسْكًا، ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المُنْتَهَى فَرَأَيْتُ عِنْدَهَا نُورًا عَظِيمًا"[1].
إننا نلحظ في هذه الرواية الصحيحة أن ذِكْرَ سدرة المنتهى جاء بعد سيره صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ فهذا يحتمل أمورًا عدَّة؛ منها أن تكون سدرة المنتهى -كنهر الكوثر- توجد داخل الجنة؛ وكذلك في السماء السابعة، وتكون هذه الرؤية الجديدة أحد مشاهد الجنة.
ومنها أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رأى صورة أو تجسيمًا لسدرة المنتهى، وقد يُؤَيِّد هذا الأمر قوله: "ثُمَّ رُفِعَتْ لِي..". فكأنها قُرِّبَت له ليراها.
ومنها أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد زارها مرَّة ثالثة بعد انتهاء رحلته للجنة.
وأنا أميل في الواقع إلى أن هذه زيارة ثالثة لسدرة المنتهى؛ لأكثر من سبب:
فأولًا السياق في الحديث يُؤَكِّد على ترتيب الأحداث ترتيبًا تتابعيًّا؛ حيث استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حرف العطف "ثم" ليُؤَكِّد على هذا التتابع.
وثانيًا: لم يَرِدْ أيُّ نصٍّ يُشير إلى أن سدرة المنتهى من أشجار الجنة، فهي في السماء السابعة، وهي محطة مهمَّة لا يتعدَّاها أحدٌ، لا مَلَك ولا روح، ويأخذ عندها الملائكة أمر الله تعالى، ولم يَقُلْ أحد أن هذا يتم في الجنة،
وثالثًا: فإن الله تعالى ذكر في سورة النجم أن جنة المأوى "عند" سدرة المنتهى، ولم يذكر أن السدرة "في" الجنة، قال تعالى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 14 - 15].
ورابعًا: من المنطقي أن تكون هناك محطة انتقالية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء زيارته للجنة، فلا يكون النزول إلى الأرض مباشرة، فكما حدث تمهيد كبير للانتقال من الأرض إلى الجنة؛ وذلك عن طريق الزيارات الكثيرة في السموات السبع؛ فنتوقع أن يكون تمهيد قد حدث كذلك للانتقال من الجنة إلى الأرض، وهذا التمهيد هو زيارة سدرة المنتهى.
وخامسًا: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في هذه المرة عند السدرة شيئًا متجدِّدًا مختلفًا عن المرتين السابقتين؛ ففي المرة الأولى رأى فَرَاشًا من ذهب، وفي الثانية رأى ألوانًا لا يدري ما هي، أما في هذه المرَّة فقد رأى نورًا عظيمًا، وهذه هي طبيعة سدرة المنتهى؛ حيث إن لها في كل زيارة شكلاً مختلفًا، وهذا من الآيات الكبرى التي أشار الله تعالى إليها في سورة النجم، قال تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18]، فهذا كله يدعم أن هذه زيارة جديدة لسدرة المنتهى.
وعلى العموم فقد انتهت زيارة السماء، ورحلة المعراج عند هذا الحدِّ، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أدراجه بصحبة جبريل عليه السلام إلى الأرض، ولم يكن الرجوع إلى مكة مباشرة، إنما كان إلى بيت المقدس أولاً، حيث كان ينتظره هناك برنامج جديد للتكريم!
أ.د. راغب السرجاني
ملخص المقال
كانت هناك زيارة ثالثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء رحلته في الجنة، فما أدلة ذلك؟زيارة أخيرة لسدرة المنتهى
قاربت رحلة المعراج على الانتهاء فكان هذا المشهد!
زيارة ثالثة لسدرة المنتهى
روى الترمذي -وصحَّحه الألباني- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذْ عُرِضَ لِي نَهْرٌ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ، قُلْتُ لِلْمَلَكِ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللهُ. قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى طِينَةٍ فَاسْتَخْرَجَ مِسْكًا، ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المُنْتَهَى فَرَأَيْتُ عِنْدَهَا نُورًا عَظِيمًا"[1].
إننا نلحظ في هذه الرواية الصحيحة أن ذِكْرَ سدرة المنتهى جاء بعد سيره صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ فهذا يحتمل أمورًا عدَّة؛ منها أن تكون سدرة المنتهى -كنهر الكوثر- توجد داخل الجنة؛ وكذلك في السماء السابعة، وتكون هذه الرؤية الجديدة أحد مشاهد الجنة.
ومنها أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رأى صورة أو تجسيمًا لسدرة المنتهى، وقد يُؤَيِّد هذا الأمر قوله: "ثُمَّ رُفِعَتْ لِي..". فكأنها قُرِّبَت له ليراها.
ومنها أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد زارها مرَّة ثالثة بعد انتهاء رحلته للجنة.
وأنا أميل في الواقع إلى أن هذه زيارة ثالثة لسدرة المنتهى؛ لأكثر من سبب:
فأولًا السياق في الحديث يُؤَكِّد على ترتيب الأحداث ترتيبًا تتابعيًّا؛ حيث استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حرف العطف "ثم" ليُؤَكِّد على هذا التتابع.
وثانيًا: لم يَرِدْ أيُّ نصٍّ يُشير إلى أن سدرة المنتهى من أشجار الجنة، فهي في السماء السابعة، وهي محطة مهمَّة لا يتعدَّاها أحدٌ، لا مَلَك ولا روح، ويأخذ عندها الملائكة أمر الله تعالى، ولم يَقُلْ أحد أن هذا يتم في الجنة،
وثالثًا: فإن الله تعالى ذكر في سورة النجم أن جنة المأوى "عند" سدرة المنتهى، ولم يذكر أن السدرة "في" الجنة، قال تعالى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 14 - 15].
ورابعًا: من المنطقي أن تكون هناك محطة انتقالية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء زيارته للجنة، فلا يكون النزول إلى الأرض مباشرة، فكما حدث تمهيد كبير للانتقال من الأرض إلى الجنة؛ وذلك عن طريق الزيارات الكثيرة في السموات السبع؛ فنتوقع أن يكون تمهيد قد حدث كذلك للانتقال من الجنة إلى الأرض، وهذا التمهيد هو زيارة سدرة المنتهى.
وخامسًا: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في هذه المرة عند السدرة شيئًا متجدِّدًا مختلفًا عن المرتين السابقتين؛ ففي المرة الأولى رأى فَرَاشًا من ذهب، وفي الثانية رأى ألوانًا لا يدري ما هي، أما في هذه المرَّة فقد رأى نورًا عظيمًا، وهذه هي طبيعة سدرة المنتهى؛ حيث إن لها في كل زيارة شكلاً مختلفًا، وهذا من الآيات الكبرى التي أشار الله تعالى إليها في سورة النجم، قال تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18]، فهذا كله يدعم أن هذه زيارة جديدة لسدرة المنتهى.
وعلى العموم فقد انتهت زيارة السماء، ورحلة المعراج عند هذا الحدِّ، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أدراجه بصحبة جبريل عليه السلام إلى الأرض، ولم يكن الرجوع إلى مكة مباشرة، إنما كان إلى بيت المقدس أولاً، حيث كان ينتظره هناك برنامج جديد للتكريم!
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin